يعتبر الكتاب المقدس أحد أكثر الكتب مبيعا وانتشارا حيث يبلغ عدد المسيحيين في العالم حوالي مليار مسيحي. وتنقسم الطوائف المسيحية الغربية الى طائفتين رئيسيتين هما: الكاثوليكية والبروتستانتية. وتختلف الطائفتان فيما بينهما حول عدد أسفار الكتاب المقدس حيث يحتوي الكتاب المقدس للطائفة الكاثوليكية على ثمانية كتب تسمى أسفار الأبوكريفا(المنحولة) لا يعترف بها البروتستانتيين وهي: طوبيا(طو), يهوديت(يه), أستير(اس), سفر المكابيين الأول(1مك), سفر المكابيين الثاني(2مك), يشوع بن سيراخ(سي), سفر باروك(با) وسفر دانيا(با). بينما لم تتخذ الطوائف الشرقية من تلك الأسفار موقفا واضحا. وفي إنجيل الأباء اليسوعيين, قانون العهد القديم ص47-48, يأتي ذكر إسماء مجموعة من الكتب تم تصنيفها على أنهاضمن قائمة الأبوكريفا على الرغم من عدم ضمها لقائمة الكتب الثمانية وعدم طباعتها في الإنجيل المعترف به من قبل الكنيسة الكاثوليكية, وتلك الكتب هي: منسَّى, عزرا الثالث(تكييف يوناني لعزرا ونحميا), عزرا الرابع(رؤيا من أصل يهودي). وأما بالنسبة للعهد الجديد فإن أغلبية الطوائف المسيحية الرئيسية متفقة على عدد أسفاره الذي يبلغ 27 سفرا.
إن المشكلة الرئيسية التي يعاني منها الكتاب المقدس هي أن مؤلفيه مجهولين وأن تدوينة بدأ بعد فترة زمنية طويلة من تناقل الأخبار والمعلومات المتعلقة بالرسل والأنبياء ومن ثم يسوع المسيح كتراث شفوي. في حالة العهد القديم, فإن تدوينة قد بدأ سنة 398 ق.م على يد عزرا إثر السماح بعودة المنفيين اليهود في بلاد فارس غلى فلسطين وإعادة بناء هيكلهم المزعوم. وأما بالنسبة للكتب التي يتألف منها العهد الجديد فهي لم تبدأ بالظهور كتقاليد مكتوبة إلا في القرن الثاني ميلادية أن بابياس, أسقف هيرابوليس, والمتوفى سنة 130م تحدث عن إنجيل القديس متى الذي تم تأليفه بالعبرية وكل فسره حسب قدرته, أي ترجمه إلى اللغة اليونانية. ويقال أنه تم إكتشاف نسخة من إنجيل متى مكتوبة باللغة العبرية في تركيا تعود إلى زمن قريب من زمن محاكمة وصلب يسوع المسيح ولكن تبقى تلك النوعية من الأخبار بدون مصداقية حيث لم يشاهد أحد نسخة الإنجيل المزعومة ولا يوجد صورة لها تثبت بالفعل وجودها.
ولكن معضلة مؤلفي الأناجيل المجهولين ليست هي المشكلة الوحيدة التي يعاني منها الكتاب المقدس. الرسائل المختلفة التي تنسب إلى الرسل ولكن إسنادها إلى مؤلفيها يبقى بدون دليل. رسالة بولس إلى العبرانيين, رسالة بطرس الثانية, رسالة يوحنا الثانية والثالثة, رسالة يعقوب, رسالة يهوذا ورؤيا يوحنا جميعها لم يتم قبولها حتى سنة 363م وهناك عدة فقرات منها غير موجودة في الترجمة السريانية ولا تعترف الكنيسة السريانية بعدد من الرسائل منها الرسالة الثانية لبطرس, رسالة يهوذا ورؤيا يوحنا كما ذكر رحمة الله الهندي في كتابه "إظهار الحق-جزء 1-ص 158." الدكتور بارت إيرمان ذكرت في كتاب له عن الرسائل المنحولة أن رسالتي تيموثاوس الأولى والثانية والرسالة الى تيطس والمعروفة بالرسائل الرعوية(Pastoral epistles) مجهولة الكاتب وهي منسوبة زورا لبولس الرسول. ولكن تلك ليست هي الرسالة المنحولة الوحيدة لبولس الرسول في العهد الجديد, فهناك رسالة تسالونيكي الثانية والرسالة الى أفسس الرسالة إلى كولوسي هي أيضا منحولة بإسم بولس الرسول وأن المؤلف الحقيقي لتلك الرسائل مجهول. كما ذكر في نفس الكتاب أن رسالتي بطرس الأولى والثانية منحولتان وأن المؤلف مجهول.
مشكلة أخرى تواجه المدافعين عن عصمة الكتاب المقدس أنه هناك عددا من النصوص التي تمت إضافتها في مراحل لاحقة ولا توجد في أقدم المخطوطات خصوصا المخطوطة السينائية. أحد أشهر تلك القصص هي المرأة الزانية في إنجيل القديس يوحنا(8: 11-1) التي لم توجد في أقدم المخطوطات التي تم إكتشافها للإنجيل بالإضافة الى إختلاف الأسلوب في الكتابة. الإصحاحات الإثني عشرة الأخيرة من إنجيل القديس مرقس(16: 20-9) هي أيضا تم رفضها وصدرت بعض الطبعات تحتوي على تنويه أنها تلك الإصحاحات ليست من ضمن نص إنجيل القديس مرقس الذي تم العثور عليه في أقدم المخطوطات المكتشفة للعهد الجديد. نص رسالة يوحنا الأولى(5: 7-8) يعتبر أحد أهم النصوص التي يتم الاستشهاد بها بخصوص عقيدة التثليث ولكن ذلك النص تمت إضافته في وقت لاحق وهو غير موجود في أقدم المخطوطات اليونانية للعهد الجديد ولكنه كان موجودا في مخطوطات عرفت بإسم(Latin Vulgate). المسيح المتعذب والذي يبكي دموعا كالدم هو نص آخر من إنجيل القديس لوقا(22: 46-39) يتم اعتباره نصا مضافا في مرحلة لاحقة بسبب فقدانه من عدد كبير من المخطوطات القديمة وعدم تناسبه مع أسلوب الكتابة في باقي نصوص الإنجيل خصوصا وصف يسوع المسيح وردة الفعل التي أبداها على المصير الذي ينتظره.
إن هناك عدد من النصوص الأخرى في العهد الجديد والتي يرفض عدد من المختصين بدراسة مخطوطات الكتاب المقدس ودراسة العهد الجديد إعتبارها على أنها نصوص أصلية وأنه تمت إضافتها في مرحلة لاحقة حيث أن بعضها لم يتم العثور عليه في أقدم وأهم المخطوطات خصوصا المخطوطة السينائية(Codex Sinaiticus) والمخطوطة الفاتيكانية(Codex Vaticanus) بينما يختلف بعضها الأخر مع أسلوب الكتابة الذي تم تدوين الإنجيل بواسطته أو لا يأتي متناسقا مع السياق العام للأحداث. كما أنه هناك عدد من المسائل الأخرى التي سوف أناقشها في مواضيع لاحقة منها أن مؤلفي الأناجيل ليسوا شهودا على أحداثه ولغة كتابة الأناجيل باليونانية بينما لغة يسوع المسيح وتلامذته الأوائل كانت الأرامية أو العبرانية وعدم تحقق نبوئات الأناجيل وغير ذلك الكثير.
مع تمنياتي للجميع بدوام الصحة والعافية
النهاية
No comments:
Post a Comment