Flag Counter

Flag Counter

Sunday, January 6, 2019

مناظرة القرن بين جان يونان ووسام العبدالله

يضحكني في الحقيقة بعض المتنطعين خلف الشاشات سواء من المسلمين أو المسيحيين ممن يطلقون على أنفسهم الألقاب ويصرخون ويزعقون ويتحدّون بعضهم البعض في مناظرات يعلمون علم اليقين بأنها لم ولن تتم على الرغم من أن التطور في وسائل الإتصالات جعل من عقد المناظرات بين شخصين تفصلهما مسافة جغرافية شاسعة أمرا من الممكن القيام به بكل يسر وسهولة. إن صناعة الإعلام المزيف جعلت من الممكن لأمثال هؤلاء تلميع صورتهم والترويج لبضاعتهم الفاسدة بين جمهور السذج والمدمنين على أفيونهم الديني عبر الفضائيات الدينية سواء الإسلامية أو المسيحية التي تتلقى تمويلها من الدعاية والإعلان والترويج للسحرة والمشعوذين والعلاج بالأعشاب والطب البديل. كما أنني معارض لمبدأ المناظرات التي تتحول إلى ما يشبه مباريات ملاكمة يعتقد كل طرف أنه عليه أن ينهيها بالضربة القاضية. وهناك الحوارات التي تبث على المحطات الفضائية والتي تبدأ بالزعيق والصراخ وتنتهي بالزعيق والصراخ ولا يفهم المشاهد منها شيئا. يحق للمسيحي أن تكون له أسئلته حول الإسلام والقرآن وأن تكون له شكوكه كما يحق للمسلم أن تكون له أسئلته وشكوكه حول الكتاب المقدس وتاريخ المسيحية. وقد تكون تلك الأسئلة التي لدى الطرفين بدافع الفضول أو حب الإطلاع والمعرفة وليس بدافع من عدم الإقتناع والرغبة بالتحول إلى إيمان الطرف الأخر. أما أولئك الذين يبحثون عن الشهرة والأضواء والإثارة الإعلامية وليس عن إجابة لأسئلتهم فهم لا يملكون إجابات لأسئلة الآخرين ولا يهمهم إلا جمع لايكات وشيرات على مواقع التواصل الإجتماعي ومشاركة الفيديوهات مثل اليوتيوب وأن يصبح لهم شعبية بوصفهم مدافعين عن الدين والإيمان, نوع من البريستيج الاجتماعي.
وسام العبدالله والذي يزعم انه مقيم في مدينة نيويورك الأمريكية وأنه متخصص في الكتاب المقدس هو شخص مشهور في العالم الافتراضي على الشبكة العنكبوتية ولا يقبل إتباعه من الأخرين مناداته إلا الشيخ وسام. ذلك الشخص نجح بفضل احتجابه عن الظهور علانية والإعتماد على غرفته في البالتوك وتسجلات صوتية في صناعة هالة من القداسة حول نفسه على الرغم من أنه لا توجد صورة واحدة له على الشبكة العنكبوتية وهو غير معروف للفضائيات ذات التوجه الديني إلا عبر الإتصالات الهاتفية ولم يسجل له ظهور تلفزيوني واحد على أي فضائية او تسجيل مصور على اليوتيوب. كما أنه يزعم تخصصه في الكتاب المقدس ولكن لا أحد يعلم أين درس ذلك التخصص وفي أي جامعة أو كلية وهل دراسة الكتاب المقدس هي تخصصه الأصلي أم أنه حاصل على مؤهل جامعي وأن دراسة وقراءة الكتاب المقدس مجرد هواية. في المناظرة المشهورة على البالتوك حول ألوهية يسوع المسيح بين وسام العبدالله وعبد المسيح بسيط الذي يشغل منصبا رفيعا في الكنيسة القبطية الأرثودكسية, تلقى الطرفان المساعدة من عدد من الأشخاص خصوصا وسام العبدالله الذي ساعده في خلال المناظرة عدد لا يقل عن أربعة أو خمسة أشخاص وإنتهت المناظرة بمزاعم زائفة لكل منهما قام بترديدها كالببغاوات أتباعها وذلك بتحقيق الانتصار المزعوم ونسف حجة الطرف الآخر. ولكن عبد المسيح بسيط أستاذ متخصص في الدفاع اللاهوتي ويقوم بالتدريس في الكنيسة القبطية وهو يظهر في برامج ولقائات وحوارات تلفزيونية بينما وسام العبدالله على العكس تماما بشخصيته الحقيقية التي ينتابها الغموض.
