Flag Counter

Flag Counter

Monday, January 7, 2019

عمالقة وأقزام, سيكولوجي التبشير الديني عند المسلمين والمسيحيين

تضحكني الألقاب التي يستخدمها المسلمون والمسيحيون خصوصا حين يطلقونها على أبطالهم الدعويين مثل لقب عملاق المناظرات وهو لقب يفضله المسيحيون وشيخ الإسلام وهو أحد الألقاب المفضلة للمسلمين. وفي الحقيقة أن اللقب الأخير يطلقه المسلمون على إبن تيمية وهو فقيه إسلامي من القرن الثاني عشر أثار جدلا كبيرا بارائه ولكن هناك كتيب صغير يوزع بعنوان "آداب المشي إلى الصلاة" لشيخ الإسلام محمد إبن عبد الوهاب, يعني حتى الألقاب يقومون بسرقتها مع أن حقوق التوزيع والنشر من المفترض أنها محفوظة. جميع أولئك العمالقة يتهربون من المناظرات العلنية لأنهم لا يملكون الإجابة على الكثير من الأسئلة التي سوف تطرح عليهم. المسلمين والمسيحيين يقدسون نصوصا اجتهد كاتبوها ومؤلفوها ولكن هم في النهاية بشر خطاؤون مهما بلغت درجة محاولتهم الإتقان. المسلمون يقدسون كتابي صحيح البخاري ومسلم مع أن هناك أربعة كتب اخرى يسبق عنوانها لقب "صحيح" ولكنها لا تشغل المكانة التي يشغلها صحيح البخاري وصحيح مسلم عند المسلمين. المسيحيون بشكل عام يقبلون الكتاب المقدس بعهديه ولكن العهد الجديد يحتل مكانة خاصة بالنسبة اليهم, فهو كما قال يسوع المسيح في إنجيل القديس متى(9: 16-17): (16)لَيْسَ أَحَدٌ يَجْعَلُ رُقْعَةً مِنْ قِطْعَةٍ جَدِيدَةٍ عَلَى ثَوْبٍ عَتِيق، لأَنَّ الْمِلْءَ يَأْخُذُ مِنَ الثَّوْبِ، فَيَصِيرُ الْخَرْقُ أَرْدَأَ.(17)وَفِيمَا هُوَ يُكَلِّمُهُمْ بِهذَا، إِذَا رَئِيسٌ قَدْ جَاءَ فَسَجَدَ لَهُ قَائِلاً:«إِنَّ ابْنَتِي الآنَ مَاتَتْ، لكِنْ تَعَالَ وَضَعْ يَدَكَ عَلَيْهَا فَتَحْيَا».
الشيخ أحمد ديدات رحمه الله هو أحد أكبر وأهم الأشخاص الذين ناظروا القساوسة وفي الحقيقة افحمهم واحرجهم في الكثير من المواقف ولكنه لم يكن متخصصا في الدراسات الدينية كما أنني لا أتفق مع أسلوبه في الحوار حيث أنه أحيانا يسخر من الطرف الأخر مثل حديثه عن المسيح الذي يكنس السماء بلحيته. مناظرات الشيخ أحمد ديدات للقساوسة كانت من طرف واحد حيث كانت موضوعها دائما الكتاب المقدس والعقيدة المسيحية. ولكن حال الدنيا كما يقولون منذ وفاة الشيخ ديدات رحمه الله تغير خصوصا التطور الهائل في مجال الإتصالات وظهور وسائل التواصل الإجتماعي و مواقع مشاركة الفيديوهات من المتخصصين الذين يقدمون أجوبة على الأسئلة المطروحة بدلا من اللف والدوران والتحدي عن بعد والاختباء وراء الشاشات. الدكتور ذاكر نايك هو أحد تلاميذ الشيخ أحمد ديدات وهو في الحقيقة محاور جيد وأنا قد استمعت إلى عدد من محاضراته ولكن مهنته الأصلية هي الطب. كما أنه ليس عالما شرعيا في حال مواجهته باسئلة من النوعية التي يطرحها عمالقة المناظرات المسيحيون. وفي الحقيقة, فإنني أستغرب عدم عقد لقائات ومناظرات على مستوى بين عمالقة المناظرات المسلمين والمسيحيين منذ وفاة الشيخ احمد ديدات وحتى يومنا هذا بإستثناء مناظرة عقدت على البالتوك بين عملاق المناظرات المسلم الشيخ وسام عبدالله والقمص عبد المسيح بسيط من الكنيسة الأرثودكسية المصري حول ألوهية يسوع المسيح. أو لماذا لا يناظر المبشرون والقساوسة العرب البروفيسور بارت إيرمان وهو خبير في مقارنات الأديان ومتخصص في العهد الجديد وعملاق مناظرات حقيقي لا يختبئ خلف الشاشات وغرف البالتوك؟ ولماذا لا يردون على الشبهات في كتبه وهي منشورة ومعروفة؟
