Flag Counter

Flag Counter

Sunday, November 3, 2019

التعليم في الوطن العربي هو المشكلة والحل

هناك ثلاثة أمور لا بد من أن تتوفر في أي دولة من دول العالم حتى تتقدم وتتطور وتكون في مصاف الدول المتطورة وتلحق بركب الحضارة. وبالتأكيد ليس من بين أي من تلك الأمور الديمقراطية والانتخابات والبرلمانات وتلك الأمور التي أعتبرها من الرفاهيات وليست أمورا أساسية. وهنا استحضر مقولة الكاتب جورج أورويل "السياسيون في العالم كالقرود في الغابة, إذا تشاجروا أفسدوا الزرع وإذا تصالحوا أكلوا المحصول." الأمر الأول هو نظام اتصالات ومواصلات متطور, شبكة الإنترنت عالي السرعة ونظام مواصلات ونقل على درجة عالية من الكفائة هي من الأمور التي تحولت من كونها رفاهية الى أمور أساسية وضرورية. الأمر الثاني هو نظام ضريبي عادل يتميز بالشفافية في توزيع العبئ الضريبي. الأمر الثالث وهو الأهم ومرتبط بالأمرين السابقين, نظام تعليمي متقدم يستفيد من تجارب الآخرين بدون نسخها حرفيا.
إن نظام المواصلات والإتصالات المتطور أصبح أمرا ضروريا في القرن الواحد والعشرين لأي بلد يرغب في أن تكون له علاقات تجارية وسياحية مزدهرة مع العالم الخارجي وازدهار أحواله داخليا. التجارة الإلكترونية تجعل من الممكن رفع مستوى معيشة صغار التجار والمستثمرين وفتح أسواق جديدة لهم. الأدوات اللازمة لذلك هي هاتف ذكي أو جهاز كمبيوتر محمول صغير الحجم عالي الكفائة وإنترنت عالي السرعة وفكرة جيدة تبدأ صغيرة ومن ثم تكبر. ومن يقرأ قصص نجاح شركات مثل غوغل وأمازون سوف يدرك أهمية أن توفُّر الإرادة لتحويل فكرة ما الى استثمار تجاري ليس أمرا كافيا بل يجب أن تتوفر الأدوات اللازمة لذلك. شبكة الطرق والمواصلات التي يتم المحافظة عليها بإستمرار عن طريق الصيانة وضمان وصولها حتى الى أبعد الأماكن التي توصف بأنها نائية سوف يساعد على الربط بين المناطق بعضها ببعض ويساهم في تسهيل السياحة والتجارة الداخلية والتقليل من تكلفة النقل. نظام المواصلات يشمل أمورا متعددة مثل الموانئ وشبكة نقل خارجية تشمل السفن والقطارات والطائرات خصوصا طائرات الشحن. الإستثمار في نظام الإتصالات والمواصلات يدخل في نطاق الإنفاق على البنية التحتية وهو مسؤولية الحكومات وذلك يقودنا الى الأمر التالي.
قوانين الضرائب في الوطن العربي بشكل عام تتَّصِفُ بأنها قوانين جباية عشوائية حيث تقوم الحكومات حرفيا بسرقة المواطنين. الضرائب يجب أن تكون مقابل خدمات, ولكنها في أغلب بلدان الوطن العربي مرتفعة بدون مقابل يذكر. المواطن في بلدان عربية يدفع رسوما على معاملاته الحكومية قد تزيد عما يدفعه مواطن أوروبي ومع ذلك يدفع ضرائب مرتفعة, ضريبة دخل أو ضريبة مبيعات, التسميات لاتهم. في كل دول العالم التي لديها قوانين ضريبية منصفة, لا يتم فرض أي نوع من أنواع الضرائب على سلع أساسية خصوصا الإحتياجات التموينية مثل الخبز والحليب. ولكن في الوطن العربي, يفرضون ضرائب حتى على مكالمات الواتساب وهو تطبيق يتوفر مجانا, قمة اللصوصية. ليس الأمر كما كان أيام ثورة المستعمرات في أمريكا الشمالية ضد بريطانيا, لا ضرائب بدون تمثيل, بل من المفترض في الوطن العربي رفع شعار, لا ضرائب بدون خدمات.
وعند الوصول الى الأمر الثالث وهو التعليم, نستحضر تصريح دكتور فيكتور شيا خبير جودة التعليم في كوريا الجنوبية:"لا يوجد دولة تتحمل إنتاج جيل كامل دون تعليم جيد, فهذا الجيل سيدمر الدولة داخليا لتتفتت وتفقد وجودها. الشرق الأوسط أهمل التعليم والآن يدفع الثمن."  رغم كل تلك الأموال التي أنفقت على التعليم والمدارس والجامعات التي أقيمت في الوطن العربي, إلا أن نسبة الأمية بلغت 35% سنة و19% سنة 2014, نسبة الأمية عند الإناث هي ضعف الذكور حيث يقدر عدد الأميين في الوطن العربي بالمجمل 70-100 مليون وأن محو الأمية بشكل كامل في الوطن العربي لن يكون قبل سنة 2050. 
إن كوبا وهي إحدى دول العالم الأفقر في الموارد ولا تمتلك الموارد التي تمتلكها أفقر بلد عربي ومع ذلك تبلغ نسبة محو الأمية فيها 99.7% ذكورا وإناثا. في دولة عربية مثل الأردن, تبلغ نسبة محو الأمية 98.4% و 97.4% للذكور والإناث على التوالي. وفي فلسطين, تبلغ نسبة محو الأمية 98.5% و 94.8% للذكور والإناث على التوالي إحصائيات اليونسكو 2007/2008. هناك دول عربية تحاول تطوير نظامها التعليمي ولكنه مازال أمامها مشوار طويل لأن الأمر لا يتعلق بتخصيص الموازنات أو بناء المدارس أو إنفاق الأموال بل بتطوير العقلية وطريقة التفكير والتوقف عن محاولة نسخ تجار الآخرين كما هي بدلا من تطوير تجربة لها خصوصية ثقافية ومعرفية. الكثير من المدرسين في الوطن العربي لم يدخلوا ذلك المضمار باختيارهم بل سيقوا إليه من قبل مكاتب التنسيق التي توزع الطلاب على الجامعات والتخصصات بنفس الطريقة التي تعمل فيها مكاتب التجنيد التي تسوق الشباب الى الخدمة العسكرية الإلزامية. إذا الأمر لا يتعلق بعدد المدرسين أو نسبة محو الأمية أو عدد المدارس بل يتعلق بالنوعية والجودة وهو مايتوجب التركيز عليه في المرحلة المقبلة.
مع تمنياتي للجميع بدوام الصحة والعافية

النهاية

No comments:

Post a Comment