الدولار هو عملة عدد من الدول منها أستراليا, كندا, نيوزيلندا والولايات المتحدة حيث يختلف في سعر الصرف أمام العملات الأخرى باختلاف الدولة. ولكن يبقى الدولار الامريكي دائما سيد الموقف ويلقبه البعض بأنه الدولار الملك(The King Dollar) وعند الحديث أو الكتابة عن الإقتصاد وحيث تكون كلمة الدولار فإن ذلك يعني عملة الولايات المتحدة(الدولار الأمريكي). إن مركز ومكانة الدولار تعود الى إتفاقية بريتون وودز ١٩٤٤ التي فرضت الدولار عملة احتياطي عالمي مقابل إرتباط مع الذهب وفق معادلة سعرية ٣٥ دولار/أونصة. الدول التي حضرت اجتماعات بريتون وودز قبلت بذلك مرغمة بسبب خروجها من الحرب العالمية الثانية مدمرة و منهكة اقتصاديا بينما الولايات المتحدة لم تشهد أراضيها أي معارك باستثناء الهجوم الياباني على بيرل هاربور في جزيرة هاواي سنة ١٩٤١.
الحروب سببها الرئيسي مصالح اقتصادية حتى ولو كانت هناك أسباب أخرى ظاهرة مثل خلافات سياسية أو نزاع حدودي. وعندما نتحدث عن الاقتصاد فإننا نتحدث عن الدولار. هناك نزاع بين فنزويلا وغويانا على مناطق حدودية تحتوي حقول نفط ولكن أكثر من ٨٠% من نفط العالم يكون سعره بالدولار وبالتالي لا يمكن تجاهل دور الولايات المتحدة وتأثيرها في الاقتصاد العالمي من خلال دور عملتها (الدولار) وتأثيرها على العلاقات الاقتصادية والسياسية بين الدول. الولايات المتحدة ليس لديها مشكلة في أن تخوض الحروب في سبيل حماية الدولار. وزير الخزانة الأمريكي جون كونالي صدم الحضور في إجتماع مجموعة (G-10) في العاصمة الإيطالية روما عندما أخبرهم أن "الدولار عملتنا ولكنه مشكلتكم."
الحرب العالمية الأولى كانت فرصة لا تعوض بالنسبة الى الولايات المتحدة حيث أعلن سنة ١٩١٣ عن تأسيس بنك الاحتياط الفيدرالي وبدأت أحداث الحرب العالمية الأولى سنة ١٩١٤. الدولار الأمريكي بدأ يدخل الى المنظومة الاقتصادية في أوروبا من خلال القروض التي قدمتها الولايات المتحدة الى فرنسا, بريطانيا ودول أوروبية أخرى. الحرب العالمية الثانية كانت فرصة أخرى مناسبة من أجل فرض الهيمنة الاقتصادية الأمريكية حيث فرضت الولايات المتحدة شروطها في اتفاقية بريتون وودز(١٩٤٤) وساهمت خطة مارشال في زيادة نفوذ الولايات المتحدة الإقتصادي على أوروبا وزيادة الكتلة النقدية المتداولة بالدولار في دول القارة الأوروبية.
ولكن إتفاقية بريتون وودز(١٩٤٤) أعلن عن الغائها سنة ١٩٧١ حيث القى الرئيس ريتشارد نيكسون خطابا أعلن فيه عن مجموعة إجراءات اقتصادية منها تعليق مبادلة الدولار مقابل الذهب مما يعني عمليا إلغاء إتفاقية بريتون وودز و تعويم الدولار أمام العملات الأخرى في أسواق الصرف من خلال اتفاقية جامايكا(١٩٧٦) وبلازا(١٩٨٥). الإقتصاد العالمي ومنذ الغاء اتفاقية بريتون وودز يعمل بدون اتفاقية مماثلة مما يعني الكثير من المشاكل خصوصا حروب العملات. ولكن على الرغم من ذلك فإن الدولار يحافظ على مكانته عملة احتياط عالمي وذلك يعود بشكل رئيسي الى أن عملة شراء أو بيع ٨٠% من نفط العالم هي الدولار. كما أن الولايات المتحدة تتحكم في الاقتصاد العالمي من خلال مجموعة أدوات لعل أهمها نظام سويفت للتحويلات المالية والعقوبات الاقتصادية ويساهم حجم الاقتصاد الأمريكي الضخم في ذلك.
الولايات المتحدة سوف تعمل على إسقاط أي نظام يهدد مصالحها الإقتصادية خصوصا الدولار وقائمة الضحايا طويلة للغاية. الرئيس العراقي صدام حسين أعلن عن بيع النفط العراقي مقابل اليورو والرئيس الليبي معمر القذافي كان يعمل على محاولة إقناع دول القارة الإفريقية أن تبيع النفط والمواد الأولية مقابل الدينار الذهبي الإفريقي. كلاهما كانت نهايته مؤلمة وبشعة للغاية. محمد صخر الماطري صهر رئيس تونس زين العابدين كان السبب في إسقاط النظام بسبب مشروعه إقامة جزيرة مالية في العاصمة تونس على نموذج جزيرة مانهاتن في مدينة نيويورك ولكن مع فارق أن النموذج التونسي كان سوف يكون وفق نموذج الاقتصاد الإسلامي والشريعة الإسلامية. إن ذلك كان سوف يؤدي الى تهديد مصالح النظام المصرفي التقليدي القائم على الفائدة وبالتالي تهديد الدولار والتأثير على قيمته في أسواق الصرف.
الدولار لن ينهار كما يعتقد أو يحلم الكثيرون رغم أنه فقد ٩٨% من قيمته منذ بداية ظهوره وتداوله خلال فترة حكم الرئيس إبراهام لينكولن. الولايات المتحدة لديها سلطة طباعة الدولار داخل أراضيها وليست معرضة للمحاسبة ولا يحق لأي دولة مسائلتها عن ذلك. الولايات المتحدة تعتبر أقوى وأكبر اقتصاد في العالم وعلى من يرغب في التعامل معها أن يقبل الدولار عملة للتبادل التجاري. روسيا والصين لايمكنهم التخلي عن الدولار وذلك على الأقل في المدى القصير والمتوسط أما على المدى البعيد, فإن محاولة التخلي عن الدولار أو فرض نظام اقتصادي بديل لا ترضى عنه الولايات المتحدة سوف يؤدي الى حرب عالمية ثالثة.
مع تمنياتي للجميع دوام الصحة والعافية
النهاية
No comments:
Post a Comment