في الأرجنتين تم إختطاف مجرم الحرب النازي أدولف أيخمان ومحاكمته وإعدامه في إسرائيل. أيخمان كان يعمل كمراقب عمال في أحد مصانع شركات السيارات الألمانية (مرسيدس) حيث كانت الخطط لبناء إمبراطورية مالية وإقتصادية ألمانية في الخارج تجري وبطرق ملتوية على قدم وساق في السنين التي سبقت خسارة ألمانيا الحرب العالمية الثانية. أدولف أيخمان لم يكن مجرم الحرب النازي الوحيد في ذالك المصنع أو في الأرجنتين بشكل خاص وفي أمريكا اللاتينية بشكل عام حيث كانت القارة تمتلئ بهم وبمصالحهم وشركاتهم وأعمالهم التجارية.
السؤال هو لماذا لم نسمع عن القبض على مجرمي حرب نازيين أخرين أو خطفهم من البلدان التي كانوا يتخذونها مكانا للتخفي عن أعين الملاحقة؟ يذكرني ذالك بقصة الهبوط على سطح القمر التي تمت ولمرة واحدة حيث لم يتم تكرار ذالك العمل على الرغم من التخطيط لإرسال مركبة فضاء مأهولة لكوكب المريخ فأي الكوكبين أقرب؟ ولماذا لم نسمع عن تكرار محاولات الهبوط على سطح القمر؟
هل تعلمون حقيقة الثورة الفرنسية وإقتحام سجن الباستيل؟
في سجن الباستيل كان يحتجر عدد كبير من النبلاء الفرنسيين المعارضين للملك الفرنسي لويس السادس عشر وهم أول ضحايا إقتحام السجن حيث تم قتلهم من قبل الرعاع والعامة الذين تم تسليحهم بعد الإستيلاء على حامية السجن ومخازن السلاح فيه. إن تلك النوعية من المعلومات لن تسمعوها ولن تقرأوها في كتب التاريخ المزيفة والمناهج الدراسية التي تمجد الثورة الفرنسية على الرغم من كل الحقائق التاريخية التي تقدم رواية مختلفة ورغم كل اللغط الذي أثير حولها. أحدهم كان له مصلحة في مقتل عدد كبير من النبلاء من نخبة الشعب الفرنسي المعارضين لحكم لويس السادس عشر والذي كان من المتوقع توليهم حكم فرنسا في حال سقوط نظامه.
"إذا لم يكن هناك خيز للفقراء فليأكلوا الكعك" وفي رواية أخرى "فليأكلوا البسكويت" فهل تثير تلك العبارة عند جيلنا المعاصر أي ذكريات؟ الإجابة هي انه يتم تقبلها كحقيقة وأمر واقع ولن أستغرب إن خرجت علينا يوما أحد القنوات بمزاعم إمتلاك تسجيل صوتي لماري أنطوانيت كدليل مادي يقدم في محاكمة تاريخية لتلك الشخصية العظيمة التي تعرضت للظلم وتم تزوير تاريخ كامل لها خدمة لأجندات معينة. حتى أن بعض المصادر تذكر كيف سارت ماري أنطوانيت بكبرياء للمقصلة وكيف يتعارض ذالك مع ماتم ترويجه عنها من إتصافها بالإستهتار والمجون وكثرة عشاقها.
لن نذهب بعيدا في تاريخ الإعلام الإستعماري الذي يتم الترويج له حتى أن فرنسا التي إحتلت الجزائر فترة زمنية بلغت 132 سنة تم فيها إرتكاب الفظائع بحق الشعب الجزائري المقاوم إستشهد فيها أكثر من مليون شهيد. تخيلوا أنه تم إصدار طوابع تذكارية فرنسية عليها صورة جنود فرنسيين بصحبة رؤوس مقطوعة لمواطنين جزائريين بل وإجراء تجارب لقنابل ذرية على أهداف حية عبارة عن أسرى من مواطني الجزائر تم تعريضهم لإشعاعاتها مثبتين على أعمدة في الصحراء. أين من يمجدون فرنسا ويلتحفون بعلمها ويمجدون ثورتها المزعومة؟ إن تلك الثورة تناولها بالتفصيل الفيلسوف الفرنسي الأشهر غوستاف لوبون وكيف تم التأثير على الجماهير وتحريكهم من قبل أصحاب المصالح حيث لمن قرأ كتابه "الثورة الفرنسية وروح الثورات" يستطيع أن يخرج منه بإستنتاج من كلميتن "ثورة رعاع". فلماذا يتم تدريسنا ثورات قام بها رعاع في مناهجنا الدراسية؟ وهل تلك المناهج والأنظمة التعليمية تنتج إلا رعاع ممن يحرقون ويقتلون ويرتكبون أفظع الجرائم ومع ذالك يوصفون بأنهم نشطاء وطلاب حرية ويتم تمجيدهم في وسائل الإعلام المختلفة؟
قضية المجازر التركية ضد الأرمن هي قضية جدلية أخرى تلاعب بها الإعلام الإستعماري وشابها الكثير من الجدل وبالطبع التزوير. هناك مزاعم عن تمرد الأرمن ضد الدولة العثمانية وأنهم هم من قاموا بالبدء بالمجازر وقتلوا مئات الألوف من المسلمين وأن ماقامت به القوات العثمانية كان يدخل في نطاق الدفاع عن النفس. كما انه هناك مزاعم معاكسة أن القوات العثمانية هي من قام بالمجازر ضد الأرمن أبادوا خلالها أكثر من مليوني أرمني.
