Flag Counter

Flag Counter

Thursday, October 23, 2014

كيف ساهمت نظريات ماريون هوبرت(الملك) في تحويل النفط من مجرد سلعة إلى سلاح إقتصادي قاتل؟

كنت قد تكلمت سابقا حول نظرية (Neo-Malthusianism) للسيطرة على النمو في عدد السكان والتي بنى حولها ماريون(الملك هوبرت) نظريته المتعلقة بذروة الإنتاج النفطي ولكنها لم تكن الأولى ولن تكون الأخيرة من النظريات التي يسخرها ماريون في خدمة شركات النفط ومصالح الطبقة العليا. ماريون كان شخصية مثيرة للفضول وغريب الأطوار حيث أنه خلال الأزمة المالية سنة ١٩٢٩ ومرحلة الكساد الإقتصادي التي تلتها فقد كان مؤيدا لنظرية متعلقة بنظام مالي جديد يكون مرتبطا بشكل ما بنظرية (Neo-Malthusianism) التي إعتمد عليها في إخراج مفهوم الذروة النفطية إلى حيز الوجود.
بما أن وحسب نظرية ماريون الجديدة فإن النظام المالي القائم بشكل أساسي على الفائدة المركبة قابل للنمو المستمر بينما النفط محدود غير متجدد فقد قام بإقتراح بديل قائم على مجتمع إقتصادي تكون نوعية الحياة فيه قابلة للتحكم فيها عن كمية الطاقة المتوفرة للإستهلاك وليس النقود. وبما أن العالم بأكمله وليس فقط الولايات المتحدة مقبل على زمن تتناقص فيه كميات النفط المتوفرة فإنه يتوقع أن نوعية الحياة وجودتها سوف تعاني إنحدرا تدريجيا.
قام ماريون بتقديم نظريته للعالم سنة ١٩٣٨ حين كان عضوا في جمعية تماثل  بنيتها تلك التي تمتلكها الطوائف الدينية وتدعى (technocracy incorporated) وأثيرت حولها الكثير من التسائلات كونها تقدم نفسها أنها مشكلة من الخبراء الذي يعرفون مصلحة المجتمعات البشرية أكثر من الأشخاص العاديين وأن وسائل السيطرة على المجتمعات هي الوحيدة التي يمكن أن تحل المشاكل التي يمر بها العالم.
ولكن كيف يكون التطبيق العملي لنظرية ماريون؟
تتلخص نظريته بإصدار شهادات طاقة لعامة السكان وتسمح لحاملها بإستهلاك كمية من الطاقة تعادل كمية الطاقة المستهلكة في إنتاج سلع وخدمات قام ذالك الشخص بها بالمساهمة في إنتاجها خلال الفترة الزمية التي تغطيها الشهادة. مما يعني أنه لأي فرد الحق في إستهلاك كمية من الطاقة تساوي كمية الطاقة المستهلكة في إنتاج سلع وخدمات قام ذالك الشخص بإنتاجها أو تساوي كمية مساهمته في إنتاجها خلال تلك الفترة الزمنية.
تمت مكافئة ماريون(الملك هوبرت) حيث انه بعد إنتهاء عمله مع الهيئة الأمريكية الفيدرالية للحرب الإقتصادية سنة ١٩٤٣, فقد إنضم للعمل في شركة شيل(Shell) كخبير جيو-فيزياء(Geophysics) وتم إنتخابه لعضوية الأكاديمية الأمريكية للعلوم والفنون. وفي سنة ١٩٥٩ تم منحه ميدالية من جمعية الجيولوجيين الأمريكيين الذي تولى رئاستها سنة ١٩٦٢ مما منح نظريته بخصوص ذرة الإنتاج النفطي إحترما ومصداقية.
إن ذروة الإنتاج النفطي كما توقع ماريون(الملك هوبرت) حلت في الولايات المتحدة سنة ١٩٧٠ ولكن لأسباب لاعلاقة لها بنظرياته العجيبة وخصوصا عن الأصل الذي تكون منه النفط. الإنتاج هبط من ١١.٣ برميل في اليوم إلى ١٠.٥ مليون برميل في اليوم لأسباب لها علاقة بإغراق السوق الأمريكي بنفط الشرق الأوسط الرخيص الثمن مما أدى إلى إفلاس عدد كبير من شركات النفط الصغيرة والمتوسطة. صادرات الولايات المتحدة النفطية قد إزدادت من ٢٣% إلى ٣٦% من مجمل إستهلاكها من النفط لنفس الفترة الزمنية. كما أن المعاملة الضريبية التفضيلية للشركات المستوردة لنفط الشرق الأوسط الرخيص قد جعلتها أكثر قدرة على المنافسة من شركات النفط المحلية وذالك زاد من عمق المشكلة.
قامت لجنة المشاريع التجارية الصغيرة في مجلس الشيوخ الأمريكي سنة ١٩٥٢ بنشر تقرير لها بعنوان(إحتكارات النفط الدولية). التقرير إتهم الأخوات السبعة بإحتكار ٨٨% من إحتياطات النفط خارج الولايات المتحدة والإتحاد السوفياتي وكذالك سياسة التحكم بالأسعار بالإتفاق فيما بينها لإبقائها مرتفعة بما يحقق لتلك الشركات أرباحا طائلة. الإخوات السبعة هم عبارة عن شركة نفط بريتش بيتروليم(BP) والتي كانت تسمى سابقا(Anglo - Iranian), رويال دتش شيل(Royal Dutch Shell), ستاندردز أوف نيوجيرسي(Standards Of New Jersey - Exxon), ستاندردز أوف نيويورك(Socony Mobil), شركة نفط الخليج(Gulf Oil), تيكساكو(Texaco) بالإضافة إلى شركة ستاندردز كاليفورنيا(Socal - Chevron).
