لا أبالغ إن كتبت أن جميع عمليات التقسيم والتجزئة والفتن والاضطرابات في منطقة الشرق الأوسط للإسلاميين دور رئيسي فيها. سايكس-بيكو رسمت حدودا غير واقعية في الشرق الأوسط خصوصا بلاد الشام, الرافدين ومصر ولكن تلك الحدود تم البناء عليها وتغييرها في الظروف الحالية سوف يؤدي الى حمامات دم. لبنان لم يكون موجودا بوصفه كيانا قبل سنة ١٨٦٠م حيث نزلت القوات الفرنسية في السواحل السورية في بيروت وطرابلس وأنشئت متصرفية جبل لبنان تحت ذريعة حماية المسيحيين الموارنة. الأردن لم يكن موجودا قبل سنة ١٩٢٣م فقد اعترفت بريطانيا بما يسمى في وقتها إمارة شرق الأردن حتى لا يكون هناك حدود مشتركة بين السعودية وفلسطين المحتلة. إمارة شرق الأردن والعراق رسمت حدودها الجاسوسة البريطانية غيرترود بيل والتي كان لقبها أم المؤمنين(خاتون). فرنسا كانت تطالب بمنطقة الموصل في العراق ولكن بريطانيا رفضت مبادلة الأراضي في سوريا حيث أن منطقة الموصل غنية بالنفط.
بريطانيا حرضت المسلمين في الثورة على التواجد العثماني الاحتلالي في الشرق الأوسط حيث كانت جمعية الإتحاد والترقي تحكم فعليا على أرض الواقع منذ إسقاط وعزل السلطان عبد الحميد الثاني سنة ١٩٠٩م. ولكن إستغلال المسلمين في خدمة المصالح البريطانية لم يكن مقتصرا على الشرق الأوسط ولكن حتى آسيا وإفريقيا. الإسلاميون ممثلون بالإخوان المسلمين, حزب الترابي والبشير في السودان نفذوا انقلابا عسكريا سنة ١٩٨٩م وأعلنوا عن تطبيق الشريعة في السودان. ولكن هناك أغلبية سكانية مسيحية في الجنوب وأعلن جنوب السودان دولة مستقلة سنة ٢٠٠٥م. إنَّ غالبية حقول النفط المنتجة تقع في جنوب السودان ولكن بدون ميناء أو حدود بحرية والبنية التحتية للتصدير تقع في شمال السودان. الإحتلال البريطاني في الهند عمل على التقسيم مبكرا من خلال تشجيع النزعات الإنفصالية الإسلامية تدريجيا وصولا الى التقسيم سنة ١٩٤٧م حيث ظهر من شبه القارة الهندية دولتان, الهند وباكستان. ولكن شبه القارة الهندية كانت تضم في السابق الهند, باكستان, بنغلاديش و بورما.
باكستان خدمت المصالح الغربية في آسيا بكل إخلاص. النظام الباكستاني يرعى عدة تنظيمات إرهابية تعمل ضد الهند, الصين وإيران. الحزب التركستاني الذي قاتل في سوريا أعلن عن تأسيسه في باكستان. تنظيم القاعدة كانت بداياته في مدينة بيشاور الباكستانية على الحدود مع أفغانستان. المخابرات الباكستانية كانت توزع الأموال والأسلحة على تنظيمات أفغانية إرهابية خصوصا قلب الدين حكمتيار الذي كان معروفا بدمويته حيث يسلخ جلد أعدائه أحياء. وزيرة الخارجية الأمريكية هيلاري كلينتون هددت الصين قبل ذلك بإرسال مقاتلين إيغور بهدف إثارة الاضطرابات والقيام بهجمات مسلحة. باكستان وليس إيران أكبر مصدر للخطر في منطقة الشرق الأوسط وآسيا بسبب رعايتها رسميا للتنظيمات الإرهابية والإرهاب.
إن تأسيس لبنان كان بهدف تحويله الى جنة مسيحية في محيط إسلامي جيوسياسي مضطرب وذلك ما يعتقده المسيحيون الموارنة ولكنهم مخطئون. إن القياس على المسألة اللبنانية يعني إستخدام المسيحيين صاعق تفجير في عدد من الدول المحيطة مثل الأردن, سوريا والعراق حيث هناك جاليات مسيحية كبيرة ومؤثرة. عمليات تنظيم القاعدة في العراق كانت ضد الشيعة والمسيحيين بهدف تأسيس تقسيم واقعي على الأرض قبل كتابة ذلك رسميا في إتفاق رسمي كما حصل سنة ١٩١٦م في سايكس-بيكو, البداية سنة ١٨٦٠م وإعلان الاتفاقية الفرنسية البريطانية سنة ١٩١٦م. مواقع إخبارية إسرائيلية تعرف من أين تؤكل الكتف تروج إتفاقية سلام بين سوريا وإسرائيل تتضمن التنازل عن جزء من الجولان المحتل مقابل منح سوريا مدينة طرابلس اللبنانية والهدف تحقيق توازن ديمغرافي حيث أن المدينة لديها أغلبية سكانية سنية وتعتبر معقلا سنيا في لبنان وتتبع سياسيا آل الحريري وكانت خلال الفترة التي سبقت سنة ١٨٦٠م تتبع سوريا. الأقليات السورية مجتمعة تجعل من يطلقون على أنفسهم السنة أقلية في محيط يعتبرونه معاديا لهم. هناك العلويون, المسيحيون, الشيعة, الدروز, الإسماعيلية وهي الأقليات الرئيسية تعتبر أغلبية سكانية. وسائل إعلام مشبوهة تحاول العمل بإستمرار على شيطنة الأقليات والتحريض عليهم. هناك حالات إختطاف فتيات من الطائفة العلوية في مناطق الساحل السوري وحالات قتل على الهوية. ولكن الأمر ليس مقتصرا على الساحل السوري حيث تشعر درعا بالتهميش وتجار دمشق وحلب يشعرون بأنهم يخسرون نفوذهم التقليدي تدريجيا لصالح تجار إدلب ويخسرون أسواقهم لصالح البضائع التركية.
الوضع الحالي في سوريا لن يستمر مهما حاول الإعلام المضلل تلميع الصورة وهما حاول هادي العبدالله و جميل الحسن الحديث عن هوية بصرية جديدة أو مؤامرات الفلول الإنقلابية. الأسباب التي أدت الى سقوط بشار الأسد سوف تؤدي الى سقوط نظام الحكم الحالي لأنه لا يمكن استعداء الجميع والنجاح في بناء الدولة في الوقت نفسه. الدروز, العلويون, الشيعة, الإسماعيليين, المسيحيين, درعا وحلب ودمشق وهم من السنة يعارضون نظام الحكم الجديد. هناك أيضا قواعد عسكرية أمريكية وتركية وروسية وبقايا ميليشيات إيرانية ولاجئون سوريون في لبنان والعراق وعدد كبير من العسكريين السابقين لاجئون في دول الجوار. هناك كمية تحريض طائفي ضد جميع الأقليات تصنيفهم بأنهم كفار وعلى الرغم من محاولة إعلام السلطة الإيحاء بأن المشكلة مع العلويين إلا أن الأقليات الأخرى بدات في إدراك قواعد اللعبة وانه "أكلت يوم أكل الثور الأبيض."
دمتم بخير وعافية
عاشت الجمهورية العربية السورية حرة مستقلة
الوطن أو الموت
النهاية
No comments:
Post a Comment