Flag Counter

Flag Counter

Wednesday, October 27, 2021

لماذا لا يتعظ المواطن العربي من دروس التاريخ؟

العقل العربي معقد ومليئ بالتناقضات والمواطن العربي لم ولن يتَّعِظَ من دروس التاريخ. وسائل الإعلام الغربية تعرف كيف تستغل تلك التناقضات في تحريض العرب على بعضهم البعض وتحقيق المصالح الغربية بدون إرسال جندي واحد.  حروب الجيل الرابع والخامس وحروب الأجيال القادمة ليست سوى مصطلحات مختلفة والهدف يبقى هو نفسه, فرِّق تَسُد. ولكن تلك السياسة الغربية ليست وليدة اليوم بل منذ خمسينيات القرن التاسع عشر, رفضت الولايات المتحدة خطَّة بريطانيا غزو إيران سنة 1953 بقوة قوامها 70 الف جندي وأخبر الرئيس الأمريكي أيزنهاور رئيس الوزراء البريطاني ونستون تشرشل أن هناك طرق أخرى غير مباشرة أقل كلفة وأفضل من ناحية النتائج.

الدول العربية دائما في مرمى صانعي السياسات الغربيين والسبب الرئيسي هو الطاقة وهناك أسباب أخرى فرعية. المملكة العربية السعودية, الكويت, العراق, ليبيا, الجزائر هي دول منتجة للنفط تحتوي على احتياطيات ضخمة من النفط والغاز. حتى في سوريا ولبنان تم اكتشاف حقول نفط وغاز منتجة تجاريا. هناك سبب آخر قد لا يلتفت إليه الكثيرون وهو الممرات البحرية الحيوية مثل قناة السويس والمضايق مثل باب المندب, هرمز و جبل طارق. مدينة سبتة التي تحتلها إسبانيا تقع على مدخل مضيق جبل طارق في الأراضي المغربية. مسألة المضايق والممرات البحرية في الوطن العربي هي برميل بارود ينتظر الإنفجار في أي لحظة.

المياه هي سبب أخر مثير الإضطرابات والمشاكل في الوطن العربي الذي يعاني من عجز في مصادر المياه. تركيا تتحكم في تدفق المياه في دجلة والفرات, دولة الكيان الصهيوني ترفض التخلي عن الجولان بسبب المخزونات الهائلة من المياه الجوفية وقد ضربت في السابق مشروعات تحويل المياه في نهر الأردن. وآخر فصول مشكلة المياه في الوطن العربي هي نهر النيل وسد النهضة الذي تبنيه إثيوبيا على النيل الأزرق في منطقة بني شنقول-قماز. إن مشكلة سد النهضة ليست محصورة في تناقص حصة مصر من مياه نهر النيل بل قي أنَّ إحتمال إنهياره في حالة ملئ التخزين 13 مليار متر مكعب تعني كارثة حقيقية بالنسبة الى مصر والسودان أشبه بكارثة إنفجار نووي. السد قد يتعرض الى عمل تخريبي مما سوف يؤدي إلى انهياره وربما أكبر كارثة في تاريخ البلدين.

الدول الغربية تستخدم أكثر من وسيلة من أجل تحقيق أهدافها ومصالحها في الدول العربية سواء ملف الطاقة, المياه أو الإرهاب. إن جميع التنظيمات الإرهابية المعروفة مثل تنظيم القاعدة وداعش تعود في جذورها الى تنظيم الإخوان المسلمين الذي قام حسن البنا بتمويل بريطاني وإشراف سعودي تأسيسه سنة ١٩٢٨. وفي مرحلة لاحقة خلال الحرب الأفغانية-السوفياتية, ورثت الولايات المتحدة التنظيم واستخدمته ببراعة في تفتيت الدول العربية والتدخل في شؤونها. الدول العربية التي يصل إلى كرسي الحكم فيها أحد تنظيمات الإسلام السياسي أو ينتشر فيها الإرهاب سوف تتعرض الى التقسيم والتجزئة مثل السودان وحاليا مصر في دائرة الإستهداف.

ملفات مثل الحريات والديمقراطية وحقوق الإنسان ليس لها أهمية بالنسبة إلى الدول الغربية بقدر ما تهمها مصالحها. حمار مصاب في دولة عربية قد يلقي من الإهتمام من جمعيات الرفق بالحيوان في دول غربية أكثر من مواطني البلد العربي أنفسهم. الدول الغربية تثير ملفات حقوق الإنسان في الدول التي تصفها بأنها مارقة وتتجاهل حلفائها الذين يرتكبون جميع أنواع انتهاكات الحريات وحقوق الإنسان. أما تعريف الدول المارقة فهي الدول التي لا تنصاع للأجندات الإقتصادية والسياسية الغربية خصوصا الولايات المتحدة, بريطانيا وفرنسا. هناك أنظمة حكم في أمريكا اللاتينية وإفريقيا ارتكبت انتهاكات ضد حقوق الإنسان والحريات أكثر من جميع الدول العربية ومع ذلك لا تقترب منها تلك المنظمات المشبوهة لأنها ليست ضمن الدول المارقة التي تعارض المصالح الأمريكية والغربية في المنطقة.

مع تمنياتي للجميع بدوام الصحة والعافية

النهاية



No comments:

Post a Comment