في فيلم صحارى(Sahara) للمثل الأمريكي المبدع ماثيو ماكونهي والممثلة المبدعة بينلوبي كروز محادثة قصيرة بين أحد جنرالات الجيش المالي ومدير شركة أجنبية لدفن النفايات السامة تتمحور حول تخفيض وتيرة دفن النفايات السامة في صحراء مالي بسبب الجدل الذي أثير حول تلك القضية خصوصا لدى السفارة الأمريكية في مالي. الجنرال رفض طلب المدير الأجنبي وأجابه بإختصار "هذه أفريقيا, لا أحد يهتم لها".
إحذروا التاريخ المزيف الذي يحاول الغرب خداعنا به بإسم الحرية وحقوق الإنسان في محاولة لدس السم في العسل والتشجيع على الإضطرابات والفوضى تحت مسمى ثورات ملونة وسلمية والفوضى الخلاقة ونيل الحقوق المسلوبة. المشكلة أن بعضهم لديه علاقة حب من طرف واحد بتلك النوعية من الأحداث التاريخية والتي يتم إستخدامها لتبرير مايحصل حاليا, محاولة إسقاط الماضي على واقعنا المعاصر. القنوات الإعلامية كالجزيرة والعربية وكذالك صحف ومجلات تحاول إعادة إستنساخ تلك الأساليب الرخيصة للترويج لأجندات سياسية لا تريد الخير للمنطقة وشعوبها. الدول الغربية لاترحم حتى حلفائها ولاتعرف غير مصالحها ومن يظن أنه بإخلاصه لها يسلم من أذاها فهو مخطئ.
إزدواجية المعايير هي المشكلة الحقيقية برأي وراء كل المصائب والجهل والتخلف الذي نعيشه في زمننا الحالي والترويج للكذب من خلال المحطات الفضائية الإخبارية حيث تتحول الأكاذيب إلى حقائق ملموسة نصدقها ونسير ورائها كقطيع خراف تسير وراء الراعي.
تذكر المصادر التاريخية أن هتلر قتل 6 ملايين من اليهود فيما يعرف بإسم الهولوكوست,ليست لدي أي مشكلة مع تلك المصادر وأوافقها الرأي, وأن ستالين قتل عشرين مليونا وأكثر بسبب سياسة المزارع الجماعية والمجاعة التي أصابت مناطق عدة في الإتحاد السوفياتي خصوصا أوكرانيا وتلك مسألة حمالة أوجه. تلك المصادر التاريخية تصفهم بالمجرمين والديكتاتوريين ولكن لا أحد يذكر لنا من كان يقوم على تمويل النازية وهتلر وماهي الحقيقة وراء هروبه وإختفائه؟
ستالين هو شخص صنعته ظروف التأمر الأوروبي على بلده منذ أيام الحكم القيصري مرورا بالحرب العالمية الأولى والثانية حيث كانت الجيوش الألمانية تقف على أبواب موسكو وستالينغراد حيث أوشكت المدينتان على السقوط وتبدأ أحجار الدومينو بالتساقط وهيمنة النازية على أوروبا بأكملها. بدون قبضة ستالين الحديدية ماكان الإتحاد السوفياتي ليجابه تلك الألة العسكرية الجبارة التي كادت أن تستولي على أوروبا بأكملها ولولا بطولات الجيش الأحمر ومواطني الإتحاد السوفياتي لأكملت النازية زحفها على أوروبا وبريطانيا وإبتلعت العالم بأكمله. ديكتاتورية ستالين وقبضته الحديدية أنقذت أوروبا فما هي الأسباب التي عكست الصورة من وجهة نظر الإعلام الغربي؟
حتى أن قضية إحتلال الجيوش الألمانية لبولندا شابها الكثير من تزييف الحقائق ولعل اولها قضية ممر دينزنغ ثم أن الحلفاء وعلى رأسهم بريطانيا وفرنسا هددوا ألمانيا بإعلان الحرب إذا قامت بغزو بولندا ولكن قوات الجيش الأحمر دخلت الأراضي البولندية في زمن سابق لدخول القوات الألمانية وبموجب إتفاقية تقسيم بولندا بين الإتحاد السوفياتي وألمانيا. تدخل هتلر في بولندا بعد مجازر وفظائع إرتكبها القوميون البولنديون المتطرفون بحق الجالية الألمانية والتي كانت تشكل أقلية في بعض المناطق البولندية على الحدود مع ألمانيا فتدخل هتلر كان إثر مناشدات متعددة للدول الأوروبية لضم تلك المناطق لألمانيا ولكن بدون إجابة.
جوزيف ستالين تم وصمه بصفة الإجرام والديكتاتورية وفق مزاعم مزدوجة المعايير مصدرها نفس الوسائل الإعلامية التي كانت تمجد إنجازات قوات الحلفاء في الحرب العالمية الثانية ومنها هدم مدن ألمانية كاملة على رؤوس سكانها وخصوصا مدينة دريسدن وبدون سبب مبرر لذالك العمل الوحشي. يطلقون عليه إستراتيجيات عسكرية وهي نفس الإستراتيجيات التي تم بموجبها قصف اليابان في هيروشيما وناغازاكي بالقنابل الذرية لإيصال رسالة للرئيس السوفياتي حتى لا يتمادى في مطالبه في مفاوضات التقسيم التي تلت الحرب العالمية الثانية. اليابان كانت على وشك الإستسلام حيث تم إبلاغ الحلفاء بذالك من قبل القيادة اليابانية ولكن تم تجاهل تلك الرسائل.
ستالين كان مجرما لأنه قتل بحسب مزاعم الوسائل الإعلامية الغربية للأسباب التي سبق وذكرتها ولكن ماإرتكبته قوات الحلفاء أطلق عليه اعمال عسكرية. الضحايا المدنيين للحرب العالمية الثانية فاق عدد الضحايا المزعوم لستالين بضعفين على الأقل فمن هو المجرم؟
حتى معارك وبطولات الحرب العالمية الثانية وتاريخها تم تزويره حيث يوصف إنزال النورماندي بأنه أعظم عملية عسكرية خلال الحرب على الرغم من أن الحرب العالمية الثانية كانت تتلخص في معارك الجبهة الشرقية والباقي هو مجرد مناوشات ومعارك ثانوية. وقوات الحلفاء كانت تحت الضغط وبريطانيا تخوض معركة حياة او موت مع القوات النازية حتى بداية معارك الجبهة الشرقية التي أشغلت نسبة كبيرة من موارد الجيش الألماني العسكرية واللوجستية. معركة كورسك هي أكبر معركة دبابات في التاريخ وهي من المعارك التي حدد مصير الحرب العالمية الثانية وعلى الرغم من ذالك فهي بالكاد تذكر في المصادر التاريخية الغربية.
أحد المدرسين في زمن الإحتلال الفرنسي لسوريا كان يقوم بتدريس طلابه عن الثورة الفرنسية التي تمثل قيم الحرية والمساواة حين مر مفتش فرنسي بالصدفة بالمدرسة وسمع الدرس الذي يلقيه الأستاذ على طلابه فتم إستدعاء المدرس لغرفة المدير وتوجيه إنذار له. المدرس إبدى إحتجاجه فمسع الإجابة بأن تلك القيم تخصنا ولا تعنيكم أنتم.
مع تمنياتي للجميع بدوام الصحة والعافية
نهاية الجزء الأول
No comments:
Post a Comment