لن نستطيع الخوض في في أي موضوع له علاقة بالنفط وإنتاجه وإنخفاض أسعار أو إرتفاعها بدون خلفية تاريخية مختصرة عن أسرة روكفلر التي تسيطر حتى يومنا هاذا على كبريات شركات النفط وتتحكم بالأسعار وتستخدم النفط كسلاح صامت للتحكم في مصير الشعوب, وكيف تم تأسيس شركة ستاندرز أويل ترست(Standard Oil Trust) والتي تعد مركز قوة أسرة روكفلر.
إن شركة ستاندرز أويل ترست(Standard Oil Trust) شكلت بحلول سنة ١٩٥٠ تحالف مصالح للسيطرة على النفط والتحكم بأسعاره مع حفنة من كبريات شركات النفط خصوصا البريطانية والهولندية. أسرة روكفلر ممثلة بشركة ستاندرز أويل ترست(Standard Oil Trust) كانت تملك حصصا مؤثرة في كبرى شركات النفط الدولية والتي تتخذ من الولايات المتحدة مركزا رئيسيا لعملياتها وهي; شركة(Standard Oil Of California - Chevron) وشركة(Standard Oil Of New Jersey - Exxon) وشركة(Standard Oil of New York - Socony later called Mobile).
بحلول سنة ١٨٨٢ كانت عائلة روكفلر تسيطر على ٩٥% من النفط في الولايات المتحدة وذالك بمساعدة عائلة روتشيلد وقاموا بتأسيس مؤسسة ستاندرز أويل ترست(Standard Oil Trust) في الولايات المتحدة إلا أن قرارا من المحكمة العليا في ولاية أوهايو صدر بحل هذه المؤسسة الإحتكارية فقامت الأسرة بنقل نشاطها النفطي إلى ولاية نيويورك وغيرت إسم الشركة إلى (Standard Oil Of New Jersey) والتي تغير إسمها فيما بعد إلى (Exxon). وفي سنة ١٩١١ صدر قرار من المحكمة الأمريكية الإتحادية العليا بحل تلك المؤسسة الإحتكارية متهما إياها بالتأمر على سلامة الولايات المتحدة.
تمكنت أسرة روكفيلر من التحايل على قرار الحل سنة ١٩١١ بتأسيس عدة شركات إحتكارية وإزدادت ثروة الأسرة بإمتلاكها حصصا في العديد من الشركات التي كانت تستخدم كواجهة لتقوم بشراء أو إمتلاك حصص في شركات نفط لمصلحة أسرة روكفلر بدون لفت أنظار السلطات.
كانت إمبراطورية روكفيلر تدار من قبل أربعة إخوة أصغرهم ديفيد روكفيلر والذي تفرغ لإدارة بنك الأسرة(Chase National Bank) والذي برز كثاني أكبر بنك دولي في مدينة نيويورك حيث كانت تدار من خلال المصالح والتعاملات المالية لشركة(Standard Oil Trust).
الأخ الثاني نيلسون تولى عددا من المناصب الحكومية المؤثرة منها مستشار الرئيس فرانكلين . د . روزفلت لشؤون أمريكا اللاتينية كما خدم كمستشار للرئيس هاري . س . ترومان والرئيس دوايت أيزنهاور كمتخصص في الحرب النفسية حيث ساهم في إدارة دفة الصراع خلال الحرب الباردة مع الإتحاد السوفياتي.
الأخ الثالث جون . د الذي لعب دورا مهما في مستقبل اليابان خلال فترة مابعد الحرب العالمية الثانية وتولى مسؤولية برنامج أمريكي له علاقة بتحديد النسل عالميا. كما أنه تولى مسؤولية صندوق الإخوة روكفيلر ومؤسسة روكفيلر حيث كانت لمنح الصندوق المخصصة للأبحاث العلمية حول العالم مساهمة في تشكيل مستقبل تلك الأبحاث بما يخدم المصالح الخاصة لشركات روكفيلر.
الأخ الرابع لورنس والذي كان الأكثر مبادرة من بين الإخوة الأربعة في إنشاء المشاريع التجارية والمصالح منها شركة طيران وشركات مالية وعدد من المؤسسات الأخرى.
نفوذ أسرة روكفيلر لم يكن يتمدد بفضل ملكيتهم فقط لشركة (Standard Oil Trust) بل كانوا يملكون حصصا مساهمة ومؤثر بشركات ومكاتب الصناعات الدفاعية أو التي لها إستخدام عسكري مثل ديو-بونت, جينرال إليكتريك وروكويل الصناعية وغيرها من الشركات والمكاتب.كما أن نفوذ الأسرة قد إمتد إلى مايسمى معاهد رسم السياسات الأجنبية(Think Tank) حيث أن أحدها وهو معهد السياسات الخارجية(CFR) قد كان مسؤولا عن وضع الخطوط العريضة لبنود معاهدة فرساي والتي تم توقيعها إثر إنتهاء الحرب العالمية الأولى.
