إنَّ هذه هي سنة الحياة وفلسفة التاريخ وحيث أنه خلال أكثر من خمسين عاما في سوريا, كان هناك تحالف قائم غير مكتوب وغير معلن بين النخب العلوية والمسيحية وبين تجار حلب ودمشق حكم سوريا وهمش مكوِّنات الشعب السوري الأخرى. ولكن ذلك تغير بعد نجاح قوات المعارضة السورية في دخول دمشق وفرار الرئيس السوري الى روسيا. المرحلة القادمة وخلال ربما خمسين سنة سوف يدير المشهد في سوريا إدلب ودرعا(حوران) وسوف يكررون أخطاء من سبقوهم وسوف يعاد المشهد ولكن أبطال المرحلة قد يكونون مختلفين, ربما الأكراد أو المسيحيين.
ولكن ذلك لن يغير من الحقائق على أرض الواقع وهي إنَّ تحقيق أي إنجاز عسكري في صالح قوات المعارضة السورية كان مرتبطا بالدعم المالي من السعودية وقطر, الدعم العسكري من الولايات المتحدة, بريطانيا ودولة الكيان الصهيوني والحدود المفتوحة مع تركيا. الجيش العربي السوري كان قادرا على حسم المعركة عسكريا لولا قرار سياسي روسي كان يمنع ذلك وفق اتفاقيات وقف التصعيد وخلافه التي كان الرئيس الروسي بوتين عرابها. وقد كانت تلك الإتفاقيات عبارة عن ستار خيانة روسية وطعنة في الظهر خصوصا ترحيل آلاف المسلحين الى إدلب بالإتفاق مع الولايات المتحدة التي عملت على تدريب المزيد منهم إستعدادا للمعركة الكبرى.
أبو محمد الجولاني تحدث في لقاء مع قادة وزعماء عشائر قبل سنة تقريبا أن النظام فقد جميع أوراقه بما فيها الإقتصادية وأنه يحتاج الى عمل عسكري أخير من أجل إسقاطه وانهم(المعارضة) يجهزون انفسهم لذلك. الرئيس السوري بشار الأسد لم يكن يحكم سوريا على أرض الواقع التي كانت مقسمة بين روسيا, إيران, قسد والقوات الأمريكية في التنف التي كانت تدير هجمات تنظيم داعش الإرهابي. كما كان هناك أقارب الرئيس السوري من أولاد عمومته و أسرة مخلوف وشاليش يصولون ويجولون في سوريا يعتدون على الأعراض والممتلكات ويقتلون بدون حسيب أو رقيب. عصابات آل الأسد من أبناء العمومة وأقربائهم وأنسبائهم كانوا أقرب الى المافيا العائلية ولم يتورعوا عن اغتيال باسل الأسد شقيق الرئيس السوري السابق بسبب صراع مصالح عائلي ولم يكن يقف في طريقهم أحد.
إن أحد أخطاء الرئيس السوري أنه جمع بين نقيضين في سوريا بدون أن يكون متأكدا كيف يمكن إدارة ذلك. روسيا وإيران خاضتا صراعا مكتوما في سوريا لأن كل منهما لا يقبل القسمة على إثنين ويريد أن يحصل على سوريا لنفسه ويكون سيدها المتوج. إن ضحية ذلك الصراع مجموعة من اغتيالات الشخصيات الرفيعة مثل قاسم سليماني ومن قبلها تفجير إجتماع مبنى الأمن القومي في دمشق وغيرها من عمليات الإغتيال والقتل الغامضة.
هناك ضباط كبار في الجيش العربي السوري كانت وفاتهم في الظاهر هي المرض بينما الحقيقة أن عصابات آل الأسد تخلصت منهم بالإغتيال وأن وفاتهم كانت نتيجة السم. السبب هو خلافات على عدة أمور حيث كان هناك ضباط كبار من الحرس الجمهوري يرفضون دخول عصابات التعفيش والسرقة التي تتبع آل الأسد الى المناطق التي تحت سيطرتهم. بينما كان هناك خلاف مع ضباط آخرين على المسروقات ومبالغ مالية وعمليات تهريب.
إنَّ التغيير هو سنة الحياة وذلك أمر لا يدركه الإسلاميون ولا أنصارهم أولئك المغفلون الفرحون السكارى بنشوة النصر من يرقصون في الساحات العامة رفقة كاريس بشار وغيرها. الولايات المتحدة والدول الأوروبية لن تترك سوريا تستعيد وضعها الطبيعي. الأمريكيون يسلمون على أبو محمد الجولاني باليد اليمين ويحملون الخنجر من أجل طعنه في اليد اليسار لو رفض الامتثال لطلباتهم واوامرهم. كما أن الرئيس السوري دفع ثمن تحالفه مع روسيا وإيران فإنه على الجولاني أن يدفع ثمن تحالفه مع الولايات المتحدة وأول ذلك هو التطبيع مع دولة الكيان الصهيوني وتبادل السفارات. الإسلاميون المغفلون الذي تمسك قطر بلجامهم يعتقدون أنهم سوف يقيمون للإسلام دولة في سوريا ولكن الأيام سوف تثبت عكس ذلك وسوف يلعن السوريون المغفلون أنصار الثورة والمظاهرات والربيع العربي تلك الثورة وسوف يندمون كما ندم الجزائريون, العراقيون, التونسيون, الليبيون والمصريون وأصبح مثلهم الشعبي المفضل "ما بتعرف خيري حتى تجرب غيري."
دمتم بخير
دامت الجمهورية العربية السورية بخير حرة مستقلة
الوطن أو الموت
النهاية
No comments:
Post a Comment