السلطة الخامسة

كانت كلمة الشاه محمد رضا بهلوي التي تحدث فيها عن الذين يسيطرون على الإعلام, الإقتصاد وكل شيء مكلفة للغاية إذا دفع مقابلها عرشه. الإعلام لا يتحدث عن تلك الفترة في تاريخ إيران ويخفي الكثير من الحقائق. هناك خمسة او ستة شركات عابرة للقارات(متعددة الجنسيات) تسيطر على الإنتاج الإعلامي والسينمائي في العالم ويبدو الخطاب الإعلامي كأن مصدره واحد. صحف, سينما, إذاعة, تلفاز, يوتيوب تقع تحت سيطرة جهة واحدة ترسم خطوط الأحداث.

حرب الخليج الثانية أو غزو العراق دولة الكويت هي مثال على السيطرة المحكمة على وسائل الإعلام ومخرجاتها. الجيش العراق لم يحاول غزو السعودية وجميع المصادر وصور الأقمار الصناعية مفبركة وكان هناك مركز إعلامي موحد يعمل من خلاله جميع الصحفيين ولم يكن يسمحون للخبر أن يكون خارجا عن حدود معينة.

الربيع العربي كانت نتائجه كارثية على منطقة الشرق الأوسط بكل ماتحمله الكلمة من معنى. حروب أهلية, تقسيم وتجزئة, تدمير البنية التحتية وخسائر اقتصادية. قناة الجزيرة على الرغم من كل ذلك تعلن أن الربيع العربي مستمر. جوليان أسانج مؤسس ويكيليكس يرى من وجهة نظره أن الوثائق التي سربها موقعه هي التي أدت الى اشتعال غضب المواطن العربي في تونس, مصر, ليبيا, سوريا وغيرها من البلدان. إن تلك هي الرواية التي يروجها أسانج ولكن الحقيقة هي جانب القمر المظلم الذي لا يراه الكثيرون. 

كنت أشاهد فيلم (السلطة الخامسة-The Fifth Estate)  عن جوليان أسانج وموقع ويكليكس وتابعت الصحف ووسائل الإعلام التي كانت تتحدث عن الموقع ومؤسسة. المثير للاستغراب أن الموقع لم ينشر وثائق عن قطر ودولة الكيان الصهيوني. وقد نشرت وسائل إعلامية أن قطر دفعت أموالا طائلة الى أسانج وموقعه. جوليان أسانج أحد المغفلين المدفوعين دفعا الى أن يصدقوا أنهم قدموا إنجازا عظيما الى البشرية تماما مثل المغفلين من المتظاهرين في الجامعات الأمريكية المعارضين للحرب في غزة يصدقون أنهم سوف يحققون إنجازاً أو يوقفون الحرب. النتيجة كانت فوز دونالد ترامب وسيطرة الحزب الجمهوري على مجلسي النواب والشيوخ. فإذا أضفنا أن هناك ستة قضاة جمهوريين في المحكمة العليا, فإن ذلك يعني حكما مطلقا وسيطرة مطلقة.

الحلقة التي يدور حولها موقع ويكليكس مثيرة للأسئلة لكل شخص لديه منطق ويحاول قراءة الأحداث بطريقة مناسبة. جوليان أسانج حصل على عشرات الآلاف من الوثائق والفيديوهات عن الحرب الأمريكية في العراق وكبش الفداء كان جنديا أمريكيا يدعى جون مانينغ حكم عليه بالسجن فترة طويلة وهناك أجرى عملية تحويل جنس من ذكر الى أنثى دفعت تكاليفها الحكومة الأمريكية. محامية جوليان أسانج هي اللبنانية البريطانية أمل علم الدين صديقة اليهودي جاريد كوهين من كبار المدراء التنفيذيين في جوجل وزوجها الممثل الهوليودي جورج كلوني من أكبر المؤيدين للانفصاليين في جنوب السودان والذي كان يشتري صور أقمار صناعية من شركات خاصة عن تحركات الجيش السوداني ويرسلها الى المتمردين.

المثير للقلق بالنسبة لي على الأقل وأنا هنا أتحدث عن نفسي وليس عن الأخرين أن الشعوب توقفت عن طرح الأسئلة وتسير خلف وسائل الإعلام بدون تفكير كأنهم عميان أو من أولئك الذين يسيرون أثناء نومهم. أنت تسأل إذا أنت حي, أنت تفكر إذا أنت حي.  الخروج في مظاهرة بدون وعي حقيقي حول أهدافها ونتائجها سوف يكون له نتائج سيئة. البوصلة ليست في الاتجاه الصحيح. إن ذلك يذكرني بالمظاهرات سنة ٢٠١٦ في الولايات المتحدة حيث تخريب الممتلكات, نهب المحلات والاعتداء على الآخرين مواطنين ورجال شرطة. كما أنه كانت هناك دعوات الى إقالة رجال الشرطة واستبدالهم بأطباء نفسيين وأخصائيين اجتماعيين. وقد شاهدت فيديو لإعتداء متظاهرين على المركبات في أحد مواقف السيارات التي مرت من على مقربة منها مظاهرة تتبع حركة حياة السود مهمة.  كما شاهدت فيديو أخر للشرطة تعتقل مواطنين من السود حاولوا الدفاع عن متجرهم ضد مواطنين أخرين من السود حاولوا نهبه خلال أحد المظاهرات. الشرطة أطلقت سراحهم بعد أن فهمت الموقف ولاحقت المجرمين الحقيقيين. هناك إعلانات في الولايات المتحدة تطلب متظاهرين مقابل أجر يومي قد يصل الى مائتي دولار أمريكي وخلال أحداث الربيع العربي كان هناك متعهدي مظاهرات يدفعون أجرا يوميا الى الكثير من المتظاهرين أو المحرضين القادرين على التأثير حتى أكون أكثر دقة.

إنها إذا الفوضى وذلك ما يستفيد منه من يحركون الأحداث من خلف الستار.  مظاهرات عميان, تخريب ونهب وفوضى. الوعي غائب و وسائل التواصل الاجتماعي تزيد النار اشتعالا. المهم هو الوعي والفهم العميق للتاريخ وأحداثه وكل ما قرأ الشخص في التاريخ ازداد مستوى الوعي لديه وازداد مستوى فهمه للأحداث ودوره فيها.

مع تمنياتي للجميع دوام الصحة والعافية

النهاية