رئيس شركة هاليبرتون ديك تشيني كان مهتما بالنفط أكثر من إهتمامه بالاستقرار السياسي في دول الشرق الأوسط وآسيا, المهم هو السيطرة على منابع الطاقة العالمية وخطوط نقلها. السياسة الأمريكية الكانت منع ظهور قوة منافسة خصوصا في القارة الأوراسية. ذرع بذور التفرقة بين الصين وروسيا كان أحد أهداف النخب السياسية الأمريكية التي كانت مهتمة بمنع ظهور قوة منافسة خصوصا في تلك المنطقة الحيوية من العالم. وقد تم تنفيذ تلك السياسات بطرق مختلفة مثل الغزو العسكري المباشر وتشجيع الثورات الملونة. كولن باول الذي كان يشغل منصب وزير الخارجية خلال عهد بوش-تشيني أعلن فور تنصيبه أن إسقاط نظام الرئيس العراقي صدام حسين أولوية للولايات المتحدة. العراق يمتلك ثاني أكبر احتياطي من النفط في العالم بعد المملكة العربية السعودية. بل وتشير بعض التقديرات الى أنه ربما يشغل الدولة المرتبة الأولى متفوقا على المملكة العربية السعودية.
الولايات المتحدة قامت بغزو العراق عسكريا سنة 2003 بعد فشل العقوبات الإقتصادية ومواجهتها ضغوطات المجتمع الدولي من أجل الغائها. الإدارة الأمريكية فتشت في جعبتها عن ذريعة مناسبة ولكنها كانت تفشل في ذلك مرة تلو الأخرى. في البداية حاولت توريط العراق بخصوص أحداث سبتمبر/11 ومن ثم القضية الكردية حتى وجدت في أسلحة الدمار الشامل ذريعة مناسبة معتمدة على تقارير كاذبة وشهادات لمواطنين عراقيين لاجئين إخترعوا الأكاذيب في سبيل قبول طلبات لجوئهم في أوروبا والولايات المتحدة. دول غربية مثل فرنسا والولايات المتحدة قامت ببيع العراق أسلحة كيميائية خلال فترة الثمانينيات ولكن العراق لم يكن يملك تكنولوجيا لإنتاجها.
شركات النفط الأمريكية ولوبيات الضغط والمصالح المرتبطة بها لم تكن تنظر بعين الرضا الى سيطرة شركات من فرنسا, الإتحاد السوفياتي والصين على نفط العراق وتزايد نفوذها السياسي فيه. وخلال مرحلة لاحقة في الفترة التي سبقت سنة 2003, بدأ العراق بقبول عملات أخرى مثل اليورو ثمنا مقابل النفط الذي كان يبيعه الى دول أوروبية. النفط العراقي كان من النوع الخام الخفيف وسهل التكرير ويكلف إستخراج البرميل أقل من دولار واحد. كما أن العراق قد منع الشركات الأمريكية والبريطانية من العمل في إستخراج النفط العراقي منذ تأميم حقوله النفطية سنة 1972. بتاريخ أكتوبر/2002, صدر تقرير أمريكية من 500 صفحة حول السياسات التي يتوجب إتباعها من أجل السيطرة على نفط العراق بعد الغزو, وزارة النفط العراقية كانت أول مبنى تسيطر عليه القوات الأمريكية حتى قبل أن تكتمل عملية السيطرة على بغداد عسكريا. نائب وزير الدفاع الأمريكي بول وولفويتز كان قد صرَّح بأن غزو العراق كان بهدف السيطرة على النفط ولم يكن له أي علاقة بالحرب على الإرهاب. وولفويتز صرَّحَ خلال مؤتمر في سنغافورا عقد بتاريخ يونيو/2003 بأن الفرق بين كوريا الشمالية والعراق كان أنَّ العراق يعوم على بحر من النفط. سنة 2009, بعد ستة سنين من غزو العراق الذي تحول الى إحتلال, مازال إنتاج النفط لم يصل الى مستوياته قبل الغزو. الشركات الأمريكية والبريطانية لم تكن مهتمة بعودة إنتاج العراق من النفط الى كامل مستواه وانخفاض سعر النفط نتيجة زيادة مستوى المعروض عن الطلب.
حتى في سوريا التي كان من المفترض أن يمر من خلالها خط أنابيب لنقل النفط والغاز, المشروع الذي حاولت قطر إقناع القيادة السورية بالموافقة عليه, كانت ضحية نسخة من الثورات الملونة عرفت بإسم الربيع العربي حيث تدفق الى سوريا وبدعم أمريكي, بريطاني وفرنسي عشرات الآلاف من الأصوليين ممن قاتلوا في أفغانستان وفي بقاع ساخنة أخرى حول العالم.
زيغينو بريجينسكي, مستشار الأمن القومي الأمريكي السابق وعراب تنظيم القاعدة وأسامة إبن لادن, كشف سنة 1997 عن الإستراتيجية الأمريكية العالمية بعد إنهيار الإتحاد السوفياتي والتي تتلخص في منع تحدي الهيمنة الأمريكية من منافسين في المنطقة الأوراسية. تحالف الصين وروسيا في المنطقة الأوراسية قد يشكل ضربة قوية تضعف من الهيمنة الأمريكية على العالم. الغزو العسكري المباشر هي إحدى الوسائل التي استخدمتها الولايات المتحدة وبريطانيا لتحقيق الهدف المتمثل بالسيطرة على منابع الطاقة وخطوط نقلها. تنفيذ عمليات اغتيال انتقائية بواسطة طائرات من دون طيار هي وسيلة أخرى. بينما الوسيلة الأكثر شيوعا حاليا هي مايسمى الثورات الملونة مثل تلك التي في جورجيا, أوكرانيا والربيع العربي. تنفيذ عمليات إنقلاب بإسم القوى المدنية والحرية وحقوق الإنسان تحقق الأهداف الأمريكية في تنصيب أنظمة موالية لمصالح شركات النفط الأمريكية والبريطانية بشكل رئيسي بينما يبقى الفاعل الحقيقي متواريا عن الأنظار.
مع تمنياتي للجميع بدوام الصحة والعافية
النهاية
No comments:
Post a Comment