Flag Counter

Flag Counter

Saturday, April 16, 2016

هل سوف تساهم السيارات الكهربائية في تغيير خارطة إستهلاك الطاقة في العالم؟

الحديث عن السيارات الهجينة والسيارات الكهربائية ترتفع وتنخفض الحماسة حوله بحسب إرتفاع أو إنخفاض أسعار النفط وتأثير إرتفاع أعداد المركبات المستهلكة للوقود في الطرثات على البيئة. المحير أن نفس التكنولوجيا التي يسعى الكثيرون لإحيائها كانت قائمة وبنجاح منذ سنين طويلة. في الحقيقة فإن أول سيارة كهربائية عملية تم إبتكارها من قبل ثوماس باركر(Thomas Parker) سنة 1884 في العاصمة البريطانية.
هناك الكثير من الأسباب والمبررات التي يسوقها أنصار السيارات التقليدية التي تسير على الوقود السائل بالزعم أن السيارات الكهربائية لن تستطيع المحافظة على سرعة معقولة في الطرقات ولن تتمكن من قطع مسافات طويلة قبل أن يعاد شحن البطارية. تعد سيارة(La Jamais Contente) هي أول سيارة على الإطلاق بقيادة البلجيكي(Camille Jenatzy) تسجل سرعة 100كم\ساعة سنة 1899 وذالك بالقرب من العاصمة الفرنسية, باريس. السيارة المعروفة بإسم (Detroit Electric) والتي إنتجتها شركة (Anderson Electric Car Company) في مدينة ديترويت الأمريكية بداية من سنة 1907 قلمت بقطع مسافة 340.1 كم بدون الحاجة لإعادة شحن بطاريتها. السيارة نفسها تم إعادة إنتاجها بتصميم متطور سنة 2008 في إنجلترا من قبل شركة سيارات (Lotus Cars of England) والمهندس (Albert Lam) وأطلق عليها إسم (Detroit Electric Sp. 01).
في الفترة التي كانت أول سيارات فورد المعروفة بإسم(Model T) تخرج من خطوط التجميع فقد كانت السيارات الكهربائية تتمتع بشعبية حيث أنها كانت لاتسبب التلوث ولا الإزعاج وتتميز بقيادتها الهادئة وسرعة تشغيلها وقلة اعطالها. بينما السيارات التي تسير بالوقود السائل كانت تحتاج إلى سائق يكون على معرفة بنوعية الصيانة التي تتطلبها في حال تعطلها على الطرقات كما أنها تحتاج لتشغيلها لفترة زمنية قبل كونها قابلة للإنطلاق.
نقطة التحول كانت في إكتشاف شركة كاديلاك لمفتاح التشغل الكهربائي للسيارات حيث أدى ذالك مع إنخفاض كبير في أسعار السيارات نتيجة زيادة الإنتاج إلى إزاحة أحد أهم العقبات أمام إنتشار السيارات التي تسير بالوقود حيث لايحتاج تشغيلها إلى جهد بدني كما كان سابقا في طريقة التشغيل التقليدية كما أصبحت في متناول شريحة واسعة ممن يرغبون في إقتناء سيارة وإمتنعوا لغلاء أسعارها.
وفي الوقت الذي إزدادت فيه شعبية سيارات الدفع الرباعي, قامت حكومة ولاية كاليفورنيا بمحاولة للحد من الإنبعاثات الضارة الصادرة من عوادم السيارات فتم الموافقة على قانون يلزم شركات السيارات بنسبة 2% من إنتاج سياراتها بدون عادم بحلول سنة 1988 و10% بحلول سنة 2003.
قامت شركات صناعة السيارات بإستخدام وسائل الضغط واللوبيات وإتباع كافة الوسائل لتحجيم القانون الجديد وتلك لم تكن اول سابقة لها في مقاومة أي قانون قد يجبرها على تغيير طريقة عملها. المشكلة ان نفس تلك الشركات سرعان ماقامت بصناعة عدد من السيارات الكهربائية وهو الأمر الذي كانت ترفضه سابقا. شركة تويوتا اليابانية قامت بإنتاج سيارة (Rav4 mini SUV) والسيارة الهجينة (Toyota Prius) والتي كانت لها شعبية حيث إقتناها عدد من نجوم هوليود. كما قامت شركة فورد بإنتاج شاحنتها الكهربائية. ولكن نجم السباق نحو إنتاج السيارة الكهربائية الأكثر شعبية كانت سيارة من إنتاج شركة جينرال موتورز والتي عرفت بإسم (GM-EV1) والتي تميزت بشكلها الإنسيابي والرياضي حتى أن نجوما مثل توم هانكس وميل جيبسون قاموا بشرائها.
