Flag Counter

Flag Counter

Sunday, November 24, 2019

التنين الصيني يتوجه نحو إفريقيا والهدف هو النفط

سنة 2004, تجاوزت الصين اليابان لتصبح ثاني أكبر مستورد للنفط في العالم.ومع مستوى نمو في استهلاك النفط يبلغ 10%-15% سنويا حيث استمرت الطبقة الوسطى في النمو وكذلك أعداد السيارات على الطرقات في الصين. استهلاك الصين من النفط سوف يبلغ 11 مليون برميل مقارنة مع 2 مليون برميل سنة 2002. القيادة الصينية تدرك حساسية موقفها فيما يتعلق بإمدادت الطاقة وخطوط نقلها خصوصا تلك التي  تمر عبر المحيط الهندي الى شمال-شرق آسيا وذلك في حال نشوب نزاع حول تايوان حيث تتواجد الأساطيل البحرية الأمريكية في المنطقة. ولقد أصبح واضحا منذ بداية سنة 2005 أن الصين تعمل على اللحاق بركب الدول الصناعية الكبرى. القيادة الصينية بدأت في مواكبة ذلك عن طريق شركات النفط الصينية التي بدأت تجوب العالم بحثا عن الاستثمار في مجال النفط خصوصا في أفريقيا والشرق الأوسط حيث تجاوزت صادرات السعودية من النفط الى الصين تلك التي وجهتها الى الولايات المتحدة.
إن تركيز القيادة الصينية كان على مجموعة مختارة من الدول الأفريقية التي كانت تعاني أوضاعا اقتصادية صعبة بسبب أزمة الديون خلال الثمانينيات والتسعينيات ومن شروط صندوق النقد الدولي المجحفة. سنة 2000 تم تأسيس منتدى التعاون الصيني-الأفريقي حيث وصل حجم التبادل التجاري من 6 مليار دولار سنة 1999 الى 30 مليار دولار سنة 2004 مقارنة بحجم تبادل تجاري مع الولايات المتحدة بلغ 59 مليار دولار خلال نفس الفترة. إن حجم التبادل التجاري بين الصين وأفريقيا كان ينمو بمعدل 50% سنويا حيث أن أبواب أفريقيا فتحت للصين: قروض بدون فوائد أو فوائد مخفضة, تمويل مشاريع بنية تحتية ومنح دراسية للطلاب الأفارقة. ولكن في عالم الإقتصاد والسياسة, لا أحد سوف يمنحك غداء مجاني, ثروات أفريقيا خصوصا النفط والمواد الخام تسيل لها لعاب الشركات خصوصا الصينية. إن نسبة 25% من واردات النفط الصينية مصدرها بلدان أفريقية بحسب تقرير نشره معهد التراث(Heritage Foundation) وهو مؤسسة أبحاث تنتمي لليمين المحافظ.
دول غربية مثل الولايات المتحدة وبريطانيا أهملت القارة الأفريقية بدرجة كبيرة. القيادة الصينية تحركت بهدوء وصمت حتى تملئ الفراغ حيث قام الرئيس الصيني هو جينتاو بزيارة رسمية الى كل من الجزائر, الغابون ونيجيريا لعقد صفقات في مجال النفط. القيادة الصينية وافقت على منح أنغولا قرضا بقيمة ملياري دولار مقابل إستثمارات في مجال النفط و ألحقتها سنة 2005 بصفقة مع نيجيريا بلغت قيمتها 800 مليون دولار. شركة الصين الوطنية لحقول النفط البحرية(CNOOC) قامت بشراء حصة بلغت 45% من حقول نفط في نيجيريا مقابل 2.27 مليار دولار مع وعود بإنفاق 2.25 مليار دولار أخرى لتكوير الحقول وبنيتها التحتية. شركة البتروكيماويات الوطنية الصينية(SINOPEC) وقعت صفقة مع دولة الغابون للاستثمار في حقول النفط البحرية والبحرية. سنة 2006, استضافت الصين مؤتمر التعاون الصيني-الأفريقي حضره ممثلون عن 46 دولة أفريقية بينهم 43 رئيسا. وبعد فترة قصيرة من إنقضاء أعمال المؤتمر, قام وزير الخارجية الصيني (Li Zhaoxing) بزيارة شملت 7 دول أفريقية منها بوتسوانا, أرتيريا وبينين. ولكن آراء بعض موظفي الإدارة الأمريكية ومنهم برينغتون ليمان, سفير الولايات المتحدة السابق في كل من نيجيريا وإفريقيا الجنوبية, أن أبعاد التحركات الصينية في إفريقيا ليست متعلقة حصريا بتأمين مصادر النفط بل بنظرة مستقبلية تعتبر أفريقيا سوقا واسعة للمنتجات الصينية ومصدرا مهما للمواد الأولية المعدنية والزراعية على حد سواء.
