Flag Counter

Flag Counter

Wednesday, October 27, 2021

البحث عن يسوع المسيح

الحقيقة أنَّ البحث عن شخصية يسوع المسيح ومحاولة بنائها من بين ركام الأساطير والنصوص الدينية تعتبر مهمة صعبة ولكنها ليست مستحيلة. إنَّ صعوبة المحاولة قد أدَّت الى إنكار وجود يسوع المسيح خصوصا من قبل الملحدين ومن يعتبرون يسوع المسيح أسطورة. خارج النصوص الدينية في الإسلام والمسيحية, ليس هناك دليل ملموس على وجود يسوع المسيح مما يزيد من تعقيد المسألة. هل يسوع المسيح داعية سلام أم حرب؟ هل كان واعظا متجولا أم داعية ثورة وتمرد ضد الحكم الروماني في فلسطين؟

إنَّ يسوع المسيح يعتبر شخصا مليئا بالعاطفة وتناقضات لا يمكن إنكارها: رجل السلام والمحبة الذي يأمر أتباعه بشراء السيوف, طارد الأرواح الشريرة الذي كان يشفي المرض في العلن ولكنه يطلب من أتباعه الحفاظ على هويته سرا. وفي النهاية, لم يتحقق وعد يسوع المسيح خلال حياته التبشيرية القصيرة بأن يتم تحرير اليهود من الحكم الروماني. تلك التناقضات دفعت الكنيسة إلى أن تقدِّم المسيح في صورة الداعية والمعلم الروحي المسالم بدلا من ثوري يقود حركة سياسية ثورية تهدف في النهاية الى تخليص اليهود من الحكم الروماني ولو عن طريق العنف والقوة المسلحة.

إذا ليس هناك دليل ملموس على وجود يسوع التاريخي وليس هناك شهود عيان ممن عاصروا يسوع المسيح قد نقل أقواله وأفعاله كما سمعوها وشاهدوها. الأناجيل الأربعة وهي متى, مرقس, لوقا ويوحنا لم تكتب من شهود عيان. مرقس ولوقا لم يكونا من حواريي أو تلاميذ يسوع المسيح بينما هناك شكوك حول هوية مؤلف إنجيلي متى ويوحنا خصوصا تلك التي المتعلقة بلغة الكتابة الأصلية, الآرامية أو اليونانية وهوية مؤلف الإنجيل الرابع الذي ينسب الى التلميذ الذي يحبُّه يسوع والذي يعتقد الكثيرون أنه العازر الذي أحياه يسوع المسيح من الموت وليس يوحنا وهو أحد الحواريين. 

هناك من يذكر  أنَّ مؤرخين يهود, وثنيين ويونانيين مثل فيلون السكندري, سينيكا وبليني القديم لم يتحدثوا في كتبهم ومؤلفاتهم عن يسوع المسيح. فلافيوس جوزيف وهو من مؤرخي اليهود القدامى ومؤلف كتاب "آثار اليهود" لم يتحدث عن يسوع المسيح إلا من خلال فقرة من بضعة أسطر حيث يُشَكِّكُ المؤرخون في صحتها. التلمود تحدَّثَ عن المسيح الذي ولدته أمُّه مريم من علاقة خارج إطار الزواج مع جندي روماني يدعى بانتيرا وأن المعجزات التي قام بعملها هي من سحر الشياطين. يضاف الى كل ما سبق ذكره ثمانية عشرة عاما من الغموض حول حياة يسوع المسيح في مصر(١٢-٣٠)عاما وغياب أي أثر له في كتابات ونقوش قدماء المصريين.

ولكن رغم كل ذلك فإن يسوع التاريخ موجود وإن كانت المصادر التي تثبت وجوده ضعيفة أو تعتريها الشكوك. بلدة الناصرة موجودة وقد تم إكتشاف قطع فخارية فيها تعود الى القرن الأول ميلادي. المؤرخون مثل بليني الصغير(إبن أخ بليني الكبير) تحدث ولو بإختصار شديد عن المسيحيين أتباع المسيح ممن يجتمعون في السر ويأكلون جسد الرب ويشربون دمه. العبارات في كتاب حروب اليهود وآثار اليهود قد تعود بالفعل الى فلافيوس جوزيف حيث رفض بعض المؤرخين والمختصين فرضية إضافة العبارتين لاحقا من نسَّاخ أخرين او مجرد معارضين لآراء فلافيوس. 

مع تمنياتي للجميع بدوام الصحة والمعرفة

النهاية


No comments:

Post a Comment