الديمقراطية والإنتخابات تكون ناجحة إذا اتفق جميع الأطراف على الاحتكام الى الصندوق والقبول بنتيجة التصويت. في الولايات المتحدة, يعترض الديمقراطيون دائما على النتيجة في حال خسارة مرشحهم. فقد اعترضوا سنة 2000 حين فاز جورج بوش الإبن ضد نائب الرئيس السابق ألن غور وحصل نقاش حامي الوطيس حول نتيجة التصويت في ولاية فلوريدا حيث كان جيب بوش, شقيق الرئيس المنتخب هو حاكم الولاية. وفي سنة 2004, اعترض الديمقراطيون مرة أخرى على النتيجة في ولايات لعل أهمها أوهايو. الجمهوريون يقبلون بنتيجة الإنتخابات الرئاسية في حال خسارة مرشحهم حيث قبلوا بنتيجة إنتخابات 2008 و 2016 عندما فاز أول رئيس أمريكي من أصول إفريقية باراك أوباما.
إن إعتراض الديمقراطيين على نتيجة الإنتخابات الرئاسية الأمريكية 2016 ليس أمرا جديدا وقد كتبت قبل ذلك عن الأسباب التي سوف تجعل من فوز رجال الأعمال وقطب العقارات الأمريكي دونالد ترامب في الإنتخابات الرئاسية 2016 خيارا محتملا وهو ما تحقق وكتبت موضوعا مختصرا عن الأسباب التي سوف تجعل من فوزه في الإنتخابات الرئاسية 2020 أمرا شبه مؤكد. وفي هذا هذا الموضوع, أتحدث عن تلك الأسباب بالتفصيل والأرقام خصوصا أن هناك توقعات بأن يسيطر الجمهوريون بالإضافة الى البيت الأبيض على أحد المجلسين التشريعيين, الكونجرس أو مجلس الشيوخ.
هناك الكثير من الأسباب التي قد تجعل دونالد ترامب يحقق الفوز وبنسبة مؤثرة شعبيا وفي تصويت المجمع الإنتخابي. أول تلك الأسباب أن دونالد ترامب يتميز بشخصية قوية وكاريزما مؤثرة ويظهر أمام الناخب الأمريكي بمظهر الرئيس الحازم القادر على اتخاذ قرارات حاسمة وهو لا يخشى المواجهة. فقد كان يتفاوض مع الصين والإتحاد الأوروبي وكندا والمكسيك ويتعامل مع أزمات في الشرق الأوسط وآسيا في الوقت نفسه. كما أنه على سبيل المثال قام بالاجتماع مع رئيس كوريا الشمالية كيم جونغ-أون ونقل السفارة الأمريكية الى القدس. حتى حلفاء الولايات المتحدة مثل كندا وكوريا الجنوبية ودول أوروبية اضطروا الى الجلوس الى طاولة المفاوضات معه.
ثاني تلك الأسباب أن حقق الكثير من وعوده الإنتخابية على الرغم من سخرية الكثيرين من بعضها. فقد قام بعقد إتفاقيات تجارية مع عدة دول بمئات المليارات من الدولارات ونجح في توفير الوظائف للأمريكيين وانخفضت مستويات البطالة خصوصا خلال الفترة التي سبقت ظهور فيروس كورونا. وعندما تسائل الكثيرون بسخرية من قضية الجدار وكيف سوف ينجح في أن يجبر المكسيك على دفع تكلفته, قام بتحقيق وعده بأن فرض ضرائب وصلت الى 20% على واردات المكسيك خصوصا من السيارات مما أجبرها على إعادة التفاوض على شروط اتفاقية نافتا.
ثالث تلك الأسباب وهو أهمها أن هناك الكثير من الأمريكيين والذي يوصفون بأنهم من الأغلبية الصامتة أو حتى من مؤيدي الحزب الديمقراطي سوف يصوتون لصالح دونالد ترامب في إنتخابات 2020 الرئاسية بسبب الإضطرابات الأمنية التي أعقبت مقتل مواطن أمريكي أسود يدعى جورج فلويد في مدينة مينيابولس التي تقع في ولاية مينيسوتا. إن عددا متزايد من الأمريكيين يؤمن بأن الحزب الديمقراطي يقف خلف منظمات مثل أنتيفا وحياة السود مهمة وأن تلك منظمات أناركية تهدف الى نشر الفوضى عبر حرق ونهب المحلات وتخريب الممتلكات العامة والخاصة وأن ذلك ليس له أي علاقة بعنف الشرطة أو مقتل عدد من الأمريكيين السود بسبب ذلك. المواطنون الأمريكيون من مالكي النشاطات التجارية الصغيرة والمتوسطة وهم الفئة الأكثر تضررا سوف يصوتون بكثافة لصالح دونالد ترامب.
