خلال توقيت متزامن وبفارق توقيت أيام قليلة, جريمتان متزامنتان تقشعر لهما الأبدان في الأردن ومصر. في مدينة الزرقاء الأردنية التي تعتبر مرتعا للخارجين على القانون والبلطجية, قامت عصابة منهم باختطاف طفل مراهق عمره لايزيد عن 16 عاما وفقئوا له إحدى عينيه وقطعوا يديه. عصابة من المجرمين نفذوا جريمتهم بسبب ثأر عائلي حيث كان والد الفتى الضحية قد قتل خال زعيم العصابة التي قامت بتلك الجريمة البشعة. وفي مصر, قام ثلاثة شبان بقتل فتاة تبلغ من العمر 24 عاما دهسا بسيارة كان يركبونها بسبب رفضها قيامهم التحرش بها.
الحكومة الأردنية تلقت أوامر على أعلى المستويات باتخاذ الإجرائات اللازمة والتي بدأتها الأجهزة المعنية بإصدار أوامر بحظر النشر والقبض على الشخص الذي قام بتصوير الفيديو للطفل المخطوف وهو على قارعة الطريق ينزف الدماء ويداه مقطوعتان. ومن ثم ألقت الأجهزة المعنية القبض على زعيم العصابة الذي تبين أن له صحيفة سوابق يحسده عليها حتى آل كابون في الولايات المتحدة وكبار زعماء عصابات مدينة شيكاغو, الأمن الأردني قام بتسليم المجرم الى القضاء 170 مرة, أي أن له ليس صحيفة سوابق بل كتاب سوابق يضاهي في حجم صفحاته كتاب ألف ليلة وليلة بأجزائه الأربعة. السبب في أنه تم إلقاء القبض على مصور الفيديو هو أنه السبب في إظهار بشاعة القضية وتحويلها الى قضية رأي عام وتسائل الأردنيين عن سبب خروج ذلك المجرم من التوقيف 170 مرة.
أما بالنسبة الى مصر, فقد بدأت الحكومة المصرية وعلى عادتها بمحاولة لفلفة القضية والتقليل من شأنها حيث زعمت الأجهزة الأمنية في مصر بأن الفتاة كانت ضحية محاولة إختطاف حقيبتها النسائية وأن رأسها اصطدم بسيارة كانت متوقفة بجانبها مما أدى الى وفاتها. موقع قناة العربية على الإنترنت مرة ينشر خبرا أن الفتاة تعرضت الى التحرش اللفظي والجسدي ومرة أخرى أنها تعرضت الى محاولة خطف حقيبتها مما يؤكد تبديل الرواية حتى تكون متطابقة مع الرواية الحكومية أنها مجرد محاولة سرقة. المثير للشفقة أن الفتاة قد بقيت ملقاة في الشارع نصف ساعة حتى وصول سيارة الإسعاف وهو ما أدى الى وفاتها مما يستحيل معه أن يكون السبب مجرد ارتطام رأسها بسيارة متوقفة بجانبها. الجناة حاولوا التحرش بها جسديا حيث عقلت ثيابها بالسيارة وتم سحلها عدة أمتار وتعرضها للدهس بواسطة عجلات السيارة.
هذه ليست حوادث منفردة بل هي ظاهرة بشعة لاتتعرض الى كثير من النقد أو المعالجة الجذرية في مصر لأنها أصبحت ظاهرة معتادة, التحرش اللفظي والجسدي بالفتيات وحتى محاولات الإعتداء الجماعي. خلال الحرب العالمية الثانية وأثناء احتلال القوات الألمانية للعاصمة الفرنسية, كان الجنود الألمان يعدمون القطط والكلاب في الشوارع أمام مرأى المواطنين ثم أصبحوا فيما بعد يقومون بإعدام المواطنين الفرنسيين أنفسهم بدون أن يثير ذلك أي إحتجاجات شعبية. وأما في الأردن, حوادث الشرف حدث ولاحرج. أغلبها ليس له علاقة بأي شرف إنما قضايا ميراث وخلافات عائلية أو فتاة قد تتزوج في المحكمة الشرعية والمأذون والشهود بدون رضا والدها أو أخوانها أو أولاد عمومتها. والعقوبة في أفضل الأحوال قد تكون ثلاثة أشهر أو ستة أشهر وقد يحكم عليه مع وقف التنفيذ أو يكتفى بفترة التوقيف ويفرج عنه مصحوبا بالطبل والزمر.
قضايا التحرش وجرائم الشرف سوف تبقى ظواهر إجرامية مثيرة للقلق وهي ليست كما يصفها البعض بأنها ظواهر إجتماعية. وهي سوف تبقى كذلك لأن الحكومات في طول الوطن العربي وعرضه لا ترغب في إيجاد حلول جذرية لتلك المشاكل حتى تبقى ملهاة للشعوب العربية الداعشية التي تنتقد جرائم تنظيم داعش وغيره من التنظيمات الضلالية حيث يتحدثون عنها كنوع من التنفيس ويصرفون النظر عن انتقاد الحكومات التي تدور على حل شعرها بدون حسيب ولا رقيب على الرغم من أن تلك الشعوب أكثر قسوة واجراما من داعش وأخواتها. الحل هو في تشديد العقوبة حيث تعامل جرائم الشرف على أنها جرائم جنائية ويتم محاسبة الجناة وفقا لذلك حتى لاتتحول الأمور الى فوضى كل من له حق يأخذه بيده ويتحول الشعب الى دواعش بدون لحية. وأما بالنسبة لجرائم التحرش فقد يكون الحل الرادع هو الحكم بالسجن لفترات طويلة تصل الى عشرين سنة مع الأشغال الشاقة في حال التحرش الجسدي. وفي حال تكرار جريمة التحرش, تكون عقوبة الإعدام هي الحل الوحيد المتبقي لأن أخر العلاج هو الكي.
مع تمنياتي للجميع بدوام الصحة والعافية
النهاية
No comments:
Post a Comment