Flag Counter

Flag Counter

Wednesday, October 8, 2014

ماهو تأثير تزايد معدل الإستهلاك الداخلي في الدول المنتجة للنفط على صادراتها النفطية؟


يعد الطريق السريع (I-405) أحد أكثر الطرق إشغالا في أمريكا إذا يتكون من ١٢ تفرعا تفضي إلى مدينة لوس أنجيلوس ومنطقة شمال كاليفورنيا, وتمر عليه ٤٠٠ ألف سيارة يوميا يعني تقريبا ٣ ملايين سيارة أسبوعيا, ١٤٥ مليون سيارة سنويا مع العالم أن هاذا الطريق هو جزء بسيط من شبكة الطرق المعبدة في أمريكا التي تبلغ ٢.٧ مليون كيلومتر وتعد الأطول في العالم. لقد ذكرت لكم تلك الإحصائية لتتخيلوا معي كم تحرق من الوقود تلك السيارات العاملة على طريق واحد من أكثر الطرق إشغالا في الولايات المتحدة ولماذا تعد الولايات المتحدة أكثر دولة في العالم إستهلاكا للوقود.

إن إستهلاك الولايات المتحدة لكميات هائلة من الوقود هو مايجعل الولايات المتحدة حساسة بخصوص العوامل التي تؤثر على تزويدها بالطاقة وأيضا على أمن البلدان التي تعد مزودة للولايات المتحدة بالنفط ومشتقاته. ولكن من الآن فصاعدا فإن على الولايات المتحدة أن تكون أكثر قلقا لظهور منافس قوي لها في إستهلاك النفط ومشتقاته وهو الصين حيث أنفقت في السنوات الخمس الماضية ٧٠٠ مليار دولار على البنية التحتية المتعلقة بالنقل مما يعد ضعف ما أنفقته الولايات المتحدة لنفس الفترة. إن بناء ١٢ طريق سريع على مستوى الصين تم إنجازها مؤخرا في فترة زمنية قياسية ١٣ سنة قبل التاريخ الفعلي المخطط لإكمالها يعد إنجازا ضخما بكل المعايير. ليس هاذا فقط بل أن شبكة الطرق الفرعية في الصين والتي تعد تم بنائها في فترة عشرة سنين الماضية تتجاوز ضعفي ماهو موجود في الولايات المتحدة نفسها والتي إستغرقت لبنائها ثلاثة عقود.
إن بناء تلك الشبكة الهائلة من الطرق مع مخططات مستقبلية لزيادتها للمساعدة في إنسيابية الحركة على الطرقات سوف يشجع المزيد من المواطنين في الصين على إقتناء سيارة أو أكثر مما يعني زيادة الطلب على وقود السيارات. إن ذالك يعد عامل قلق للولايات المتحدة والمخططين الإستراتيجيين لسياستها لأن ذالك يضعهم في مواجهة مباشرة مع الصين التي سوف تكون أعين حكامها على النفط الكامن تحت رمال الشرق الأوسط وبالذات دول الخليج العربي.
إن بريطانيا لم تكن أبدا مترددة في حماية مصادر إنتاج النفط منذ تسجيل أول إكتشاف تجاري سنة ١٩٠٨ حيث عملت الحكومة البريطانية على ضمان سيطرتها على الشركة بشراء حصة ٥١% بمبلغ ٢.٢ مليون جنيه إسترليني. وقد عملت بريطانيا على تدبير الإنقلابات العسكرية في بلدان مختلفة مثل إيران في سبيل حماية مصادر الطاقة الحيوية بالنسبة لها والتي إزدادت أهمية بعد الجهود لتحويل تشغيل سفن البحرية الملكية البريطانية من الفحم إلى النفط. كما عملت بريطانيا على حماية أنظمة تتهمها بإنتهاك حقوق الإنسان في سبيل ضمان تدفق النفط بينما كانت الحكومة البريطانية تقوم بالترويج لموضوع حقوق الإنسان وتستغل ذالك كورقة ضغط على الأنطمة التي تتسبب في خلل في إمدادات النفط.