رابع تلك الأسباب أن المرشح المنافس جون بايدن شغل مناصب سياسية مختلفة في الكونجرس ونائبا للرئيس باراك أوباما لأكثر من 25 سنة ولم يقم بانجاز الكثير خلال تلك الفترة. بينما على العكس كان مسؤولا عن عدد من قوانين مكافحة الجريمة التي أدت الى زيادة مستويات عنف الشرطة وعدد الأمريكيين السود الذين يتم الزج بهم خلف القضبان. كما أنه كان مسؤولا عن قرارات تم تمريرها خلال فترة حكم باراك أوباما ولها علاقة بزيادة تمويل الشرطة وتحويلها الى قوات شبه عسكرية(Militarization) وهي أحد أسباب الإضطرابات التي أعقبت مقتل جورج فلويد.
والآن, سوف نقوم بإحصاء بسيط لأصوات المجمع الانتخابي والنتيجة المتوقعة في إنتخابات 2020 الرئاسية مع الأخذ في عين الإعتبار أن حسم نتيجة الإنتخابات يكون بناء على تصويت المجمع الانتخابي وليس التصويت الشعبي وذلك حسب نظام الإنتخابات الرئاسية الأمريكية:
1- عدد أصوات المجمع الانتخابي 538
2- الحد الأدنى من أجل تحقيق الأغلبية هو 270 صوت
3- خلال الإنتخابات الرئاسية 2008 و 2012, فاز الرئيس باراك أوباما ونائبه جو بايدن بعدد أصوات المجمع الانتخابي 365 صوت و332 صوت على التوالي
4- خلال الانتخابات الرئاسية 2016, فاز دونالد ترامب ونائبه مايك بنس بعدد 306 أصوات في المجمع الانتخابي
5- خلال إنتخابات 2020, سوف يتراوح عدد الأصوات التي سوف يحصل عليها الرئيس دونالد ترامب ونائبه مايك بنس وفق مايلي:
- ولايات حزام الصدأ وهي الولايات الأربعة المهمة: ويسكونسن(10), أوهايو(18), بنسلفانيا(20) وميتشيغن(16) بما مجموعه 64 صوتا
- ولايات الحزام الإنجيلي الرئيسية وهي: تكساس(38), لويزيانا(8),الميسيسيبي(6), أركنسو(6), ألاباما(9), جورجيا(16),تنسي(11), كنتاكي(8), فلوريدا(29), ساوث كارولينا(9), نورث كارولينا(15) وأوكلاهوما(7) بما مجموعه 162 صوتا. هناك ملاحظة فيما يتعلق بولايات الحزام الإنجيلي هو أن المنافسة قوية جدا على ولاية فلوريدا وهي ولاية متأرجحة وقد تمكن دونالد ترامب من استمالتها خلال إنتخابات 2016 حيث كانت تقليديا تصوت للديمقراطيين.
- ولايات صوتت للجمهوريين خلال الإنتخابات الرئاسية 2008, 2012, 2016 وهي: مونتانا(3), أيداهو(4), وايومنغ(3), داكوتا الشمالية(3), داكوتا الجنوبية(3), نبراسكا(5), كنساس(6), يوتاه(6), أريزونا(11) وميزوري(10) بما مجموعه 54 صوتا.
- هناك ولاية نجح دونالد ترامب في انتزاعها من الديمقراطيين خلال الانتخابات الرئاسية 2016 وهي: آيوا(6) وولاية إنديانا(11) التي صوتت للديمقراطيين خلال الانتخابات الرئاسية 2008 ولكن الجمهوريين نجحوا في انتزاعها خلال الإنتخابات الرئاسية في 2012 و2016
- مقاطعة كولومبيا في العاصمة واشنطن(3) و مقاطعة آلاسكا(3) وهي تصوت تقليديا للجمهوريين
- مقاطعات أخرى صوتت خلال إنتخابات 2016 لصالح دونالد ترامب ومن المرجح أن يحتفظ بها خلال إنتخابات 2020 وهي: فيرجينيا الغربية(5)
إن ذلك يعني أن الرئيس الأمريكي الحالي سوف يفوز بما مجموعه 279-308 صوت حيث هناك ولاية فلوريدا(29) صوتا تعتبر ولاية متأرجحة ولكن دونالد ترامب على الأرجح سوف يفوز بها.
مع تمنياتي للجميع بدوام الصحة والعافية
النهاية
No comments:
Post a Comment