صحيفة عكاظ السعودية التي تمارس إعلام التهريج وفي حركة استعراضية نشرت مقالا للكاتب السعودي محمد الساعد بعنوان "لماذا يكرهوننا" وذلك ردا على مقال نشرته صحيفة الجمهورية المصرية بقلم رئيس تحريرها عبد الرزاق توفيق بعنوان "الأشجار المثمرة وحجارة اللئام والأنذال." صحيفة عكاظ نشرت المقال عدة ساعات ثم سارعت الى حذفه كما فعلت صحيفة الجمهورية المصرية بعد أن أثيرت الضجة الإعلامية المطلوبة.
حاولت البحث عن الموضوع كاملا حيث من المفترض أنَّ عدة مواقع سعودية ومصرية ويمنية قامت بنشره ولكنني لم أجد سوى مقتطفات من هنا وهناك وصف فيها الكاتب دولا عربية بأنها فقاسة إنقلابات وأنهم عالة على غيرهم وأنهم يحقدون على السعوديين بسبب نفطهم وثروتهم.
هناك سؤال من الممكن أن نسأله في بداية الموضوع وهو لماذا لا يكره (العرب) الجزائر على سبيل المثال؟ هناك نفط وغاز في الجزائر كما في السعودية وربما أكثر؟ أو لماذا لا يكره العرب العراق والعراقيين؟ هناك أيضا لديهم الكثير من النفط والغاز.
لماذا يكره العرب أولئك الحفاة العراة كما وصفهم مقال عبد الرزاق توفيق؟
المملكة العربية السعودية قامت بتصدير الوهابية إلى الدول العربية وأنفقت في سبيل ذلك المليارات من أموال النفط من خلال تمويل مؤسسات وجمعيات إسلامية ومساجد. الوهابية هي السبب الرئيسي في إنقسام موقف أهل السنة والجماعة المذهبي في الدول العربية والإسلامية. محمد بن عبد الوهاب أسَّسَ مذهبة على تكفير الأخرين وذبح المخالفين حيث وصلت قوات من طاع الله الى الأردن والعراق واليمن وقتلت مئات الآلاف وفق المبدأ القائل:"من هو ليس معنا فهو علينا."
غزو العراق الكويت وحرب الخليج الأولى(١٩٩٠-١٩٩١) كان للسعودية دور رئيسي فيها حيث كانت القيادة السعودية تشعر بالقلق من القوة العسكرية للجار العراقي الذي خرج من الحرب مع إيران رابع أقوى قوة عسكرية على مستوى العالم وربما الأولى في الوطن العربي. السعودية بأوامر أمريكية بالتنسيق مع الكويت أغرقت سوق النفط بالإنتاج الفائض مما أدى الى هبوط حاد في الأسعار وفي الوقت نفسه طالبت العراق بدفع ديونه التي تراكمت عليه خلال حربه مع إيران.
لماذا لا تمتلك صحيفة عكاظ ومحمد الساعد الشجاعة الأدبية حيث سارعوا إلى حذف المقال ولم يفعلوا كما فعل ولي العهد السعودي محمد حيث إعترف أن السعودية نشرت الوهابية بالاتفاق مع الحلفاء(الولايات المتحدة) من أجل مواجهة نفوذ الإتحاد السوفياتي. الأموال السعودية مولت بطريقة مباشرة وغير مباشرة تنظيم القاعدة خلال مرحلة الحرب الأفغانية-السوفياتية ثم لاحقا انتشر تنظيم القاعدة في عدة دول عربية كانت ويا للصدفة على خلاف مع الولايات المتحدة.
ثم يسأل محمد الساعد بغباء, لماذا يكرهوننا؟
سنة ١٩٣٦ لعبت السعودية والملك عبد العزيز آل سعود دورا رئيسيا في إنهاء الثورة الكبرى في فلسطين من خلال الترويج الوعود البريطانية التي كان يعرف أنها كاذبة على الرغم من أنَّ الثورة كادت أن تقتلع الوجود البريطاني واليهودي من فلسطين مرة واحدة والى الأبد.
أما في اليمن فقد استمرت المملكة العربية السعودية في الإستيلاء على أراضي يمنية خصوصا في محافظة جازان ودعمت جميع الاضطرابات والانقلابات في أحد العواصم التي وصفها محمد الساعد بأنها فقاسة انقلابات. وصية عبد العزيز آل سعود الى أبنائه قبل وفاته كانت اليمن وأنه حتى يستقر حكم آل سعود, عليهم إتباع سياسة فرق تسد في اليمن وهو ما قامت به السعودية من خلال تنظيم القاعدة وتحريض القبائل ضد بعضها البعض وإثارة النعرات الدينية مع الإمامية الزيدية. العملية العسكرية السعودية عاصفة الحزم مستمرة منذ ٢٠١٥ في اليمن وليس هناك نهاية قريبة رغم أن الإعلام السعودي أعلن أنها لن تستغرق سوى عدة أسابيع.
في لبنان وخلال الحرب الأهلية اللبنانية(١٩٧٥-١٩٩٠), موَّلت السعودية والكويت تنظيمات فلسطينية ولبنانية ساهمت في سفك الدم اللبناني وتحويل باريس الشرق الأوسط الى كومة من الخرائب. كما دفعت السعودية الأموال الى أشخاص من تنظيم حركة فتح من أجل إختطاف المعارض السعودي ناصر السعيد وذلك بإشراف عطالله عطالله(أبو الزعيم) بأوامر من مسؤول الجهاز الأمني في حركة فتح صلاح خلف(أبو إياد) مقابل ١٠ ملايين دولار. السعودية مستمرة في تغذية الصراع الطائفي السني-الشيعي في لبنان وتحويل الصراع المذهبي-السياسي مع إيران الى كرة من نار سوف تلتهم الوطن العربي بأكمله.
السعودية كانت رأس حربة المشاريع الأمريكية في المنطقة بداية من الصراع مع القومية العربية وجمال عبد الناصر والحرب العراقية-الإيرانية والحرب الأهلية اللبنانية وحرب الخليج الأولى والثانية والتورط في الربيع السوري من خلال تقديم التمويل الى تنظيمات مثل جبهة النصرة وإرسال مقاتلين سلفيين وتسخير جميع المنابر الإعلامية ورجال الدين من أجل خدمة المصالح الأمريكية في سوريا.
ومازال أشخاص من أمثال محمد الساعد يسألون, لماذا يكرهوننا؟
مع تمنياتي للجميع دوام الصحة والعافية
النهاية
No comments:
Post a Comment