Flag Counter

Flag Counter

Sunday, January 1, 2023

مشكلة اللجوء والإقتصاد السياسي للاجئين

أدت الأزمة السورية المستمرة منذ أكثر من اثنتي عشرة عاما الى أكبر موجة لاجئين عرفها العالم منذ الحرب العالمية الثانية. هناك أكثر من 9 ملايين سوري هربوا من جحيم الحرب والمعارك إلى دول أوروبية وعربية في ألمانيا, هولندا, السويد, الأردن,مصر, العراق, لبنان وحتى في قطاع غزة التي وصل إليها بعض اللاجئين السوريين. السياسيون الأوروبيون وحكومات في دول عربية يبحثون عن شماعة يعلقون عليها أخطائهم وفشلهم وقد وجدوا ضالتهم في اللاجئين الذي أصبحوا مثل المسيح الذي صلب من أجل خطايا البشرية حيث تعالت الأصوات التي تجعل اللاجئين هم سبب جميع المشاكل التي عجزت الحكومات عن إيجاد الحلول المناسبة لها.

إنَّ ٥٠% من اللاجئين الى أوروبا ليسوا من السوريين وذلك وفق أكثر التقديرات تفائلا. ولقد أصبح من المألوف أن تشاهد في محطات المترو الأوروبية أشخاص من ذوي البشرة البالغة السواد وهم يحملون لافتات مكتوبة بلغة عربية ركيكة تطلب المساعدة بصفة لاجئ سوري. تركيا سمحت بذلك الطوفان من اللاجئين وفتحت الطريق لهم الى أوروبا في محاولة إبتزاز مواقف سياسية من الاتحاد الأوروبي الذي يرفض الى الأن منح تركيا العضوية فيه. هناك إقتصاد كامل قائم على اللجوء واللاجئين وبسبب ذلك هناك كثير من الأطراف التي تتمنى عدم الإنتهاء من الأزمة السورية.

تركيا أكثر دولة استقبلت اللاجئين حيث استفاد الاقتصاد في تركيا من قدوم اللاجئين السوريين الذي يعتبر الكثير منهم أصحاب حرف ومهن وصناعيين أقاموا الورشات والمطاعم والمصانع وهم في الوقت نفسه يعتبرون أيدي عاملة منخفضة التكلفة استفادت منها الشركات في تركيا. أولئك اللاجئون كانوا السبب في زيادة الناتج الإجمالي المحلي و إنتعاش الإقتصاد حيث يستفيد منهم بطريقة مباشرة أو غير مباشرة عدد من القطاعات خصوصا الإسكان والمصارف والمساعدات الدولية والاستثمارات الأجنبية.

الأردن بلد بني على اللجوء والهجرة ومن ينكر تلك الحقيقة فإنه ينكر التاريخ نفسه. هناك عشرات الآلاف من الأرمن الذين هربوا من المجازر في تركيا والشركس والشيشان الهاربين من اضطهاد الشيوعيين في الاتحاد السوفياتي والمهاجرين السوريين الذين إختاروا الأردن مستقرا لهم واللاجئين الفلسطينيين. كما أنه هناك مئات الآلاف من العمال المصريين واللاجئين العراقيين ومايزيد عن مليون لاجئ سوري. إنَّ كل أولئك اللاجئين هم من بنى الإقتصاد في الأردن الذي كان سكانه في السابق مجرد قبائل بدوية تتقاتل على المرعى ومناطق النفوذ. الأرمن كانوا أصحاب حرف مهنية والشركس والشيشان كانوا مزارعين ومقاتلين بارعين والعراقيين كانوا أصحاب رؤوس أموال والسوريين في الأردن كما هم في تركيا, أصحاب حرف وعمال لديهم خبرة في المجالات الصناعية والمطاعم والمواد الغذائية.

ولكن أزمة اللاجئين أدت الى أزمات أخرى أو كانت السبب في أزمات أخرى ليس لها علاقة مباشرة باللاجئين أنفسهم ولكن بالسياسيين الذين يستغلون مشكلة اللجوء في ركوب الموجة الشعبوية والهدف هو حصد أصوات إنتخابية من خلال التحريض على اللاجئين خصوصا في دول أوروبا. اندماج اللاجئين في الدول العربية كان أسرع بسبب عامل اللغة والثقافة والأصول المشتركة ولكن في دول أوروبا فقد كان للمشكلة أبعاد أخرى. 

ألمانيا التي تعتبر أقوى اقتصاد أوروبي و تحقق فوائض تجارية ضخمة سنويا تعاني اقتصاديا من مليون لاجئ سوري وهولندا حاليا تعاني من فيضان لاجئين سوريين تعجز عن التعامل معه و دول مثل بولندا والمجر تطلب إغلاق الحدود وتعتبر اللاجئين أكبر تهديد للهوية المسيحية للقارة الأوروبية. حتى دولة ضخمة وثرية مثل كندا استقبلت عشرين ألف لاجئ سوري دفعة واحد وكانت النتيجة أن أصاب نظام الهجرة والمساعدات الإجتماعية حالة أشبه بالشلل.

لبنان الذي يعاني من أزمات إقتصادية وإجتماعية وسياسية حتى قبل قدوم أي لاجئ فلسطيني أو سوري الى أراضيه ومع ذلك يلقي السياسيون اللبنانيون الفاشلون تبعات وأعباء جميع أزمات لبنان على اللاجئين ويطالبون بترحيلهم. ماهي العلاقة بين اللاجئين وأنهار القمامة التي ملأت شوارع لبنان وكانت السبب في فضيحة دولية للحكومة العاجزة حتى أن تجمع القمامة من شوارعها؟ اللاجئون السوريون في لبنان يعانون أوضاعا بشعة بسبب العنصرية والوضع الاقتصادي وانعدام فرص العمل واللبنانيون لو رحل اللاجئون السوريون سوف يأكلون بعضهم بعضا ويتفرغون للصراع الداخلي وربما حرب أهلية جديدة.

اللاجئون السوريون أعانهم الله هم ضحية أزمة ليسوا هم طرف فيها لا من قريب ولا من بعيد. اللاجئون السوريون مثلهم مثل اللاجئين العراقيين من قبلهم ضحية تدخل الدول الغربية خصوصا الولايات المتحدة, بريطانيا وفرنسا في شؤونهم الداخلية وقلب أنظمة الحكم ونشر الفوضى الخلاقة بذرائع وحجج واهية وأكاذيب مثل أسلحة الدمار الشامل وحقوق الإنسان.

مع تمنياتي للجميع دوام الصحة والعافية

النهاية


No comments:

Post a Comment