كانت تلك الشركات إما أنها مملوكة بالكامل لأسرة روكفيلر أو أن الأسرة لها حصص مؤثرة فيها وكان لديها من النفوذ مايمكنها من إيصال أشخاص معينين لمناصب في الحكومة الأمريكية بما يضمن مصالح تلك الشركات. كمثال على نفوذ تلك الشركات النفطية فقد تم تعيين جون فوستر دالاس سنة ١٩٥٢ كوزير للخارجية من قبل إدارة الرئيس دوايلات أيزنهاور وتم تعيين أخيه ألان دالاس كمدير لوكالة المخابرات المركزية الأمريكية بالإضافة إلى أن أحد الأخوين, لست متأكدا أيهما, متزوج من أسرة روكفيلر.
من أوائل أعمال الأخوين دالاس هو تدبير إنقلاب إيران-١٩٥٣ ضد رئيس الوزراء المنتخب محمد مصدق والتهمة العلنية هي الشيوعية بينما كل ذنب مصدق أته قام إثر تصويت البرلمان الإيراني بتأميم صناعة النفط في إيران بعد رفض الشركات النفطية البريطانية زيادة حصة الحكومة من عائدات بيع النفط. وفي سبيل تحقيق ذالك فقد قام الأخوان عن طريق وكيلهما كيرميت روزفلت برشوة رجال دين, مؤسسات مجتمع مدني, أشخاص عاديين, إنتهازيين, مجرمين للقيام بمجموعة من الأعمال التحريضية منها مهاجة الحوزات الدينية ومنازل رجال الدين على أنهم شيوعيون يرتدون ملابسهم ويستخدمون مصطلحاتهم مما أدى إلى زيادة غضب رجال الدين الغاضبين أصلا بسبب علمانية نظام الشاه.
الوضع بالنسبة لتقسيم الكعكة النفطية الإيرانية قد تغير بعد الإنقلاب حيث كانت السيطرة لشركة النفط الأنجلو-إيرانية أو مايعرف الأن ببريتش بتروليوم منذ سنة ١٩٠٨ ولكن الأن إثر الإنقلاب على مصدق فإن الحصة توزعت٨% لكل شركة من شركات روكفيلر الخمسة والتي كانت تشكل (Standard Oil Trust) بما مجموعة ٤٠%, نسبة ٤٠% لشركة النفط البريطانية, ١٤% لشركة شل(Shell) و٦% لشركة النفط الفرنسية (CEP).
الإنقلاب المدبر في إيران كان رسالة لدول أخرى بالعواقب المترتبة ليس فقط على تأميم المصالح النفطية الأجنبية بل كل الشركات والمصالح الأجنبية. إن ذالك التغيير في السياسة الأمريكية والمتعلقة بالأمن القومي الأمريكي والمرتبطة بمدى توفر الخامات الضرورية منها النفط قد شهدت تغيرا كبيرا في الفترة التي تلت إنتخاب أيزنهاور مقارنة بالفترة التي سبقتها من إعطاء الأولوية للإستيراد على تحقيق الإكتفاء الذاتي من الإنتاج المحلي خصوصا في مجال النفط.
شركات النفط الأمريكية والمتحالفة معها كانت تحقق بفضل الإعفائات الضريبية الحكومية والقوانين التي تسمح لها بتحديد الأسعار مرابح خيالية قد تصل إلى ١٢٠٠% حيث كان يتم شراء النفط بسعر ٢٠ سينت وبيعه بسعر لايقل عن ٣ دولارات للبرميل. السلعة الوحيدة التي كانت أرباحها تنافس تجارة النفط في ذالك الوقت هي الهيروين الذي يتم تهريبه من لاوس وبورما.
إن الإنتقال من مرحلة الإعتماد على الإنتاج المحلي من النفط إلى مرحلة الإعتماد على الإستيراد قد جاء مترافقا مع زيادة التواجد العسكري الأمريكي في المنطقة حيث نجحت الألة الإعلامية الجبارة التابعة لمؤسسات روكفلر بإقناع الرأي العام بأن ضمان الأمن القومي للولايات المتحدة لن يتحقق إلا بالسيطرة على حقول نفط الشرق الأوسط.
المسرح الأن أصبح جاهزا لأحد أكثر عمليات التلاعب والإحتيال خداعا والمتعلقة بكيفية الإستفادة من الإرتفاع المتوقع بنسبة ٤٠٠% لأسعار النفط وهي التي تم إتخاذ أول خطوة نحو تحقيقها بإجتماع سري للغاية عقد في جزيرة سويدية منعزلة وشاركت فيه مجموعة من كبار المصرفيين وأصحاب شركات النفط. ذالك الإجتماع كان سوف يترجم عن خطوات عملية وتطبيقية كأول إستخدام للنفط كسلاح من أسلحة الحروب الناعمة, النفط كسلاح للتغيير.
مع تمنياتي للجميع بدوام الصحة والعافية
النهاية








No comments:

Post a Comment