هناك تغييرات بنيوية في الإقتصاد العالمي بدأت تظهر من خلال الرسوم الجمركية التي فرضها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب على جميع دول العالم تقريبا. هناك دول غير موجودة على الخريطة, جزر معزولة ودول حلفاء للولايات المتحدة فرضت الولايات المتحدة عليها رسوما جمركية. دونالد ترامب قام بتسليح الرسوم الجمركية, حولها الى سلاح(Weaponize It) بادئا حربا تجارية الولايات المتحدة ضد جميع دول العالم. دونالد ترامب الذي كان يتهم الرئيس الأمريكي السابق جو بايدن بأنه يقود الولايات المتحدة الى حرب عالمية ثالثة ولكنه بدأ حربا تجارية مع العالم لا أحد يعلم كيف سوف تتطور الأحداث. إن الهدف الرئيسي من الرسوم الجمركية استخدامها أداة ابتزاز مواقف سياسية وعلى رأس القائمة تهجير الفلسطينيين من قطاع غزة الى مصر والضفة الغربية الى الأردن أو ربما سوريا أو لبنان.
الحروب أسبابها اقتصادية في جذورها بما في ذلك الحرب العالمية الأولى, الحرب العالمية الثانية والحرب الباردة. بريطانيا دخلت الحرب العالمية الأولى ضد ألمانيا لأسباب تجارية واقتصادية بسبب تنامي القوة البحرية الألمانية وتهديدها السيطرة البريطانية على بحار العالم. اليابان هاجمت ميناء بيرل هاربر خلال الحرب العالمية الثانية بعد أن حاصرت الولايات المتحدة اليابان تجاريا من خلال السيطرة على تدفق النفط الى اليابان التي كانت ومازالت الى يومنا هذا تستورد جميع احتياجاتها من الطاقة بسبب افتقارها الى مصادر الطاقة الأحفورية(النفط). التوسع الإقتصادي هدفه البحث عن أسواق جديدة ومواد أولية منخفضة التكلفة كان الاستعمار العسكري المباشر وسيلته الرئيسية كما فعلت بلجيكا مع الكونغو, بريطانيا مع جنوب إفريقيا وماليزيا, فرنسا مع المغرب, الجزائر, تونس, سوريا ولبنان, إيطاليا في ليبيا وغيرها من الدول التي استولت على حصتها من الأراضي تركة الدولة العثمانية التي كان لقبها رجل أوروبا المريض.
الدولة العثمانية كانت أهدافها في التوسع إقتصادية خصوصا في منطقة الشرق الأوسط حيث تعرضت البلدان التي سيطرت عليها عسكريا بإسم الإسلام الى النهب المنظم للموارد خصوصا الزراعية. الدولة العثمانية حاربت التعليم في البلدان التي سيطرت عليها وحولتها الى مستعمرات زراعية, لا صناعة ولا تعليم ولا بنية تحتية. هناك فصول غير محكية في تاريخ المنطقة خلال تلك الحقبة الزمنية التي امتدت ٤٠٠ سنة. كانت معاهدة الامتيازات الأجنبية التي وقعها السلطان العثماني سليمان القانوني فاتحة الشر وسبب سقوط الدولة العثمانية والسلطان عبد الحميد الثاني كان سببه الرئيسي النفط وليس فلسطين. بريطانيا كانت تعلم من خلال جواسيسها التي كانت ترسلهم الى منطقة تحت مسمى بعثات تنقيب عن الأثار و بعثات تبشيرية عن وجود النفط خصوصا في محافظة الموصل في العراق وفي الكويت وشعرت بقلق بالغ من خط سكة حديد برلين-بغداد-الكويت الذي كان سوف يسمح لألمانيا القيصرية بالوصول الى قناة السويس وتهديد الهند(درة التاج الإستعماري البريطاني).
النظام الإقتصادي العالمي الذي أعلنت عنه الولايات المتحدة سنة ١٩٤٤ من خلال إتفاقية بريتون وودز بدأ في الإحتضار منذ سنة ١٩٧١ حين أعلن الرئيس الأمريكي ريتشارد نيكسون التخلي عن معيار الذهب و تعويم الدولار الأمريكي. ولكن في الوقت نفسه لم يتم تقديم أي نظام اقتصادي بديل. اتفاقيات التجارة الحرة, الجات والنافتا التي ساهمت الشركات الأمريكية العابرة للقارات في صياغة بنودها ولكنها حاليا لا تناسب الولايات المتحدة التي تعمل من طرف واحد على تغييرها وكتابة بنود اتفاقيات جديدة تكون هي الجهة الوحيدة المستفيدة والمتحكمة بها. الدين العام الأمريكي تحول الى مشكلة ظاهرة للعيان تهدد الاقتصاد العالمي والولايات المتحدة تسعى الى السيطرة على تلك المشكلة قبل أن تؤدي الى انهيار الولايات المتحدة وربما بداية حرب أهلية داخلية وإنفصال ولايات أمريكية.
ولكن ماهي الأهداف السياسية والإقتصادية التي يسعى دونالد ترامب الى تحقيقها من خلال المفاوضات على الرسوم الجمركية؟ الصين على سبيل المثال توقفت عن شراء سندات وزارة الخزانة الأمريكية وتقوم بهدوء على بيع حيازتها منها وشراء الذهب. الأردن ومصر هناك قضية تهجير الفلسطينيين. روسيا تخوض حربا في أوكرانيا بالإضافة الى الخلاف على مسائل الطاقة والتواجد العسكري الروسي في سوريا. دول مثل كوريا الجنوبية و دول أوروبية طالبهم ترامب بدفع نفقات التواجد العسكري الأمريكي, دفع رسوم الحماية الأمريكية. أما بالنسبة الى المكسيك ودول أخرى في أمريكا اللاتينية فإن الخلاف مع الولايات المتحدة حول قضية المهاجرين وربما هناك خلاف مع دول مثل البرازيل حول مجموعة البريكس. الأهم هو مساعي بعض الدول منها الصين, البرازيل وروسيا لإيجاد بديل عن الدولار الأمريكي الذي تعتبره تلك الدول وسيلة نهب منظم لمواردهم الطبيعية وإقتصاديا تهم.
تمنياتي للجميع دوام الصحة والعافية
عاشت الجمهورية العربية السورية حرة مستقلة
الوطن أو الموت
النهاية
No comments:
Post a Comment