الأزمات تعتبر فرصة لا تعوض للدول, المؤسسات والأفراد على حد سواء من أجل تحقيق مصالح وامتيازات وتمرير أجندات لا يمكن العمل عليها في الظروف الاعتيادية. رئيس الموظفين السابق في البيت الأبيض راهام إيمانويل صرَّح سنة ٢٠٠٨ خلال مقابلة مع وول ستريت جورنال أنه لايمكن تفويت فرصة أزمة حقيقية دون الإستفادة منها في تحقيق إنجازات لايمكن العمل عليها في الظروف الإعتيادية. هناك دائما تسائلات عن أسباب الأزمات والحروب والإقتصاد السياسي يقدِّم دائما الإجابات من خلال إستخدام أساليب التحليل الإقتصادي والسياسي مع الأخذ في عين الإعتبار الظروف الجيوسياسية للمنطقة حيث تقع الأزمة والعالم.
شركات النفط أو دراكولا الاقتصادات العالمية التي تستفيد دائما من الأزمات والحروب وتحقق الأرباح الهائلة وليس هناك أزمة أو حرب في العالم لا تستفيد. ولكن عندما نتحدث عن صناعة وشركات النفط فإننا لايمكن أن نتجاهل أسرة روكفلر وعميد الأسرة جون دافيسون روكفلر الأب الذي أسس أكبر شركة نفط احتكارية في العالم ستاندرد أويل التي تفرعت الى سبعة شركات "الأخوات السبعة" نتيجة تطبيق قانون منع الاحتكار ولكن على الرغم من ذلك فقد إستمر ديفيد روكفلر الأب في السيطرة على الأخوات السبعة وجميع الشركات التي تفرعت عنها من خلال إستغلال ثغرات قانونية سمحت له بذلك.
الحرب العالمية الأولى كانت أول فرصة حقيقية جعلت من ثروة جون روكفلر تزداد بسرعة صاروخية حيث كان شركته تبيع النفط الى حلفاء الولايات المتحدة أو خصومها بأسعار مضاعفة. أما الحرب العالمية الثانية فقد تعاونت شركة ستاندر أويل مع المانيا النازية وهتلر من خلال أحد شركاتها الفرعية شركة نفط نيوجيرسي القياسية ونقلت الى المانيا النازية تكنولوجيا إنتاج النفط الصناعي(Synthetic Oil) من الفحم. حرب ١٩٦٧ حيث أغلق الرئيس المصري جمال عبد الناصر قناة السويس وإرتفعت أسعار النفط وحرب ١٩٧٣ حيث صعدت أسعار النفط بسرعة صاروخية بنسبة ٤٠٠% حيث أعلنت الدول المنتجة للنفط عن مقاطعة الولايات المتحدة وأي دولة تدعم الكيان الصهيوني وأعلنت عن تخفيضات في الإنتاج وظهر لأول مرة مصطلح "البترودولار."
الأزمات التي تستفيد منها شركات النفط حاليا أكثر من أن تعد أو تحصى مثل الأزمة الأوكرانية والحروب الأهلية في القارة الإفريقية وحاليا أزمة منطقة الشرق الأوسط. دولة الكيان الصهيوني تخطط من أجل الرد على هجوم صاروخي من إيران أصاب قواعد جوية ودمر طائرات إف-٣٥ وذلك بقصف منشآت إيران النفطية مما سوف يؤدي الى إرتفاع أسعار النفط وتجاوزها حاجز مائة دولار/برميل والتي سوف ترتفع أكثر وأكثر عندما تغلق إيران مضيق هرمز. ولكن إذا أضفنا الى ذلك العمليات التي تقوم بها في منطقة البحر الأحمر ميليشيات الحوثي في اليمن فإن أسعار النفط سوف تتجاوز جميع التوقعات.
النفط تحول الى سلعة أصبحت هدفا رئيسيا للمضاربين في أسواق البورصات سواء على أسهم شركات النفط أو من خلال أدوات مالية(مشتقات) مثل عقود المستقبليات التي تعتبر أداة مضاربة مهمة على النفط ولا ترتبط بالضرورة بمسألة العرض والطلب كما تحاول كتب الإقتصاد الجامعية أن تقنع الطلاب. الولايات المتحدة حولت النفط الى سلاح(weaponize) وأحد أدوات الهندسة الإجتماعية حيث يؤثر رفع أسعار الطاقة على مجتمعات بكاملها بداية من عاداتها الغذائية وإنفاقها وعدد أفرادها. كما أن الولايات المتحدة نجحت في تحويل النفط الى سلاح ضد الدول بهدف التلاعب بنسبة نموها الإقتصادي والتأثير على مواقفها السياسية.
مع تمنياتي للجميع دوام الصحة والعافية
النهاية
No comments:
Post a Comment