المشكلة مع شركة جينرال موتورز أن سيارة (GM-EV1) سجلت نجاحا غير مسبوق مما هدد مركز الشركة وحصتها في أسواق السيارات التقليدية حيث أن أكثر من 70% من مبيعات الشركة هي سيارات دفع رباعي, شاحنات(Vans) والشاحنات الخفيفة(Trucks). وبالتأكيد فإن الشركة لم ترغب في الخروج من مجال صناعة السيارات التي تسير بالوقود السائل ولا أن تقوم بتجنيب زبائنها الزيارات المتكررة لمحلات التصليح والصيانة التابعة لها كما أنها تخوفت من نجاح سيارتها في كاليفورنيا ومن أن تطالب ولايات أخرى بقوانين مماثلة وتفرض إنتاج السيارات الكهربائية والهجينة بقوة القانون. ماحصل لاحقا هو مهزلة بكل ماتحمله الكلمة من معنى حيث قامت الشركة نفسها بتقديم صورة سلبية لسيارة(GM-EV1) كونها غير عملية وقصيرة المدى. الشركة كانت تتوسل لزبائنها عن طريق الدعاية المضللة بعدم شراء تلك السيارة.
ليس شركات السيارات وحدها من أحس بالخطر من إنتشار وإزدياد شعبية السيارات الكهربائية بل شركات النفط التي سارعت لشراء أي برائة إختراع أو شركة متختصة بتكنولوجيا وإنتاج السيارات الكهربائية للتأكد من أن تلك التكنولوجيا لن تجد طريقها للأسواق, تماما كما فعلوا مع شركات السكة الحديدة والسيارات الكهربائية(Trolleys).
شركات إنتاج السيارات وجدت نفسها أمام خيارين هما إما الإلتزام بالقانون او تحدي المشرعين في ولاية كاليفورنيا أمام القضاء, وقد كان الخيار الثاني. قامت تلك الشركات وعلى وجه الخصوص جينرال موتورز ودايملر كرايسلر برفع دعوى قضائية تحت مزاعم بأن القوانين التي أصدرها المشرعون في ولاية كاليفورنيا وألزموا بموجبها الشركات بنسبة إنتاج سيارات صديقة للبيئة وبدون عادم(كهربائية), تتعارض مع قوانين بيئية أخرى أصدرها المشرعون أنفسهم. كما أن شركات إنتاج السيارات ذكرت في مزاعمها أمام المحكمة عواقب إجبارها على إنتاج سيارات بدون عادم حيث سوف يؤدي ذالك إلى زيادة درجة تلويث البيئة بسبب إصرار الزبائن المحتملين على الإحتفاظ بسياراتهم القديمة وعدم رغبتهم في إقتناء السيارات الكهربائية.
تحالف من مالكي سيارات (GM-EV1) ومنظمات بيئية وصحية حاولت وبكل الوسائل الممكنة التي بحوزتها مقاومة مزاعم شركات السيارات أمام المحاكم المختصة ولكن فشلت حيث تم إسقاط القانون الملزم لشركات السيارات بإنتاج سيارات بدون عادم(كهربائية) وتم إقفال برنامج إنتاج السيارة((GM-EV1).
القمة الهزلية أن سيارات (GM-EV1) التي كانت بحوزة الشركة كان ليس التخلص منها ببيعها للكثير من الزبائن الراغبين بشرائها بأي ثمن ولكن إرسالها حيث تم سحقها كايحصل مع السيارات المتقادمة. وفي النهاية تبقى 78 سيارة (GM-EV1) في مصنع الشركة تنتظر إرسالها للتخلص منها بسحقها كسيارات خردة حيث قامت الشركة بذالك على الرغم من أنه عرض عليها مبلغ وصل إلى 2 مليون دولار لشرائها من قبل جمعيات بيئية وزبائن ومعجبين بتلك النوعية من السيارات. أخر ماكانت تريد الشركة رؤيته يتحقق هو بيع السيارة لأشخاص راغبين بشرائها بشدة ومايترافق مع ذالك من دعاية إيجابية لصالح السيارة وتفنيد المزاعم السلبية التي كانت الشركة تروجها عنها.
