قلة من المثقفين العرب لم تبتلي بغرام من طرف واحد بالأجنبي وتاريخه الإستعماري في المنطقة حيث تبقى متأهبة ترصد محاولاته المستمرة لتبييض صفحته لدى الشعوب وتتصدى لهجماته الإعلامية بحيادية وموضوعية بغض النظر عن هوية البلد المستهدف. وفي النهاية المملكة العربية السعودية كأي بلد في العالم ليس خاليا من المشاكل كما أنه لديه قيادة سياسية تتعامل معها وكما تنزعج الدول الغربية وتدافع بشراسة عن أي محاولة لإنتقادها أو التدخل بشؤونها, فإن للمملكة نفس الحق بعد التدخل في شؤونها الداخلية فالسعوديون وقيادتهم اولى بشؤون بلدهم.
وسائل الإعلام البريطانية التي شنت حملتها ضد السعودية خصوصا البي بي سي وغيرها من محطات وصحف وجرائد ومجلات تتغاضى عن تاريخ الإستعمار البريطاني حول العالم خصوصا في أسيا حيث قام البريطانيون في ماليزيا تحت مسمى مكافحة الشيوعية بقطع رؤوس الماليزيين الذين حاولوا مقاومة الإحتلال البريطاني لبلدهم والتفاخر بذالك في صور تذكارية إلتقطوها. لماذا لا يدافع الإعلام السعودية عن نفسه بذكر تلك الوقائع وهي موثقة؟ كم من المواطنين السعوديين سمع وقرأ عن ماتم إرتكابه في أسيا من قبل القوات البريطانية؟ لماذا دائما يكون الرد إعلاميا على تلك الهجمة بخجل؟ وهل الحل يكون دائما بدفع الأموال لشراء الأصوات الغربية أو التهديد بالمصالح الإقتصادية؟ ومن هو الخاسر في الحالة الأخيرة؟
وسائل الإعلام الغربية تحاول دائما أن تقتل الحقيقة أو في أفضل الأحوال أن تنظر إليها بعين واحدة ومثال على ذالك وسائل الإعلام الأوروبية التي تتكلم ليل نهار عن الأحداث في مصر, تونس, ليبيا وسوريا وغيرها من البلدان ملقية باللائمة على الأنظمة الحاكمة والجيش والأمن في محاولة لتفكيك الإرتباط بين الشعب وقواته المسلحة. أوضح مثال هو في سوريا حيث يتم تقديم الدعم الإعلامي الغربي لمجموعة من العصابات واللصوص وقطاع الطرق أغلبهم غير سوريين ويطلق عليهم معارضة معتدلة حيث يحاول البعض إبتزاز الحكومة السورية للتفاوض معهم. الإعلام الغربي يتحدث عن المجازر التي يزعم وبدون تقديم أدلة قطعية اليقين لا تقبل الشك أن القوات الحكومية إرتكبتها ويتم وصفها بجرائم حرب بينما يتم تجاهل ماترتكبه قوات المعارضة وخصوصا مسألة الكيماوي والذي ثبت بالدليل القاطع وبلسان رجال المعارضة أنفسهم أنهم هم من إستخدمها وليس القوات الحكومية.
المشكلة أن نفس وسائل الإعلام الغربية سواء تلفزيونية أو سمعية أو مقروئة وعلى إختلاف توجهاتها وفي بلجيكا على سبيل المثال لا تتحفنا مثلا بفيلم وثائقي عن الإستعمار البلجيكي للكونجو ولا تذكر أي معلومات في مناهجها الدراسية عن جرائم ملك بلجيكا ليوبولد الثاني الذي وفي عهده إنخفض عدد سكان الكونجو وبلا مبالغة إلى النصف حيث كان مسؤولا عن مقتل 10 ملايين كونجولي تقريبا. قوات ليوبيد الثاني كانت تقتحم القرى وتخطف النساء لإجبار الرجال على جمع المطاط والعاج ومن يفشل في جمع الحصة المطلوبة كانت تقطع يداه بينما النساء كن يتعرضن لكافة انواع الإنتهاكات خصوصا الإغتصاب وذالك نقطة ماء في بحر من الجرائم التي تم إرتكابها من قبل الإستعمار البلجيكي في الكونجو. كما أنه علينا أن لا ننسى أن مدينة (أنتويرب) البلجيكية تعد عاصمة تجارة الألماس في العالم أو مايطلق عليه ألماس الدم(Blood Diamond) وهو موضوع فيلم أخر من بطولة ليوناردو دي كابريو حيث يمكن تصنيف الفيلم على أرض الواقع على أنه رسالة في إطار صراع إقتصادي تقليدي بين الولايات المتحدة وأوروبا للإستحواذ على مصادر الثروة حول العالم.
الحرب على العراق هي أحد أكبر الأثام التي لحقت بالمجتمع الدولي (الإنساني) ولكن مادلين أولبرايت وزيرة الخارجية الأمريكية تعتبرها على غير ذالك وأن مقتل مئات بل ملايين العراقيين أغلبهم من الأطفال أمرا مبررا لإزاحة نظام وصفته بالديكتاوري لم يسجل 5% من عدد الضحايا الذين سقطوا إثر عملية التحرير المزعومة. العراق أصبح ينافس الجزائر في عدد الشهداء وحمام الدم مستمر لم ولن يتوقف حتى يرث الله الأرض ومن عليها. فهل تم محاكمة أحد بتهمة إرتكاب جرائم حرب في العراق؟
مع تمنياتي للجميع بدوام الصحة والعافية
نهاية الجزء الثالث
No comments:
Post a Comment