فيما يتعلق بتلك المسألة فإنه حتى لو إقتنعنا بوجهة النظر القائلة بأن الأرمن هم من بدء التمرد فلست أظن أن ذالك يبرر كمية الإجرام والوحشية وهتك أعراض نساء الأرمن وصلبهم عرايا وتجويع الشعب الأرمني. أحد الصور المشهورة التي أرخت لتلك الفترة الزمنية تظهر لنا تركيا يتلاعب بأطفال الأرمن الجياع من خلال الإمساك بقطعة خبز يرفعها عاليا بينما هم على الأرض من شدة الجوع والتعب بينما صورة أخرى تظهر صلب نساء الأرمن. يذكرني ذالك السلوك بأحدهم حين يحاول أن يلعب مع حيوانه الأليف. كما أنه هناك العديد من الصور التي تظهر بعضا من الإجرام والوحشية التي كانت في الحقيقة جزأ لا يتجزأ من عقلية الأتراك وطريقة تعاملهم مع خصومهم منذ زمن طويل وهي ليست حالة طارئة مرت على الشعب الأرمني. بدون دراسة التاريخ العثماني وهو تاريخ يتفاخر الأتراك به, وبدون التعرف على العقلية التركية وملامحها النفسية, لايمكن الحكم على مسألة المجازر التركية بحق الأرمن. وفي الحقيقة فإن الأرمن ليسوا هم وحدهم من تعرض لتلك المجازر فالأكراد ديانتهم الإسلام تعرضوا للمجازر حتى يومنا هاذا, والأشوريون وطوائف مسيحية أخرى وقوميات مختلفة تعرضوا للقتل في تلك الفترة حيث فر عدد كبير منهم إلى مدن في سوريا والأردن فتم إكرامهم وكانت لهم مساهمات جدا إيجابية في إثراء الحياة التجارية والثقافية والسياسية في البلدان التي لجئوا لها وأصبحوا جزأ لا يتجزأ من نسيجها الإجتماعي.
هناك صورة مشهورة لجنود أتراك مع رؤوس يونانية مقطوعة حيث أن قطع الرؤوس سلوك متجذر في العقلية التركية وطريقة تعاملها مع خصومها. إن ذالك سلوك مرفوض ولكن الأتراك ليس أول من عمل به ولن يكونوا أخرهم. الحرب التركية-اليونانية أو مايعرف بحرب الإستقلال التركية التي قاد القوات التركية فيها مصطفى كمال أتاتورك وكان رأس الحرب قوات يونانية بدعم بريطاني وفرنسي كانت حربا وحشية إستخدمت فيها الأساليب الوحشية بحدها الأقصى وتبادل الطرفين الممارسات الوحشية ضد بعضهم البعض. الدول الأوروبية المعادية لتركيا وعلى رأسها بريطانيا وفرنسا قامت بتقديم الدعم لليونان لشن حرب على تركيا هدفها السيطرة على مضيق البوسفور وموقعه الحيوي مقابل ضم أجزاء من تركيا لليونان حيث حاولت قوات الغزو اليوناني والبريطاني الزحف على العاصمة التركية وإحتلالها.
وسائل إعلامية بريطانية شنت حربا إعلامية مؤخرا ضد المملكة العربية السعودية وكبار الكتاب في الصحف الأمريكية شاركوا في تلك الحملة. حتى أن عراب الخراب العربي برنارد هنري ليفي شارك بموضوعا ضد السعودية هو الأول من نوعه ولكنه لن يكون الأخير. موضوع الحملة هو حقوق الإنسان والحريات مثل حرية الرأي والتعبير وقيادة المرأة للسيارة.
المشاكل التي يعاني منها الإعلام السعودي هي نفس المشكلة التي يعاني منها الإعلام في الوطن العربي وهي إنخفاض المستوى الفكري والوعي الثقافي, الجمود المعرفي وأخرها أن تعيين الصحفيين في الوطن العربي لايتم بناء على الكفائة بل الواسطة ومقياس ترموميتر الولاء. كليات الإعلام والصحافة في الوطن العربي تقبل أدنى معدلات النجاح في إمتحانات الثانوية العامة وتلك صفة مشتركة مع كليات الحقوق التي لا يدخلها إلا من تضطره الظروف إلى الحصول على مقعد جامعي في أي تخصص.
مع تمنياتي للجميع بدوام الصحة والعافية
نهاية الجزء الثاني
No comments:
Post a Comment