Flag Counter

Flag Counter

Tuesday, April 19, 2016

من هي الدولة المستهدفة من التحذير السعودي ببيع سندات وزارة الخزانة الأمريكية؟

المملكة العربية السعودية قامت بتاريخ إبريل\2016 بالإفصاح للإدارة الأمريكية على لسان وزير خارجيتها عادل الجبير عن نيتها بيع ماقيمته 750 مليار من سندات الخزانة التي بحوزتها خوفا من مصادرتها كتعويضات في حالة أقر الكونجرس قانون 11\سيبتمبر. إدارة الرئيس الأمريكي باراك أوباما تقوم بالضغط على الكونجرس لعدم إقرار القانون والسبب تهديده للمصالح الإقتصادية للولايات المتحدة وتعريض علاقتها مع أحد أهم حلفائها في الشرق الأوسط للخطر.
إن كل ذالك يتم على صفحات الجرائد وفي وسائل الإعلام ولكن في الحقيقة فإن السعودية لن تبيع سندات الخزيمة التي في حوزتها والكونجرس لن يقر قانون 11\سيبتمبر مع ملاحظة أن قيمة سندات الخزينة الأمريكية التي تمتلكها السعودية تتجاوز قيمتها 750 مليار دولار ولكن ماهو السبب الحقيقي للقلق الذي يعتري ليس الإدارة الأمريكية حصريا بل المستثمرين ومصرفيي وول ستريت؟
قبل أن أدخل في الإجابة على ذالك السؤال هناك نقطتان لا بد من التعرض لها وهي أن الرئيس الأمريكي يمتلك صلاحيات قانونية لمواجهة أي حالة إقتصادية طارئة ناتجة عن قيام المملكة العربية السعودية ببيع تلك الكمية من سندات وزارة الخزانة. أحد الحلول هو إيقاف عملية البيع بأمر رئاسي وذالك أمر ليس مستغرب حتى أن الرئيس الأمريكي مخول بموجب نفس القانون مصادرة إحتياطيات الذهب الأجنبية المودعة في الولايات المتحدة وتعويض الدول مالكة الإحتياطيات نقدا بقيمة تقررها الحكومة الأمريكية. كما أنه من الممكن أن يقوم بنلك الإحتياطي الفيدرالي بناء على طلب من وزارة الخزانة ببداية برنامج تيسير كمي جديد وشراء تلك السندات بدولارات مطبوعة حديثا مما سوف يؤدي إلى إنخفاض قيمتها بشكل كبير.
المشكلة الحقيقية ليس في قيمة السندات التي تنوي الحكومة السعودية بيعها فتلك مسألة ذات تأثير ثانوي ولكنها تكمن في كلمة واحدة, الثقة. إن فقدان الثقة في أحد الأدوات المالية سوف يؤدي إلى موجة بيع حيث يقوم المستثمرون مالكو تلك السندات بالتخلص مما لديهم بأسرع مايمكنهم ذالك خوفا من إنخفاض قيمتها. فحتى لو اعلنت الحكومة السعودية نيتها وبطريقة عادية بيع ماقيمته 50 مليار دولار من تلك السندات فذالك سوف يكون له نفس التأثير كإعلان نيتها بيع 750 مليار دولار منها وذالك بسبب مكانة السعودية في نظر المستثمرين كحليف للولايات المتحدة.
إذا كانت الثقة هي المحور الأول المتعلق بقيمة أهم عملة نقدية التي تحتل مكانة كعملة إحتياطية عالمية فإن المحور الثاني هو الصين التي تمتلك أكبر إحتياطي نقدي من سندات الخزينة الأمريكية والذي يبلغ 1.5 تريليون دولار كما أنها تمتلك ماقيمته 1.5 تريليون دولار من السندات المقومة بعملات أخرى لعل أهمها اليورو.
سؤال أخر هو هل تستهدف السعودية بالتحذير من بيعها سندات وزارة الخزانة الأمريكية الصين بشكل غير مباشر؟
إن ماقد تقوم به حكومة المملكة العربية السعودية قد يكون السبب الرئيسي في إطلاق موجة بيع غير مسبوقة للأدوات المالية المقومة بالدولار الأمريكي خصوصا سندات وزارة الخزانة الأمريكية وإنخفاض قيمتها سوف يكون نتيجة حتمية ومؤكدة. الصين سوف لن تنظر بعين الرضى لتلك الخطوة حيث أن إنخفاض قيمة السندات التي تعتبر إستثمارات مستقبلية قد يؤثر على خطط النمو المستقبلية في الصين وإحتمال لجوء الحكومة الأمريكية لبرنامج تيسير كمي جديد(QE) سوف تضطر الحكومة الصينية معه إلى القيام بتعديل سعر صرف اليوان مقابل الدولار الأمريكي حتى لا تتأثر تجارتها الخارجية وتلك خطوة لا تحبذ الحكومة الصينية القيام بها.
المملكة العربية السعودية كانت السبب الرئيسي في إنخفاض أسعار النفط وتهدد الأن بضخ المزيد منه في الأسواق الدولية في حالة لم تلتزم الدول الأخرى بإتفاق حول تخفيض محتمل أو حتى إيقاف الإنتاج لفترة مؤقته. والأن تقوم المملكة بالتحذير من بيعها ماقيمته 750 مليار دولار أمريكي من سندات وزارة الخزانة مما سوف يؤدي إلى عواقب لا تحمد عقباها. الهدف في تخفيض أسعار النفط كان روسيا وإيران وتلك ليست أول مرة تلجأ السعودية لذالك فهناك سابقة في الثمانينيات ولكن الذي يجب أن يفهمه صناع القرار ليس فقط في السعودية بل في الولايات المتحدة وأوروبا أن إستنساخ تجرية الثمانينات في وقتنا الحالي سوف لن تتوفر له نفس الظروف الملائمة لنجاحه كما ظن الكثيرون وقتها أنه حقق أهدافه. روسيا ليست الإتحاد السوفياتي والصين ليست مجرد دولة هامشية لا نفوذ لها ولا مركز ثقل إقتصادي أو سياسي. روسيا والصين دول عظمى وأعضاء دائمون في مجلس الأمن. الصين مرشحة لتكون الإقتصاد رقم واحد في العالم متجاوزة الولايات المتحدة في 2028 والصين وروسيا ليست دول من السهل الإفتئات عليها أو حتى تجاوزها كما يظن البعض.
ويبقى التسائل عن هوية المستهدف من بيع سندات وزارة الخزانة التي بحوزة المملكة العربية السعودية؟ هل هي روسيا؟ أم إيران؟ أم الولايات المتحدة؟ أم الصين؟
مع تمنياتي للجميع بدوام الصحة والعافية
النهاية

No comments:

Post a Comment