لن أتحدث كثيرا في تفاصيل مقتل زعيم عصابة داعش أبو بكر البغدادي, تلك التفاصيل لا تهمني. إن حقيقة مقتل البغدادي والطريقة التي قتل بها يعرف بها الله ودونالد ترامب والفريق المنفذ من فرقة القوات الأمريكية الخاصة(U.S Navy Seals) التي نفذت الأوامر التي صدرت إليها بقتل البغدادي وليس القبض عليه حيا. البغدادي أُعدِمَ وتم تأكيد هويته من فحص الحمض الوراثي وجمعت بقايا جثته ودفن أو ألقيت جثته الى البحر طعاما للأسماك وأخذ أسراره معه وقد كان في جعبته الكثير منها وكل ذلك خلال ربع ساعة من العملية التي نفذتها القوات الخاصة الأمريكية. وقبل البغدادي, قتل أسامة بن لادن وألقيت جثته في البحر وأخذ أسراره معه. حتى فريق قوات البحرية الأمريكية الخاصة(U.S Navy Seals Team-6) الذي نفذ عملية إغتيال أسامة بن لادن قتل في أفغانستان حيث أصيبت مروحيتهم بصاروخ أمريكي موجه من مخلفات الحرب الأفغانية أطلقه عناصر من طالبان قاموا بنصب كمين للمروحية. ولذلك, أتوقع قريبا سماع خبر مقتل فريق القوات البحرية الخاصة الذي نفذ عملية اغتيال البغدادي خلال عمليات قتالية في بلد ما, ربما أفغانستان أو قد تكون العراق حيث سوف ينتقم عناصر داعش من قتلة خليفتهم ويتم تلميع إسم التنظيم وتعيين خليفة جديد.
أبو بكر البغدادي وأسامة بن لادن هم أشخاص في خدمة الولايات المتحدة ويمكن التخلص منهم بهدوء بعد استنفاذ صلاحيتهم و انتفاء الغاية من وجودهم. السيناتور الأمريكي وأحد صقور اليمين المحافظ زار سوريا سنة 2013 والتقى في احد القواعد العسكرية في ريف مدينة حلب عددا من قادة التنظيمات الإرهابية المنضوية تحت راية الجيش السوري الحر, أبو بكر البغدادي كان من بين الأشخاص الذين سمح لهم بلقاء السيناتور ماكين وقد كان حليق اللحية وتم تزويده بأوامر الإنشقاق عن جبهة النصرة الإرهابية وإعلان تأسيس تنظيم داعش. كل تلك المسميات المختلفة, الجيش السوري الحر أو جبهة النصرة أو داعش, يمكن إرجاعها الى تنظيم الإخوان المسلمين, التنظيم الأم لجميع تنظيمات الإسلام السياسي الإرهابية في العالم. السيناتور جون ماكين قد توفي منذ بضعة أشهر وأخذ أيضا أسراره معه. ولكن من المستحيل أن يقتنع حتى شخص مبتدئ أن الفريق الأمني المرافق للسيناتور ماكين لم يكن يعرف هوية الأشخاص الذين حضروا الإجتماع وأنهم لايشكلون خطرا على سلامته.
تنظيمات الإسلام السياسي وعلى رأسها الإخوان المسلمين خدمت أهداف الولايات المتحدة في السيطرة على العالم وموارد الطاقة فيه خصوصا النفط والغاز. وليست مبالغة القول أن الولايات المتحدة لم يكن من الممكن أن تبلغ أهدافها في الشرق الأوسط, إفريقيا والقارة الأوراسية بدون الخدمات الجليلة التي قدمتها لها تنظيمات الإسلام السياسي. الولايات المتحدة لم ولن تكون دولة عظيمة بدون وجود تنظيم مثل الإخوان المسلمين أو حزب التحرير أو داعش أو الجيش السوري الحر. تنظيمات الإسلام السياسي خدمت الولايات المتحدة في عدة مواقع حول العالم: حاولت اغتيال الرئيس المصري جمال عبد الناصر مرتين, حاولت زرع بذور الفتنة في فلسطين بين المسلمين والمسيحيين, حاربت الإتحاد السوفياتي بالنيابة عن القوى الغربية في أفغانستان وخاضت حرب تقسيم يوغسلافيا ومعارك الربيع العربي نيابة عن القوى الغربية وعلى رأسها الولايات المتحدة. كل تلك الحروب كانت في خدمة أهداف القوى الإستعماري الغربية وليس أهداف الإسلام والمسلمين. وحاليا, تقوم القوى الغربية على تحضير بقايا تنظيم داعش والقاعدة لإرسالهم الى بورما(ميانمار) حيث وصلت طلائعهم بالفعل لبداية حملة عسكرية وصولا الى إستهداف الصين التي لها مصالح إستراتيجية في بورما. وسائل الإعلام الغربية التي تجاهلت معاناة الفلسطينيين بسبب ما يقوم به جيش الاحتلال الصهيوني من أفعال ينتهك بها جميع الأعراف والمواثيق الدولية, هي التي تتحدث عن معاناة أقلية الروهينغا المسلمة في ميانمار و الإيغور المسلمين في الصين وتذرف عليهم دموع التماسيح.
ولكن الولايات المتحدة ليست أول من يستفيد من خدمات تنظيمات الإسلام السياسي, الإمبراطورية الاستعمارية البريطانية كانت أول من استفاد من خدمات تنظيم الإخوان المسلمين في مصر وفلسطين وأجزاء أخرى من المستعمرات البريطانية. الولايات المتحدة ورثت تنظيمات الإسلام السياسي وبقاياهم مع إنسحاب الإمبراطورية البريطانية من الوطن العربي خلال الفترة التي تلت انتهاء الحرب العالمية الثانية. إن أول مسجد لتنظيم الإخوان المسلمين تم بنائه في مدينة الإسماعيلية بمبلغ 500 جنيه مصري كان تقدمة شركة قناة السويس البريطانية. بريطانيا استخدمت تنظيم الإخوان المسلمين رأس حربة ضد أعدائها من الشيوعيين والقوميين خصوصا حزب الوفد الذي كان يتمتع بشعبية كبيرة. مصير حسن البنا مؤسس وزعيم تنظيم الإخوان المسلمين كان مماثلا لمصير أسامة بن لادن, الزرقاوي والبغدادي, تعرض لإطلاق نار من أشخاص يعملون في البوليس السري التابع للملك فاروق ونقل الى المستشفى حيث تُرِكَ لينزف حتى الموت ومنع إسعافه بأوامر من القصر الملكي. تم تنفيذ حكم الإعدام على حسن البنا عند إنتهاء صلاحية إستخدامه وذهب الى القبر ومعه أسراره وهي أكثر من أن تحصى ولو خرجت للعلن أحدثت زلزالا سياسيا في الوطن العربي والعالم. الحرب الأمريكية على الإرهاب في القرن الواحد والعشرين التي أعلنها الرئيس الأمريكي السابق جورج بوش الإبن ليست إلا حرب على أحفاد حسن البنا من أتباع الإخوان المسلمين وتنظيمات الإسلام السياسي على إختلاف مسمياتها.
النهاية
No comments:
Post a Comment