Flag Counter

Flag Counter

Monday, February 27, 2023

النفط هو أهم سلعة إستراتيجية وعصب الاقتصاد العالمي

هناك مثل شعبي شائع "تتعدَّدُ الأسباب والعِلَّة واحدة" يمكن أن ينطبق على النفط والذي يعتبر أهم سلعة إستراتيجية وعصب الاقتصاد العالمي. النفط هو سلعة نجدها في حولنا في كل جوانب حياتنا اليومية وقود للمركبات, التدفئة وحتى إنَّ له إستخدامات طبية وفي تحلية مياة البحر وهي عملية تجعل تعويض العجز المائي الذي تعاني منه بعض الدول أمرا ممكنا. المحللون الاقتصاديون والمضاربين في البورصات و مدراء البنوك وصناديق التحوط تراقب بإستمرار أسعار النفط لأنها تعطي مؤشرات إقتصادية مهمة يعتمدون عليها في اتخاذ قراراتهم.

النفط هو سبب رئيسي للحروب حتى تلك التي يتم تغليفها بشعارات براقة عن حقوق الإنسان والحريات والديمقراطية في ظاهرها بينما خلف الأبواب المغلقة, السبب هو النفط. حروب المياه هي مصطلح شائع في وسائل الإعلام المختلفة بل إنَّ عددا من النزاعات الرئيسية في العالم يرى بعض الخبراء والمحللين أن سببها هو المياه مثل الحروب المتعدِّدَة بين دولتين نوويتين هما الهند وباكستان أو حرب الأربعة أيام بين مصر و ليبيا ولكن في النهاية فإنَّ النفط يبقى سيد الموقف.

إنَّ نشوء وتطور الحضارات هو أمر ممكن بدون النفط فقد كانت الحضارة الفارسية والرومانية والفرعونية وحضارات مزدهرة في شبه القارة الهندية والشرق الأوسط وهي من وجهة نظر بعض المؤرخين أنها كانت أكثر تقدما وتطورا من حضارتنا الحالية والدليل على أنه رغم التقدم العلمي الذي وصل اليه البشر في القرن الواحد والعشرين, فقد عجزوا عن تفسير الكثير من الإكتشافات والإختراعات والظواهر العلمية التي شهدتها حضارات سابقة مثل بناء الأهرامات وبطارية بغداد الكهربائية والتواصل بين حضارات مختلفة تبعد عن بعضها آلاف الأميال. ولكن على الرغم من ذلك فإنَّ أي حضارة لايمكن لها أن تزدهر فوق مستوى الطاقة الذي يمكن لها إستهلاكه.

النفط هو سلعة قديمة ومعروفة حتى اليونانيين والإغريق القدماء الذين كانوا يستخدمونه في الحروب في صناعة النار الإغريقية والتي إنتقلت أسرارها إلى العرب الذين استفادوا منها في حروبهم ضد الإمبراطورية الرومانية والفارسية حيث كانت المدن محصنة تحميها أسوار مرتفعة وذلك ظاهرة جديدة على العرب لم يعرفوها من قبل حيث كانوا يعيشون في الصحراء في مساحات مفتوحة من الأراضي. ولكن هناك مجموعة من العوامل التي أدت الى تطور صناعة التنقيب عن النفط واستخراجه وإستخدامه وهي الثورة الصناعية واختراع المحرك البخاري والذي أدى بدوره إلى اختراع محرك الاحتراق الداخلي.

إنَّ إستهلاك انواع الوقود المختلفة المستخرجة من النفط مثل الديزل والبنزين يكون بشكل رئيسي من خلال السيارات والشاحنات والطائرات ويشمل الجانب العسكري وذلك جعل إختراع محرك الإحتراق الداخلي نقطة تحول رئيسية في تاريخ النفط الذي كان الإستخدام الرئيسي له حتى مطلع القرن التاسع عشر هو إستخراج الكيروسين المستخدم في مصابيح الإنارة. إن اختراع محرك الاحتراق الداخلي وتطبيقاته العملية المختلفة مثل السيارات كان أشبه بسقوط حجارة الدومينو حيث أنه خلال الحرب العالمية الأولى ظهرت النماذج الأولى للدبابات التي كان الهدف منها التغلب على مشكلة الخنادق. كما أنه خلال بدايات القرن التاسع عشر بدأ التفكير في البحرية الملكية البريطانية في تطبيق فكرة محرك الاحتراق الداخلي الذي يعمل بالوقود السائل على السفن التي كانت تعمل بشكل رئيسي على الفحم.

النفط كان بطل الحرب العالمية الثانية بلا منازع والسبب الرئيسي في هزيمة القوات الألمانية(الفيرماخت) في عدة معارك رئيسية أهمها معركة ستالينغراد و الأردين(الثغرة). إن خسارة القوات الألمانية حقول النفط في رومانيا وفشلها في الاستيلاء على حقول النفط في أذربيجان(باكو) والقوقاز والقصف الجوي المكثف من الحلفاء على منشآت النفط الصناعي في ألمانيا قد ادى إلى نقص حاد في الوقود المخصص للآلة الحربية الألمانية خصوصا سلاح المدرعات والأهم الطيران. كما أنه لا يخفى على كثير من المؤرخين الخلاف بين هتلر وكبار جنرالات الجيش الألماني حول أولويات العملية العسكرية بارباروسا والتي كانت بالنسبة الى هتلر هي الاستيلاء على حقول النفط في باكو والقوقاز ورومانيا وحقول القمح في أوكرانيا بينما بالنسبة الى الجنرالات فقد كانت السيطرة على ستالينغراد وموسكو.

الحرب العراقية الإيرانية(١٩٧٩-١٩٨٩) كان سببها الرئيسي هو النفط حيث كان تنازل العراق عن أجزاء كبيرة من شط العرب وفق بنود معاهدة الجزائر(١٩٧٥) كان جرحا أشبه بتنازل ألمانيا عن أراضي واسعة وفق بنود معاهدة فرساي(١٩١٩) لأن شط العرب يعتبر ممرا مائيا وتجاريا حيويا تعبره ناقلات النفط والسيطرة عليه تعني السيطرة على مصدر مهم من مصادر إمدادات الطاقة العالمية. حرب الخليج الأولى(١٩٩٠-١٩٩١) أو غزو العراق الكويت كان سببها النفط حيث قامت السعودية والكويت بإغراق أسواق النفط بفائض من الإنتاج مما أدى الى هبوط حاد في الأسعار وخسائر اقتصادية ضخمة للعراق. حرب الخليج الثانية(٢٠٠٣) أو غزو العراق وإسقاط نظام حكم الرئيس صدام حسين كان سببه نفط العراق الذي يعتبر ثاني أكبر إحتياطي في العالم بعد السعودية. 

الأزمة الروسية-الأوكرانية الحالية سببها النفط لأن منطقة القرم تعتبر موانئ حيوية ومهمة تستخدم في تصدير النفط والمناطق الشرقية في أوكرانيا التي قامت روسيا بضمها إليها رسميا تحتوي على احتياطيات ضخمة من النفط. الولايات المتحدة في إعلان الإستقلال كانت تضم ١٣ ولاية ولكنها توسعت من خلال الحروب وقامت بضم أراضي جديدة اليها لعل أهمها ولاية تكساس التي استولت عليها من المكسيك والتي تعتبر أهم مركز في صناعة التنقيب واستخراج النفط في الولايات المتحدة.

مع تمنياتي للجميع دوام الصحة والعافية

النهاية


No comments:

Post a Comment