Flag Counter

Flag Counter

Friday, October 29, 2021

الإقتصاد السياسي للأزمات

في أي أزمة يمر بها العالم سواء اقتصادية,سياسية, اجتماعية أو طبيعية, هناك طرفان للأزمة: المستفيد والمتضرر. إن تعريف الأطراف المستفيدة والمتضررة وتحليل أسباب الأزمة لا يمكن بدون أخذ الإقتصاد السياسي للأزمات في الاعتبار وإعطائه أولوية على أساليب التحليل التقليدية التي تأخذ الأسباب الظاهرة بدون مراعاة للتفاصيل. التغير المناخي والاحتباس الحراري, تسونامي٢٠٠٤, كارثة إعصار كاترينا, الحرب العالمية الأولى, الحرب العالمية الثانية, الحرب العراقية- الإيرانية, حرب الخليج الثانية, الحرب على الإرهاب و ظاهرة القرصنة قرب السواحل الصومالية هي أمثلة في قائمة لا تنتهي على أزمات يقدِّم لها الإقتصاد السياسي تحليلا أقرب الى الواقعية.

الأزمة السورية هي أحد الأمثلة التي يختصرها البعض في طبيعة نظام الحكم وشخص رئيس الدولة ولكن الحقيقة على أرض الواقع تختلف عن ذلك. أحد إفرازات الأزمة السورية هي مشكلة اللاجئين التي تعتبر الأسوأ منذ الحرب العالمية الثانية. أكثر من مليون لاجئ دخلوا الى ألمانيا بدون حساب اللاجئين في دول أوروبية أخرى مثل السويد, النرويج, النمسا وغيرها من الدول الأوروبية. نظام الرئيس التركي رجب طيب أردوغان يبتز أوروبا اقتصاديا وسياسيا مستخدما اللاجئين. هناك اقتصاد متكامل قائم في تركيا بسبب تواجد أعداد ضخمة من اللاجئين المقيمين في تركيا وممن يرغبون في العبور الى أوروبا. الديمغرافيا الأوروبية تغيرت الى الأبد بسبب تدفق مئات الآلاف من اللاجئين.  

الاحتباس الحراري والتغير المناخي يعتبر مشكلة قائمة لا يمكن إنكارها ولكن السؤال هو, هل هي من صنع الطبيعة أم الإنسان؟ هناك الكثير من الإختلاف بين العلماء في تحليل أسباب تلك الأزمة التي أصبحت خاضعة لاعتبارات سياسية. هل صحيح أن إنحراف محور الأرض هو سبب التغير المناخي؟ ولو كان الجواب لا, كيف يمكن تفسير التغيرات المناخية التي مرَّ بها كوكب الأرض خلال الفترة الزمنية التي سبقت بداية الثورة الصناعية؟ إن ظواهر التغير المناخي والاحتباس الحراري تحولت إلى صناعة تدر مئات الملايين من الدولارات على جهات مختلفة. مؤتمرات واجتماعات وإحتفالات ومؤسسات بيئية وربما غسيل أموال وتهرب ضريبي هي بعض من مخرجات تلك الأزمة. في دولة جزر المالديف, تقوم الحكومة بإخلاء بعض الجزر من ساكنيها بسبب إرتفاع مستوى سطح البحر ثم تسمح ببناء منتجعات فاخرة وفنادق. وعلينا أن لا ننسى أن وسائل الطاقة البديلة تحولت إلى صناعة بمليارات الدولارات يتبع لها شركات ولوبيات ضغط لها مصالحها التي ترغب في المحافظة عليها.

كوارث طبيعية مثل تسونامي٢٠٠٤ وأعاصير مثل كاترينا ٢٠٠٥ هي فرصة نادرة تقوم الحكومات ومن ورائها لوبيات الضغط و الشركات العابرة للقارات باستغلالها. سيريلانكا هي إحدى الدول التي تضرَّرَت من كارثة تسونامي٢٠٠٤ الذي ضرب شواطئها بقوة جارفا الأبنية, المنازل والبنية التحتية. الحكومة السريلانكية لم تسمح بعودة سكان القرى الشاطئية المتضررة بسبب مخاوف تتعلق بالسلامة العامة ولكنها في الوقت نفسه منحت تلك الأراضي الى مطورين عقاريين قاموا ببناء فنادق ومنتجعات. بينما خلال الفترة التي أعقبت كارثة إعصار كاترينا, قامت الحكومة الأمريكية ولوبيات الضغط والشركات بتخصيص نظام المدارس الحكومية حيث لم يتبقى إلا ربما أربعة مدارس حكومية في مدينة نيو-أورلينز الأكثر تضررا. كما قامت ببناء مجمعات سكنية فاخرة في أراضي كانت تحتوي في السابق على مساكن اجتماعية مخصصة من أجل ذوي الدخول المنخفضة. 

ظاهرة القرصنة قرب السواحل الصومالية بدأت بدفاع السكان ضد الصيد الغير شرعي الذي كانت تقوم به مراكب تتبع دولا مختلفة استغلت حالة الفوضى والفراغ الأمني بعد سقوط نظام الرئيس سياد بري سنة ١٩٩٠. وفي وقت لاحق تطوَّرَ الأمر الى عمليات قرصنة مقابل الفدية مما أدى الى تدخل دول غربية ترغب في سبب من أجل التواجد العسكري في تلك المنطقة الحيوية التي تقع قرب طرق الملاحة البحرية. إن تدخل الولايات المتحدة سنة ١٩٩٢-١٩٩٣ خلال عملية استعادة الأمل قد أدى الى مزيد من الفوضى والانقسام. ولكن الولايات المتحدة التي انسحبت, عادت لاحقا الى الصومال تحت مسمى الحرب ضد الإرهاب. وسائل إعلام غربية نشرت مزاعم كاذبة عن تنظيم المحاكم الإسلامية الصومالي أنه يوالي تنظيم القاعدة بينما هو على أرض الواقع تنظيم قبلي نجح في فرض الأمن وإعادة الاستقرار إلى الصومال.

الظواهر الطبيعية والكوارث والأزمات لا تنتهي معها استغلال معاناة المتضررين الذي قد يكون بعضهم خسر كل ما يملك. المصالح هي كل ما تهتم له تلك الشركات وليس لها أي علاقة بأمور مثل الحفاظ على البيئة أو الأمن والسلم العالمي أو إنهاء المعاناة الإنسانية أو مكافحة الإرهاب. الإقتصاد السياسي يوفِّرُ تحليلا منطقيا لكل أزمة أو كارثة طبيعية حيث من الممكن إستغلال ذلك في فهم طبيعة تلك الأزمات والكوارث ومحاولة إيجاد حلول لها. 

مع تمنياتي للجميع بدوام الصحة والعافية

النهاية

No comments:

Post a Comment