Flag Counter

Flag Counter

Tuesday, February 7, 2023

سوريا والأسلحة الكيميائية, كلاكيت نمبر تو

الولايات المتحدة خرَّبت خطوط الأنابيب التي تصدِّر الغاز والنفط الروسي الى أوروبا حتى تجبر الدول الأوروبية على شرائها من شركات أمريكية بأضعاف سعر السوق وذلك ما صرَّحَ به الرئيس الفرنسي إي مانويل ماكرون. شركات النفط والغاز الأمريكية هي المستفيد من الأزمة الأوكرانية وتحقِّقُ أرباحاً بلغت مليارات الدولارات.

كتبت قبل ذلك أنَّ الأزمة الأوكرانية هي أزمة مفتعلة و الولايات المتحدة لديها سوابق تاريخية في إفتعال المشاكل من أجل التدخل وإسقاط الأنظمة وحماية المصالح الأمريكية. العراق أحد الأمثلة حيث تدخلت الولايات المتحدة عسكريا وأسقطت نظام الرئيس العراقي صدام حسين والذريعة كانت أسلحة الدمار الشامل والتي لم تعثر عليها القوات الأمريكية بعد دخولها العراق.

الأزمة السورية دخلت اليوم منعطفا قديما/جديدا وذلك بالحديث عن لجان تحقيق أثبتت إستخدام الجيش السوري الأسلحة الكيميائية في منطقة دوما,ريف دمشق وذلك سنة ٢٠١٨. لجان التحقيق التابعة للأمم المتحدة والجامعة العربية فشلت سنة ٢٠١٣ في أن تثبت إستخدام الجيش السوري الأسلحة الكيميائية(غاز السارين) في حادثتين منفصلتين, الأولى في بلدة خان العسل قرب مدينة حلب تاريخ ١٩/مارس/٢٠١٣ والثانية في منطقة الغوطة من ضواحي ريف دمشق تاريخ ٢١/أغسطس/٢٠١٣. المثير للاستغراب أنه إذا لم يثبت إستخدام الجيش السوري الأسلحة الكيميائية, هل تم التحقيق عن إحتمال إستخدام تنظيم القاعدة في سوريا أسلحة كيميائية تم إرسالها الى سوريا عن طريق العراق وتركيا؟ 

الولايات المتحدة قلقة للغاية من محاولات التقارب التركية-السورية وحتى العربية-السورية واحتمال عودة سوريا إلى الجامعة العربية وترغب في تخريب تلك المحاولات وإجبار تركيا عن التراجع عن مواقفها واستمرار تورطها في الأزمة السورية. القيادة السورية واعية للأهداف الحقيقة التي تسعى إليها القيادة التركية والرئيس رجب طيب أردوغان وهي أهداف انتخابية وبسبب ذلك رفضت أي محاولة من تركيا من أجل تطبيع العلاقات قبل إنسحاب القوات التركية من الأراضي السورية.

وبالعودة الى قضية الإسلحة الكيميائية في سوريا فإنَّ القيادة السياسية السورية قبلت الإنضمام الى معاهدة حظر الأسلحة الكيميائية وذلك سنة ٢٠١٣ وسلَّمت مخزونها من تلك الأسلحة الى لجان دولية وبإشراف الولايات المتحدة و روسيا وتم إقفال ذلك الملف أو هكذا يعتقد الكثيرون.

في كتاب داخل سوريا(Inside Syria), يتحدث المؤلف ريز
إرليخ في الفصل السادس من الكتاب عن قضية استخدام الأسلحة الكيميائية سنة ٢٠١٣ في منطقة الغوطة وبلدة خان العسل. الكلام نقلا عن الكاتب أن الرواية الرسمية الأمريكية حول حادثة الغوطة قد بدأت في التهاوي خلال بضعة أسابيع من الحادثة وذلك لعدة أسباب.

أول هذه الأسباب التباين في عدد الضحايا التي أعلنتها الإدارة الأمريكية ١٤٢٩ ضحية وتلك التي أعلنت عنها هيئات دولية مثل أطباء بلا حدود ٣٥٥ ضحية أو المرصد السوري لحقوق الإنسان ٥٠٢ ضحية. الائتلاف السوري أعلن عن عدد ضحايا ١٤٢٩ ولكن لم تكن لديه سوى أسماء ٣٩٥ منهم. فريق الأمم المتحدة للتفتيش عن الأسلحة الكيميائية ذكر في تصريح أن أفراده تمكنوا من زيارة المستشفيات في منطقة الغوطة وأن المعارضة السورية بالغت في عدد الضحايا وأنه من المستحيل إستيعاب ذلك العدد فيها. صحيفة وول ستريت جورنال ذكرت أنَّ المصادر الأمريكية إستخدمت برامج التعرف على الوجوه من أجل تقدير عدد الضحايا من خلال الفيديوهات التي صورتها المعارضة السورية.

ثاني تلك الأسباب أن الإدارة الأمريكية لم يكن لديهم فريق على الأرض في منطقة الغوطة وأن تلك تقديرات جهات حكومية وليس أمنية.