ولكن تغيير الأنظمة ليس دائما يأتي بنتائج إيجابية بخصوص تدفق إمدادات النفط سواء كان ذالك التغيير تقف خلفه أيادي أجنبية أم أنه نابع من عوامل داخلية, إيران نموذجا. فقد كانت إيران قبل الثورة التي أسقطت نظام الشاه تنتج ٦ ملايين برميل من النفط يوميا والآن لا تكاد تصل الكمية المنتجة إلى ٤ ملايين رغم مرور كل تلك السنين. العراق نموذج آخر حيث كان ينتج ٣.٥ مليون برميل من النفط يوميا قبل الغزو الأمريكي للعراق والذي كان هدفه الخفي هو النفط وتم إستخدام كذبة إمتلاك العراق لأسلحة الدمار الشامل كذريعة وغطاء, ولكن إنتاج النفط في العراق رغم مرور كل تلك الفترة منذ إسقاط نظام الرئيس العراقي صدام حسي أقل من التوقعات بمقدار ٥٠٠ ألف برميل وأقل بكثير من الأهداف المعلنة للحكومة العراقية بوصول الإنتاج إلى سقف ١٢ مليون برميل بحلول عام ٢٠١٧. إن من يشكك بالأهداف الحقيقية من وراء الغزو الأمريكي للعراق عليه أن يسأل نفسه لماذا كان مبنى وزارة النفط وليس وزارة الدفاع مثلا هو أول مبنى سيطرت عليه القوات الأمريكية قبل أي مبنى أو منشأة أو مؤسسة في العراق؟
إن الشركات النفطية الكبرى مثل بريتش بيتروليوم, شيل, إكسون تمتلك وبعقود لمدة عشرين عاما نصف إحتياطي العراق من النفط والذي يقدر ١١٢ مليار برميل.
الدول الغربية شكلت نوعا من العلاقة التكافلية مع دول الخليج العربي ولذالك فإن أكثر ما يقلق أمريكا هو إضطرابات دولية أو إقليمية تؤثر على المملكة العربية السعودية التي تعد من أكبر مصدري النفط لأمريكا مما سوف يرفع بالتأكيد سعر النفط أكثر مما هو مرتفع حاليا.
إن أحد أكبر التحديات الذي تواجهها دولة مثل السعودية تتعلق بالسوق الداخلية لإستهلاك النفط حيث أنه لتر الوقود في السعودية سعره يعادل ١٢ سنت أمريكي, أرخص من تكلفة زجاجة مياة معدنية معبئة, الإبقاء على دعم الوقود يشكل أولوية للحكومة السعودية والغرب ليس مهتما بكمية إنتاج النفط في أي بلد, وهاذا كلام قد يكون مفاجئا للبعض فبماذا إذا يهتم الغرب؟
إن الغرب يهتم بالكمية المخصصة للتصدير فماذا تستفيد دولة مثل أمريكا إن أنتجت السعودية ١٥ مليون برميل من النفط يوميا ولم تصدر منها سوى مليون برميل؟ السعودية صدرت ٧.٥ مليون برميل من النفط سنة ٢٠٠٥ ولكن تلك الكمية إنخفت إلى أقل من  ٦ ملايين برميل سنة ٢٠١٠ حيث هناك توقعات بخصوص أن السعودية تقترب بخطى متسارعة من التحول لدولة مستوردة للنفط وأن أمريكا سوف تتحول لدولة مصدرة للنفط وخصوصا أن أمريكا إعتمدت على إستيراد النفط الرخيص من الشرق الأوسط والخامات الرخيصة من أفريقيا مما سمح لها بالإبقاء على ثرواتها الداخلية في باطن الأرض وبإحتياطيات ضخمة. إن تلك النقطة بالذات قد رددت عليها تفصيليا (الأثار المترتبة على تحقيق الولايات المتحدة الإكتفاء الذاتي من النفط) وموضوع (هل سوف تقوم الولايات المتحدة بالتخلي عن إنتاج الإيثانول-٨٥ سنة ٢٠١٤) وذكرت أنها برأي تستخدم لأغراض سياسية بحتة وأن المعركة إعلامية على صفحات الجرائد مجرد تضخيم وتهويل إعلامي.