الشخصين الأكثر تأثيرا خلال إدارة الرئيس الأمريكي أيزنهاور وهما الأخوين ألين دالاس وجون فوستر دالاس قد قاما ببناء حياتهما المهنية من خلال العمل ضمن إمبراطورية روكفيلر. الأول تولى منصب مدير المخابرات المركزية الأمريكية والثاني سكرتير الحكومة وهو منصب يعادل وزير الخارجية في بعض الدول والأخوين الإثنين كانا وراء تدبير عدد من الإنقلابات في دول أمريكا اللاتينية والتي قامت بتأميم مصالح أمريكية كان منها أراضي عائدة لشركة الفواكه المتحدة المملكوكة للأخوين دالاس.
كانت مجموعة شركات روكفلر النفطية قد تمكنت بحلول سنة ١٩٥٠ بالإضافة إلى نسج تحالفات إستراتيجية وعلاقات تجارية مع شركات أخرى وإمتلاك حصص مؤثرة في العديد من المؤسسات والشركات بالإضافة إلى ترابط داخلي بينها وبين دولة الأمن القومي الصاعدة أو مايعرف بإسم الدولة البوليسية, الشرطي العالمي. الألة العسكرية المتنامية للبنتاجون جعلته من أكبر زبائن شركات روكفيلر النفطية حيث كانت شركات النفط ومازالت إلى يومنا هاذا تعامل تماما كالبقرة المقدسة في الهند, ممنوع إيذائها, حيث أنه من الممنوع والمحرم المساس بمصالح الشركات النفطية التي تهمين عليها أو تمتلكها أسرة روكفيلر على وجه الخصوص. فالنفط كان مهما جدا بالنسبة للأمن الإقتصادي للولايات المتحدة ليتم التحكم فيه من السوق الحرة أو قوانين مكافحة الإحتكار ومنع تحديد الأسعار(Price-Fixing Cartels).
سنة ١٩٤٨ قامت مؤسسة روكفيلر وبناء على توصية مهندسين مختصين بما يعرف بالعلوم الإجتماعية وكيفية التحكم بالجماهير واسلوب حياتها بمنح عالم الإقتصاد في جامعة هارفارد واسيلي ليونتيف منحة بمبلغ ١٠٠ ألف دولار, وهو مبلغ كان يعد كبيرا نسبيا بذالك الوقت. هدف المنحة هو إجراء دراسات وأبحاث على كيفية تحويل النفط إلى وسيلة للسيطرة الإجتماعية حيث تم إختبار تلك الوسائل على الشعب الأمريكي ثم تم تعميمها لاحقا لتشمل مجمل الإقتصاد العالمي.
ولكن من هو واسيلي ليونتيف؟
هو إقتصادي من أصل روسي هاجر إلى الولايات المتحدة خلال دراسته الجامعية وقام بتأسيس مشروع أو قسم للأبحاث الإقتصادية في جامعة هارفارد مباشرة بعد الحرب العالمية الثانية. هدفه كان تطوير نموذج إقتصادي دقيق وديناميكي مرن بالإعتماد على بيانات المدخلات والمخرجات الصناعية.
وقد ساهمت لاحقا وكالة المخابرات المركزية الأمريكية بتمويل أبحاث واسيلي والتي كانت طموحة وتم لأول مرة إستخدام أجهزة الكمبيوتر الرقمية أي بي إم(IBM) المتطورة[بمعايير ذالك الزمان] في تحليل ودراسة متغيرات إقتصادية معقدة. نتائج تلك الأبحاث كانت ذات قيمة كبيرة لمن قاموا بتمويلها[مؤسسة روكفيلر] حيث أنه أصبح بمقدورهم توقع متى يكون النمو الإقتصادي مهددا لمصالحهم ومتى يكون عكس ذالك.
إن أصل الفكرة التي عمل على تطويرها ليونتيف جائت من خلال مايعرف عمليات الأبحاث وهي التي تم إستخدامها خلال فترة الحرب العالمية الثانية من قبل الجيش الأمريكي وتتمحور حول الطاقة وكيفية ترشيد إستخدامها بالطريقة المثلى من خلال دراسة مايحصل في اليابسة والبحر والسماء[العمليات البرية والبحرية والجوية] وتم تطويرها لتشمل نواحي حياتية وإقتصادية مختلفة بما يخدم مصالح مؤسسة روكفيلر وخصوصا في مجال الطاقة.
مع تمنياتي للجميع بدوام الصحة والعافية
النهاية
No comments:
Post a Comment