ثالث تلك الأسباب هو أن التحقيقات التي قام بها خبراء مختصون, ريتشارد لويد, مفتش أسلحة سابق في الأمم المتحدة وحاليا يعمل في شركة تيسلا للسيارات الكهربائية, ثيودور.أ.بوستول بروفيسور في قسم العلوم والتكنولوجيا في معهد ماساشوستس, أثبتوا أنه من المستحيل أن يكون الصاروخ قد تم إطلاقه على منطقة الغوطة من قواعد عسكرية حكومية في جبل قاسيون لأن مدى الصاروخ لا يزيد عن ١-٢ كم وليس ٩ كم كما صرَّحَ وزير الخارجية الأمريكي جون كيري وأنَّ إطلاقه من مناطق تقع تحت سيطرة المعارضة السورية هو الأكثر إحتمالا. رئيس لجنة التفتيش عن الأسلحة الكيميائية في الأمم المتحدة Ake Sellstrom صرَّح بأنَّ مدى الصاروخ ٢كم هو معقول ولكن مسافة ١كم سوف تكون أكثر مصداقية.

ولكن هناك حادثة أخرى هي الهجوم بأسلحة كيميائية, غاز السارين, على نقاط عسكرية في خان العسل قرب مدينة حلب تاريخ ١٩/٣/٢٠١٣, والتي أدت إلى كثير من الادلة التي تدين المعارضة السورية. التحقيقات أثبتت أن مصدر غاز السارين هو ليبيا وأنه تم شحنه الى تركيا بمعرفة جهات حكومية وأمنية تركية ثم تهريبه عبر الحدود مع سوريا حيث تم تنفيذ الهجوم. مصدر غاز السارين الذي تم إستخدامه في الهجوم على خان العسل هو ليبيا كما كان مصدر صواريخ جراد التي تم استخدامها في هجوم الغوطة. المعارضة السورية كانت تقوم بقصف منطقة خان العسل خلال الساعات التي سبقت الهجوم بالأسلحة الكيميائية وتحديدا الساعة ٧ صباحا حيث إنفجرت قذائف على مسافة ٣٠٠ متر من نقطة عسكرية حيوية في المنطقة حيث ظهر ضباب أخضر مصفر في المنطقة ورائحة نفاذة مثل رائحة الكبريت وتعرض ١٢٤ شخص الى أعراض تسمم بغاز السارين حيث تم إسعافهم إلى المستشفيات في المنطقة.

كارلا ديل بونتي عضو لجنة الأمم المتحدة المستقلة حول سوريا ورئيسة الادعاء العام السابق للمحكمة الجنائية الدولية التابعة للأمم المتحدة صرَّحت في مقابلة للتلفزيون السويسري أنَّ المسؤولية عن حادثة خان العسل هي المعارضة السورية. السلطات التركية اعتقلت في مايو/٢٠١٣ أعضاء في جبهة النصرة أثناء التحضيرات من أجل مهاجة القاعدة العسكرية الأمريكية في أضنة وفي حوزتهم ٢كغم من غاز السارين. كما أن السلطات العراقية نجحت خلال نفس الفترة من أواخر مايو/٢٠١٣ في اعتقال عدة أشخاص تابعين لتنظيم داعش وضبط مصنع ومعدات كانت تستخدم في تصنيع غاز السارين الذي ربما تم تهريب جزء منه الى سوريا من خلال الأراضي التركية.

الإدارة الأمريكية كانت على معرفة بأن تنظيم القاعدة وتنظيم جبهة النصرة في سوريا يمتلكون المعرفة التقنية من أجل إنتاج غاز السارين. المخابرات المركزية الأمريكية(سي آي إيه) أرسلت تقريرا تاريخ مايو/٢٠١٣ الى الرئيس باراك أوباما يتعلق حول تلك المسألة حيث أبدى ضباط المخابرات المركزية الأمريكية قلقهم من المعلومات التي وصلتهم. التقارير الأمنية الأمريكية كان تركز على شخصية زياد طارق أحمد, ضابط سابق في الجيش العراقي و خبير في الأسلحة الكيميائية خصوصا غاز الخردل. التقارير ذكرت أنَّ زياد الأحمد قد غادر العراق الى منطقة الغوطة الشرقية خلال الفترة التي سبقت الهجمات الكيميائية في الغوطة ومنطقة خان العسل.

الإدارة الأمريكية وفي نصرف يتوازى مع معاييرها المزدوجة تصرُّ على محاسبة الحكومة السورية عن هجوم بالأسلحة الكيميائية في منطقة دوما سنة ٢٠١٨ وتصر على إتهاماتها حول ذلك بينما تتجاهل الحديث عن هجومي الغوطة في ريف دمشق وخان العسل قرب حلب سنة ٢٠١٣ وكأنهما موضة قديمة أو أسطوانة مكسورة وتعيد تجديد الإتهامات بإستخدام الأسلحة الكيميائية كلما رغب في إبتزاز مواقف سياسية أو إبتزاز حكومات أو دول تحاول تطبيع علاقاتها مع سوريا. إنَّ تحميل الحكومة السورية مسؤولية هجوم بالأسلحة الكيميائية في منطقة دوما سنة ٢٠١٨ ليس إلا تكرار محاولات مفضوحة وفاشلة من أجل إدانة الحكومة السورية وبالتالي تقدديم التبريرات الى الأمم المتحدة والمجتمع الدولي من أجل عمل عسكري أمريكي مباشر في سوريا.

مع تمنياتي للجميع دوام الصحة والعافية

رابط الموضوع على مدونة علوم وثقافة ومعرفة

الرجاء التكرم الضغط على رابط الموضوع بعد الإنتهاء من قرائته لتسجيل زيارة للمدونة

النهاية


No comments:

Post a Comment