فالدول الغربية تعلم قبل عليها أن عليها أن لا تتفائل في حال أعلنت الدول المصدرة للنفط (أوبك) زيادة إنتاجها النفطي لأن نسبة كبيرة منه قد تكون مخصصة للإستهلاك الداخلي.
إن الوقود الرخيص ليس هو الرفاهية الوحيدة التي يتمتع بها المواطن السعودي مقارنة بغيره من البلدان فأسعار إستهلاك الكهرباء والمياه في السعودية تعد من الأرخص عالميا مما يعد مشجعا على الإستهلاك. في بلد مثل الدانيمرك تقوم الحكومة بفرض أسعار عالية لإستهلاك الكهرباء والمياه حتى تشجع المواطنين على الحد من إستهلاكها كما تقوم بمحاولة الإستثمار في مصادر بديلة للطاقة مثل الرياح وأمواج البحر وهي حققت نجاحا لافتا حيث أن نسبة لا بأس بها من إستهلاك الكهرباء في الدانيمرك وخصوصا المنزلي تتأتى من مصادر الطاقة البديلة. في السعودية فإن الحكومة توفر الدعم لوقود السيارات كما توفره لإستهلاك الكهرباء والماء, مليون برميل تقريبا تذهب لإستهلاك الطاقة في محطات تحلية المياه التي تعتمد عليها السعودية لتوفير المياه الصالحة لإستهلاك السكان. إن أكثر من ٧٠% من إستهلاك المياه الصالحة للشرب في السعودية مصدره محطات التحلية.
في السعودية كما في الكثير من دول العالم العربي لا يوجد شيئ إسمه ثقافة الطاقة البديلة حيث يمكن مثلا توليد كميات هائلة من الطاقة الشمسية والطلب على الطاقة داخليا ينمو في دولة مثل السعودية بمعدل ١٠% ويتوقع أن يبلغ ٦٨٠٠٠(ألف) ميجا وات والسعودية لا تعتمد على الفحم الحجري الذي لا ينتج أصلا فيها وإمكانية بناء السدود لتوليد الطاقة لاتتوفر عنها دراسات مفصلة تبين إمكانياتها المستقبلية. الرئيس التنفيذي لشركة أرامكو حذر في سنة ٢٠١٠ من وصول معدل الإستهلاك الداخلي للنفط إن بقي دون سيطرة بترشيد الإستهلاك إلى ٨.٥ مليون برميل يوميا وهاذا مزعج لأنه يقترب من الإنتاج الفعلي اليومي من النفط وقد لا يبقى نفط لتصديره.
تحديات عديدة تواجهها ليس فقط السعودية بل دول منظمة الأوبك والتي بدأ تثير إنتباه الغرب وإهتمامه وهي ليست متعلقة بكمية الإنتاج بل نسبة مايتم تصديره من ذالك الإنتاج. إن توفر النفط وأسعاره هو أولوية بالنسبة للدول الغربية حين يتعلق الأمر بالحديث عن النهوض الإقتصادي, فكيف سوف يتم ذالك بدون توفر النفط وبأسعار معقولة هاذا إن توفر أصلا؟
شكرا لمروركم وتفاعلكم
الرجاء التكرم بزيارة رابط الموضوع في مدونة علوم وثقافة ومعرفة
http://science-culture-knowledge.blogspot.ca/2014/10/blog-post_8.html




No comments:

Post a Comment