وقد عثرت مؤخرا بمحض الصدفة أثناء تجولي في اليوتيوب على قناة دعي من أدعياء المسيحية يطلق على نفسه الأخ جان يونان يلقي فيها الشبهات حول الإسلام ويحاول أن يوحي من خلال الكتيبات التي يوزعها بالبريد الإلكتروني أن كتبه تقلب الطاولة على مزاعم المسلمين وتنقل الكرة إلى ملعبهم ويستخدم في فيديوهاته أسلوبا ساخرا. وفي أحد الفيديوهات يقوم بالتهجم على الشيخ أحمد ديدات رحمه الله بخصوص مسألة أن الكتاب المقدس فيه خمسون ألف خطأ حيث يفضح جهله وقلة امانته. وفي تلك المسألة وبعد البحث وجدت أن المزاعم التي إنتشرت حول وجود خمسين ألف خطأ في الكتاب المقدس منشورة في مجلة لأحد الطوائف المسيحية وهي شهود يهوه سنة 1952 وليست من إبتكار مخيلة الشيخ أو تلاميذه. كما أن بروفيسور مقارنات الأديان والعهد الجديد بارت إيرمان ذكر في كتابه "Jesus Interrupted) إن مخطوطات العهد الجديد المتوفرة لدينا تحتوي على أخطاء وإختلافات بين المخطوطات تقدر بمئات الألاف وأن عدد الإختلافات بين مخطوطات العهد الجديد أكثر من عدد الكلمات الذي يحتويها. وفي كتاب آخر, "Misquoting Jesus," يذكر نقلا عن جون ميل(John Mill), عضو هيئة التدريس في جامعة أوكسفورد خلال القرن السادس عشر, أن مقارنة المخطوطات اليونانية للعهد الجديد المتوفرة لديه قد كشف عن ثلاثين ألف خطأ في تلك المخطوطات. مجلة شهود يهوه لم تتحدث عن أخطاء في النسخة المطبوعة التي تعد متوفرة لأي شخص يرغب في شراء  الكتاب المقدس ولكن عن عشرات الألاف من الأخطاء في مخطوطات العهد الجديد التي وصلت إلينا وهي متوفرة للباحثين والمختصين ممن يرغبون في الإطلاع عليها وذلك هو المقصود من كلام الشيخ أحمد ديدات وهو ما أكده البروفيسور بارت إيرمان.
ولكن نصيحتي لكل مهتم في ذلك الموضوع الشيق, مقارنات الأديان, أن لا تهتموا للهراء الذي يردده أمثال وسام العبدالله وجان يونان فهم ليسوا إلا مجرد أدوات رخيصة ليس هدفهم البحث عن الحقيقة بقدر تحقيق شهرة ونجومية إعلامية والظهور على القنوات والمحطات. وسام العبدالله متخصص في الهجوم على الكنيسة الأرثودكسية المصرية والإتصال على قساوستها بطريقة تخلو من أي احترام وذوق. فلو كان وسام العبدالله صادقا لقبل الظهور بشخصه ولم يختبئ خلف شاشات كمبيوتر وغرف بالتوك. ومثله جان يونان الذي لو كان يتمتع بأدنى درجة من المصداقية لكان استخدم أسلوبا علميا أكثر رصانة وتوقف عن السخرية ومحاورة الأموات أو محاورة نفسه وطرح الأسئلة عن الإسلام والإجابة عليها. وربما في يوم من الأيام, قد نشهد مناظرة القرن على محطة تلفزيونية محترمة بين وسام العبدالله وجان يونان, فكل منهما يكمل الأخر. أو كما يقول المثل, طنجرة ولقت غطاها.
مع تمنياتي للجميع بدوام الصحة والعافية

النهاية

No comments:

Post a Comment