النفط هو أصل كل حروب العالم ومشاكله العرقية والإثنية والحروب الأهلية. هناك أمثلة عديدة ولكن الصراع في دارفور رغم دمويته إلا أن الإعلام لم يسلط أضوائه على حقيقة الصراع وحصره بصراع بين العرب والأفارقة السودانيين أو أنه صراع قبلي تدخلت فيه الحكومة السودانية عبر إرسال مقاتلين يعرفون (الجنجويد) وتعني الراكبون على الخيول. الولايات المتحدة الأمريكية وأذنابها في الوطن العربي وفي السودان قد تآمروا على تقسيم ذلك البلد الأفريقي الذي كان قادرا على أن يكون سلة الغذاء للوطن العربي لو تم إستغلال قدرات وطاقات أهله. ولكن مالم يعرفه الكثيرون أن السودان خصوصا في منطقة دارفور يحتوي على إحتياطيات هائلة من النفط غير مستغلة ولا يتم الحديث عن ذلك في الإعلام. شركة النفط الوطنية الصينية(CNPC) إستثمرت أكثر من 5 مليارات دولار في تطوير حقول النفط في السودان. كما أن الشركات الصينية التي تعمل في مجال التنقيب عن النفط قد استثمرت 15 مليار دولار في مجال النفط في السودان منذ سنة 1999. إن ما نسبته 80% من إنتاج النفط في السودان والمقدر 500 ألف برميل كان يتم تصديره الى الصين من ميناء السودان على البحر الأحمر حيث قامت الصين ببناء خط أنابيب من جنوب السودان. إن 8% من استهلاك الصين من النفط مصدره حقول النفط في السودان خصوصا في الجنوب ودارفور.
الولايات المتحدة كانت تشعر بالقلق حيال زيادة الاستثمارات الصينية في السودان خصوصا في مجال النفط. شركات التنقيب عن النفط الصينية التي تعمل في السودان قد نجحت في إكتشاف حقل نفطي في منطقة دارفور يمتد الى دولة تشاد والكاميرون. سنة 2003, وهي السنة التي وقعت فيها الدولتان اتفاقية من أجل استغلال حقول النفط في دارفور, بدأت حرب عصابات ضد القوات الحكومية السودانية وإنفجرت أعمال عنف في منطقة دارفور. وزير العدل السوداني السوداني عبد الباسط سبدرات ذكر خلال مقابلة له مع صحيفة لوس أنجلوس تايمز أن الولايات المتحدة ضغطت على السودان من أجل التخلي عن شراكته مع الصين خصوصا في مجال النفط ولكن الجواب السوداني كان الرفض. وزير الخارجية الأمريكي كولن باول بدأ بعزف على نغمة حقوق الإنسان والمجازر الجماعية والجرائم ضد الإنسانية وذلك ضمن حملة بروباغندا حيث طالب بتدخل قوات الناتو في دارفور. الولايات المتحدة كانت تقدم الدعم لنظام الرئيس التشادي إدريس ديبي حيث كانت المعارضة الدارفورية تتخذ من تشاد قاعدة من أجل شن هجمات ضد قوات الحكومة السودانية. المعارضة الدارفورية كانت تتلقى التمويل والتسليح والتدريب من الولايات المتحدة عبر نظام الرئيس إدريس ديبي. شركة شيفرون النفطية الأمريكية كانت تستثمر في مجال حقول النفط في دولة تشاد.
الولايات المتحدة كانت تأخذ الخطوات التي تقوم بها الصين في إفريقيا بجدية حيث وأنه في الوقت نفسه الذي كانت تقدم فيه الدعم للمعارضة السودانية في الجنوب بقيادة جون قرنق, تم الإعلام عن أفريكوم(AFRICOM) سنة 2005. الهدف من تشكيل أفريكوم كان الحفاظ على استقرار القارة الإفريقية ضمن إطار وأهداف السياسة الخارجية للولايات المتحدة. ولكن أفريقا ليست الساحة الدولية الوحيد حيث ردت من خلالها الولايات المتحدة على الطموحات الصينية في مجال الطاقة. في بورما(ميانمار), قام راهب بوذي متعصب بتحريض أمريكي بارتكاب جرائم ضد المسلمين والمسيحيين على حد سواء. بورما كانت تعتبر ضمن خطة الصين من أجل بناء خط أنابيب لنقل النفط الى مقاطعة شينجيانغ والتي كانت الحكومة الصينية تخطط بناء ميناء فيها. المقاطعة المذكورة تسكنها نسبة من السكان المسلمين(الإيغور) من أصول تركية حيث يثير بعضهم بتحريض من الولايات المتحدة وبريطانيا الشغب بين فترة وأخرى ويرتكبون بعض الأعمال الإرهابية. مقاطعة شينجيانغ هي مركز عبور رئيسي لخطوط النفط والغاز خصوصا من كازاخستان الى الصين.

النهاية

No comments:

Post a Comment