يجد المبشرون المسيحيون صعوبة في الرد على الأسئلة والانتقادات المتعلقة بعدم توفر دليل واضح حول هوية مؤلفي الأناجيل الأربعة, تاريخهم وصلتهم بيسوع المسيح. إن أولئك المبشرين من مختلف الطوائف المسيحية والتي تعتمد نسخا مختلفة من الكتاب المقدس يصطدمون عن محاولتهم الرد بحائط من التناقضات, المغالطات والأخطاء التاريخية والتي تجعل من المستحيل تقديم إجابة واضحة ومتماسكة على الأسئلة التي يتم توجيهها لهم.
إن الأناجيل الأربعة وهي متى, مرقس, لوقا, ويوحنا تصنف في فهرس الكتاب المقدس على أنها من كتب العهد الجديد. والأناجيل الأربعة هي كتب تمت عنونتها بأسماء مؤلفيها والذي من المفترض أنهم كانوا من تلاميذ يسوع المسيح أو من حواريه الإثني عشر الأكثر قربا له لأكون أكثر تحديدا. القديس متى هو مؤلف أول الأناجيل ترتيبا في الفهرس ولكنه ليس أقدمها كتابة حيث يعتبر المؤرخون أن الإنجيل الذي كتبه القديس مرقس هو الأقدم وهو المصدر الرئيسي لإنجيلي القديس متى وإنجيل القديس لوقا حيث تعرِّف الكتب الثلاثة بالأناجيل الإزائية بإستثناء إنجيل القدس يوحنا الذي يعتبر الإنجيل الرابع في ترتيب الفهرس ويختلف كلية عن الأناجيل الثلاثة الأخرى. ولكن بعض المؤرخين يرون أن هناك كتابا أخرا مفقودا وهو أقدم من الأناجيل الأربعة ومنه يستمد مؤلفو الأناجيل الأربعة الكثير من أقوال يسوع المسيح. وذالك الكتاب يدعى "الإنجيل ك" أو "Quelle, Q" باللغة الألمانية. "الإنجيل ك" حصريا على تعاليم يسوع المسيح وأقواله بدون الأسلوب السردي لقصة حياته ودعوته الذي اتبعته الأناجيل الأخرى. إن المبشرين والكنائس المسيحية تواجه معضلتين رئيسييتين فيما يتعلق بالإجابة عن السؤال: من كتب الأناجيل؟
إن أولى تلك المعضلات هي أنه لا يمكن الإتفاق على تاريخ تقريبيٍ لكتابتها. إن أول ذكر للأناجيل كان في منتصف القرن الثاني بفضل شهادة بابياس, أسقف هيرابوليس, والمتوفى سنة 130م. كما أن بولس والذي تصنَف رسائله المعترف بصحة نسبها إليه والمدونة بتاريخ سابق للأناجيل بكثير لم يشر إلى الأناجيل ولا إلى أي كتاب عن حياة يسوع المسيح وأقواله. إن ثاني تلك المعضلات هي أن هوية مؤلفي الأناجيل مجهولة. إن إنجيل القديس متى لا يذكر شيئا عنه سوى أنه كان "عشارا, أي جابي ضرائب للرومان في بلدة كفر ناحوم في منطقة الجليل في فلسطين. القديس مرقس لم يكن حواريا ولكن يقال أنه كان مرافقا للحواري بطرس ولم يثبت رؤيته ليسوع المسيح أو سماع تعاليمه. القديس لوقا كان مرافقاً لبولس في رحلاته كما أنه ينسب إليه كتاب "أعمال الرسل" وهو الكتاب الخامس في تصنيف فهرس العهد الجديد للكتاب المقدس. القديس يوحنا كان صيادا يهوديا ويقال أنه هو التلميذ الذي كان مقربا من يسوع المسيح أكثر من باقي الحواريين ولذالك يلقب "يوحنا الحبيب."
إن المؤرخين والمثقفين والمبشرين المسيحيين يختلفون حول هوية مؤلفي الأناجيل الأربعة وتاريخ تدوين تلك الأناجيل ومكان كتابتها بطريقة تجعل قدرتهم على تقديم إجابة مقنعة أمرا مستحيلا. فهم يصطدمون في كل محاولة للرد على الإنتقادات التي شملت هوية مؤلفي الأناجيل وتاريخ كتابتها والفجوة التاريخية منذ بداية التدوين المفترض لحياة يسوع المسيح وتعاليمه وعدم وجود أي ذكر للأناجيل منذ تاريخ تدوينها المفترض وحتى سنة 140م وكذلك في رسائل بولس الذي يحتل مكانة مهمة في المذاهب المسيحية المختلفة تكاد تتفوق على المكانة التي من المفترض أن يشغلها تلاميذ المسيح وحواريه وتعتبر رسائله أقدم في تدوينها من الأناجيل الأربعة.
مع تمنياتي للجميع بدوام الصحة والعافية
النهاية
No comments:
Post a Comment