تريدون سؤال أنفسكم عن التأثير الذي تحدثه الأسعار المرتفعة لوقود السيارات؟
نفس المهندسين الذي قاموا بتصميم وصناعة سيارة (GM-EV1) هم من قاموا بإخراج سيارة شيفورليه(Chevy Volt) إلى حيز الوجود كما أن مهندسي شركة جينرال موتورز يحاولون سباق الزمن قبل منافسيهم مثل شركة تويوتا وذالك بهدف إنتاج سيارات مماثلة لسيارة (GM-EV1) بعد تيقنهم بإنخفاض توقعات المبيعات من أسواق سيارات الدفع الرباعي على وجه الخصوص والتي تشكل نسبة كبيرة من عائدات الشركة.
نفس الشركة التي ذكرت أن الوصول لمسافة مقطوعة تبلغ 27 ميلا\جالون هو مهمة مستحيلة, تعود الأن لتعد زبائنها بأن سيارة (Chevy Volt) سوف تقطع 100 ميل\جالون منها 34 ميل بالمحرك الكهربائي و66 ميل بمحرك تقليدي يقوم في حال إنتهاء طاقة المحرك الكهربائي بشحن البطاريات. ولعل الكثيرين لم يعلموا أنه في سنة 1974 تمكنت سيارة فورد(Ford - T) المعدلة والتي يعود إنتاجها الموديل الأصلي منها لأكثر من 65 سنة من قطع مسافة 377 ميل\جالون. والسؤال هنا هو كيف تصح مزاعم شركات السيارات بصعوبة او في كثير من الأحيان بإستحالة إستخدام تكنولوجيا تعمل على زيادة كفائة المسافة التي تقطعها السيارات مقارنة بإستهلاك المحرك للوقود؟
شركة ريفا(Reva) الهندية تشكل هذه الأيام كابوسا لكل شركات صناعة السيارات الغربية حيث تمكنت من صناعة سيارة كهربائية توصف بأنها سيارة المستقبل وتدعى (G-Wiz) والتي توقف إنتاجها سنة 2012 وتم إستبدالها بسيارة(Mahindra e2o) والتي كانت تعرف سابقا بإسم(REVA NXR) ويبلغ مداها 120كم.
هناك عائق أمام إنتشار السيارات الهجينة والكهربائية وهو السعر الذي سوف يبدأ بمبلغ 26 ألف دولار وقد يصل إلى 50 ألف دولار للأنواع الفاخرة منها وبحسب الإضافات. سيارة (Think) النرويجية تباع بسعر يبلغ 15 ألف دولار حسب الإضافات والضرائب ولكنه يعد سعرا تنافسيا خصوصا في الأسواق الأمريكية. في امريكا الشمالية وتحديدا كندا هناك سيارة (Zenn) والتي واجهت عوائق بيروقراطية محلية في الولايات حتى بداية سنة 2008 وفيدرالية كثيرة متعلقة بالسماح للسيارات منخفضة السرعة من السير على الطرقات من قبل هيئة النقل الكندية والتي لم تمنح السيارة التراخيص اللازمة حتى تقرير فضائحي في قناة السي بي سي(CBC) الكندية سنة 2002 والذي وصف عدم إهتمام الحكومة بالمعايير البيئية. السيارة تصنع في ولاية مونتريال الكندية ومن قبل شركة كندية وتم ترخيصها للبيع في الولايات المتحدة منذ سنة 2000 أي في فترة سابقة للسماح بها في بلدها الأم والتي تصنع فيها وتقع مقر شركتها.
التحدي الذي تواجهه شركات تصنيع السيارات هو إثبات أنها تستطيع تحقيق أرباح من مبيعات السيارات الكهربائية والهجينة حيث أنها حتى الأن لم تحقق أرباحا تجعل طرح تلك السيارات على نطاق تجاري واسع أمرا ممكنا. حتى شركة تويوتا التي يمكن منحها إستثناء بسبب تحقيقها بعض الأرباح فقد أعلنت أن سنة 2008 هي أول مرة منذ 70 عاما تمر عليها بدون تحقيق أرباح.
في الولايات المتحدة حوالي 300 مليون سيارة تسير على الطرقات منها 100 ألف منها سيارات كهربائية وهجينة مع ملاحظة أن تلك أرقام تقريبية مما يعني أنه هناك 290 مليون سيارة سوف يكون سائقوها معرضين لإرتفاع أسعارا لنفط.