إن جميع الأديان لديها مشاكل في الإجابة على جميع الأسئلة التي يطرحها المعتنقون للدين أو الذين يفكرون في إعتناقه أو المشككين ومن يزعم من الدعاة أو المبشرين أن لديه إجابة على كل سؤال فهو كذاب. إن مشكلة الكتاب المقدس والعهد الجديد على وجه الخصوص هي العدد الكبير من المخطوطات التي تختلف فيما بينها بسبب عدم امانة المسيحيين في النقل مقابل اليهود والمسلمين الذين كانوا امينين في نسخ ونقل مخطوطات كتبهم المقدسة وذالك كما صرَّح بارت إيرمان في إحدى المقابلات التي أجريت معه. أحد الأسئلة التي يمكن أن تطرح حول العهد الجديد والتي أثارت فضولي عند قرائتي له هي نص إنجيل القديس لوقا(2: 21-24): (21)وَلَمَّا تَمَّتْ ثَمَانِيَةُ أَيَّامٍ لِيَخْتِنُوا الصَّبِيَّ سُمِّيَ يَسُوعَ، كَمَا تَسَمَّى مِنَ الْمَلاَكِ قَبْلَ أَنْ حُبِلَ بِهِ فِي الْبَطْنِ.(22)وَلَمَّا تَمَّتْ أَيَّامُ تَطْهِيرِهَا، حَسَبَ شَرِيعَةِ مُوسَى، صَعِدُوا بِهِ إِلَى أُورُشَلِيمَ لِيُقَدِّمُوهُ لِلرَّبِّ،(23)كَمَا هُوَ مَكْتُوبٌ فِي نَامُوسِ الرَّبِّ: أَنَّ كُلَّ ذَكَرٍ فَاتِحَ رَحِمٍ يُدْعَى قُدُّوسًا لِلرَّبِّ.(24)وَلِكَيْ يُقَدِّمُوا ذَبِيحَةً كَمَا قِيلَ فِي نَامُوسِ الرَّبِّ: زَوْجَ يَمَامٍ أَوْ فَرْخَيْ حَمَامٍ(إنتهى الإقتباس). المشكلة التي تواجه قارئ ذلك النص هي أن القديس لوقا في مقدمة إنجيله ذكر أنه كتب نقلا عن معاينين وخداما للكلمة وأنه تتبع كل شيء بتدقيق ولكنه لم يقدم لنا وصفا دقيقا للأضحية إن كانت زوج يمام او فرخي حمام حيث من المفترض أن من نقل الخبر إلى لوقا كان شاهدا على الواقعة. أما لوقا الذي كتب انجيله بوحي من الروح القدس فهو لم يكن من حواري يسوع المسيح ولا من تلاميذه ولكنه نقل عنهم او هكذا يفهم من مقدمة إنجيله.
مسالة اخرى قد طرحها الشيخ احمد ديدات وأعاد بارت ايرمان التأكيد عليها هي وجود أخطاء بعشرات الآلاف في مخطوطات العهد الجديد. الشيخ احمد ديدات ذكر نقلا عن أحد مطبوعات جماعة شهود يهوه المسيحية خمسين الف خطأ ولكنه جانب الصواب في ان تلك الجماعة إنما كانت تدافع عن صحة الكتاب المقدس وترد على جماعة مسيحية أخرى تزعم بوجود ذلك العدد من الاخطاء. ولكن الدكتور بارت ايرمان أكد في عدد من كتبه وجود ما لا يقل عن مئات الآلاف من الاخطاء والفروقات بين مخطوطات العهد الجديد المختلفة التي بين أيدينا. فإذا أضفنا إلى ذلك المشكلة التي يعاني منها العهد الجديد وهي فقدان المخطوطات الأصلية, فإن ذلك يعني إستحالة توفر نسخة واحد صحيحة ومعتمدة من الإنجيل تكون خالية من الأخطاء. المشكلة التي يعاني منها المسلمون والمسيحيون هي الازدواجية حيث أن المبشرين المسيحيين يقبلون بوجهة نظر بارت ايرمان فيما يتعلق بمجمع نيقية المسكوني على سبيل المثال بينما يصمتون عن حديثة حول الأخطاء والتناقضات في مخطوطات الانجيل بل وفي النسخ المتعددة المتوفرة لدى كل من يرغب في القرائة والإطلاع على الكتاب المقدس والعهد الجديد على وجه الخصوص.
إن تلك الحوارات واللقائات والمناظرات التي تعقد بين أتباع الأديان المختلفة ليست إلا حوار طرشان فكل طرف متمسك بوجهة نظره ولا يتزعزع نها قيد أنملة. كما أن الألقاب والعناوين البراقة التي تمنح بدون حساب للأشخاص والمناظرات مثل عملاق المناظرات أو المناظرة الكبرى او مناظرة القرن ليست الا تعويضا عن عقدة نفسية وشعور زائف بالعظمة ومحاولة لصناعة هالة اعلامية حول هذا الطرف او ذاك هو في الأساس لا يستحقها خصوصا المبشرين المسيحيين من العرب الذي لم ولن يتجرأ أحدهم على مناظرة الدكتور بارت ايرمان لانهم عاجزين عن الرد على كتبه حيث لم اجد مبشرا مسيحيا واحدا او قسيسا الّف كتابا او كتب موضوعا محوره إبطال مزاعم البروفيسور بارت ايرمان و ذلك بسبب عجزهم عن ذلك.
مع تمنياتي للجميع بدوام الصحة والعافية

النهاية

No comments:

Post a Comment