النقطة المهمة هو أنه حتى لو تم إستبدال 300 مليون سيارة تعمل بالوقود في الولايات المتحدة بسيارات هجين وكهربائية فمن أين سوف تأتي كل تلك الكهرباء؟ محطات توليد الطاقة الكهربائية لاتولد الكهرباء من الكهرباء أو على الأقل هناك مايتم محاولة إخفائه بخصوص أبحاث العالم المبدع نيكولا تسلا في ذالك المجال قبل أن يقوم أديسون بسرقة إختراعاته ونسبها لنفسه.
في أمريكا الشمالية وهي تشمل الولايات المتحدة وكندا فإن معدل إستهلاك وقود المركبات يعادل إنتاج 13 مليون برميل نفط. وفي حالة تم إستبدال جميع المركبات التي تسير بالوقود السائل بأخرى هجينة أو كهربائية فسوف يتم إستهلاك كهرباء في يوم واحد بما يساوي إستهلاك 2 مليون منزل في الولايات المتحدة كل سنة.
لمن لايظنون أن ذالك يمثل تحديا ضخما عليهم الرجوع إلى ماحصل بتاريخ 14 أغسطس 2013 حين إنقطعت الكهرباء عن مدينة نيويورك وديترويت في الولايات المتحدة وكذالك عن مدينة تورنتو الكندي في أجواء صيفية شديدة الحرارة حيث كانت مكيفات الهواء تعمل بطاقتها القصوى. يشاع على نطاق واسع أن ذالك حصل بسبب تأمر شركات توليد الكهرباء والغاز لإجبار الحكومة على رفع أسعار إستهلاك الكهرباء بما يعود بأرباح ضخمة لصالح تلك الشركات وأفضل وسيلة لذالك هي التلاعب بتزويد الطاقة الكهربائية لخلق حالة من النقص بما يوحي بالحاجة لبناء مزيد من محطات توليد الطاقة الكهربائية.
في حالة تم تحويل نسبة كبيرة من السيارات ولنفترض أنها 50% من إستهلاك الوقود التقليدي للكهرباء والنظام الهجين فماهي الخطط لزيادة إنتاج الطاقة الكهربائية لتواكب زيادة الطلب عليها في تلك الحالة؟
الحل الأول قد يكون الغاز وهو من أرخص مصادر الطاقة ولكن مؤخرا تضاعف سعره بسبب صعوبة إنتاجه وندرة مصادره التي تتناقص بإستمرار. الحل الثاني هو الطاقة النووية ولكن خلال جيل كامل, أي 25 سنة, لم يتم بناء أي مفاعلات نووية جديدة في الولايات المتحدة كما أن دولا مثل ألمانيا تخطط للتخلص من جميع المفاعلات النووية في قترة لاتتعدى 25 سنة القادمة. السبب هو السلامة حيث أن حادث تشيرنوبل وحادث المفاعل في فوكوشيما والتي سبب دمارا واسعا وتلوثا إشعاعيا لم يقتصر على روسيا أو أوكرانيا أو اليابان بل إمتد لبلدان مجاورة. كما أن المفاعل الننوي يحتاج إلى 17 سنة تقريبا ليصبح منتجا للكهرباء إذ أن عملية البناء تنتابها صعوبات كبيرة وأمور متعلقة بالسلامة العامة وإرتفاع كلفة المواد المستخدمة في بنائه وجماعات بيئية ولوبيات ضغط وسكان المنطقة حيث يبنى المفاعل والذين لايرغبون في قنبلة موقوته قابلة للإنفجار في أي لحظة توجد في منطقتهم. المفاعل الننوي في فينلندا والذي يدعى بإسم(Olkiluoto3) يعد أوضح مثال على ذالك.
الصين تقوم حاليا ببناء عشرات المفاعلات التيت عمل على الفحم بإعتباره من أرخص مصادر توليد الطاقة وأكثرها توفرا ولكن هل سوف يستر ذالك لوقت طويل؟ فحتى تلك المادة أصبحت المزاعم المتكررة حول ندرتها ودرجة جودة الخام أكثر تكررا يوما بعد يوما بالإضافة إلى التلوث الكبير الناجم عن إستخدامها والذي يزيد عن التلوث الناتج بسبب إستعمال الوقود التقليدي في توليد الكهرباء.
مع تمنياتي للجميع بدوام الصحة والعافية

النهاية

No comments:

Post a Comment