في كتابه "إم بي إس, صعود محمد بن سلمان الى السلطة," يتحدث الصحفي الأمريكي في نيويورك تايمز بن هوبارد عن جمال خاشقجي وكيف أنه كان أحد المتفائلين بالعهد الجديد في السعودية. سنة 2009, تحدث جمال خاشقجي عن مستقبل السعودية خلال العشرة سنين القادمة الى دبلوماسيين أمريكيين متوقعا أن يصل الى كرسي الحكم أمير سعودي شاب ولكن لم يكن يعلم من هو. الصحفي السعودي الذي يوصف بأنه إصلاحي له تاريخ من المتاعب مع السلطات السعودية. فقد طرد من عدد من الوظائف في صحف سعودية بسبب كتاباته التي تهاجم التشدد الديني وتطالب بمنح المرأة حقوقها. وخلال لقاء جمع عددا من الصحفيين ورجال الدين مع ولي العهد السعودي محمد بن سلمان سنة 2016 وتحدث خلالها الأخير عن خططه الإقتصادية من أجل النهوض بالسعودية وعن أمور سياسية وعن إيران توسع نفوذها في عدد من الدول منها باكستان, السودان وجيبوتي. وعندما قام خاشقجي بتوجيه سؤال الى ولي العهد السعودي عن السبب الذي لا يجعله يتحدث في تلك الأمور للعموم بل في إجتماعات خاصة, أجابه الأمير محمد بن سلمان:"أنت صحفي, لو كنت ترغب في الحديث عنها, إفعل ذلك."
عفى إبن جمال خاشقجي مكرها تحت الضغط والتهديد عن (قاتل أبيه). وتلك الكلمة بين الأقواس نضع تحتها الف خط, قاتل أبيه وليس قتلة أبيه. قتل جمال خاشقجي غيلة وغدرا حين دخل قنصلية بلاده في تركيا مستأمنا من أجل إتمام معاملة قانونية لها علاقة بزواجه من خطيبته التركية. وقد تكون الحكاية من أولها الى آخرها عبارة عن فخ نصبته الأجهزة الأمنية التركية وهي تعلم أن السفارة السعودية في الولايات المتحدة سوف تطلب من جمال خاشقجي مراجعة السفارة أو مكتب قنصلي سعودي في تركيا من أجل إتمام معاملة زواجه من خطيبته التركية وربما لديهم علم بخطط السعودية للتعامل مع جمال خاشقجي.
الإعلام السعودي عبر الذباب الإلكتروني في المنتديات والمواقع بدأ وكعادته بتشويه صورة جمال خاشقجي وأنه خان السعودية وهرب للخارج بأسرار مهمة من حقبة الحرب الأفغانية في الثمانينيات التي كان دوره فيها مجرد صحافي مرافق لعبدالله عزام. السعودية أرسلت فريقا من 15 شخصا بينهم طبيب تخدير من أجل إقناع خاشقجي بالعودة كما يزعم الإعلام السعودي الكذاب. العملية إنتهت ليس فقط بتقل خاشقجي بل تقطيعه وتسليم الجثة الى متعاون محلي من أجل التخلص منها. وربما ذلك المتعاون والجثة المقطَّعة في قبضة الشرطة التركية في إنتظار اللحظة المناسبة. الحكومة التركية بدأت محاكمة غيابية لعدد من الأسماء المتورطة في مقتل جمال خاشقجي حيث سوف يتم كشف الكثير من الأسرار.
الرئيس التركي رجب طيب أردوغان أحد أعضاء التنظيم الدولي للإخوان المسلمين. وهو ليس عبارة إلا عن شخص مختل عقليا ومجرم يرسل جنوده لقتل السوريين ويدعم تنظيمات مثل داعش وجبهة النصرة والجيش السوري الحر ويقمع الأكراد. حتى مواطنيه, قام بفصل عشرات الآلاف من وظائفهم وإعتقل عددا كبيرا من قادة وجنود الجيش التركي وفصل مئات القضاة من مناصبهم بذريعة الإنقلاب المزعوم. تلك الأحداث الغريبة التي تحدث قبل الانتخابات بوقت قصير مثل الهجمات الإرهابية ومحاولات الانقلاب والاغتيال أصبحت لعبة مكشوفة حتى للشعوب الغربية. رئيس الوزراء الكندي السابق ستيفن هاربر حاول زيادة شعبيته عبر إحدى تلك البهلوانيات ولكن الشعب الكندي كرهه وكره سياساته الخرقاء التي حولت كندا الى مستعمرة أمريكية وصوت ضد بكثافة حتى أنه خسر مقعده البرلماني في دائرته الإنتخابية وتحول حزبه الى حزب أقلية.
والحقيقة أن جمال خاشقجي لم يكن إلا أحد المخدوعين بعهد الإنفتاح في السعودية وخطط التنمية الإقتصادية والسياسية خصوصا نيوم وتلك المشاريع العملاقة التي هي مجرد حبر على ورق. وقد تعرض للمضايقة داخل السعودية قبل أن يقرر المغادرة وبطريقة طبيعية ورسيمة عبر إحدى المطارات السعودية الى الولايات المتحدة حيث يساهم في الكتابة في عدد من الصحف الرئيسية. ولو كان جمال خاشقجي حامل حقيبة أسرار كما وصفه الذباب الإلكتروني, لكنا قرأنا بعض تلك الأسرار في مقالاته ومواضيعه التي نشرها في الصحف الأمريكية قبل عملية إغتياله البشعة. ولو كان حامل حقيبة أسرار, لما سمح له السفر خارج السعودية. وقد قرأت عدد من مواضيع ومقالات خاشقجي حيث من الممكن أن نقرأ بين السطور عن أثر للفكر السياسي للإخوان المسلمين حيث يتهمه الذباب الإلكتروني بأنه كان عضوا في جماعة الإخوان.
المثير للضحك أن السعودية هي من فتح الباب لتلك الجماعة بعد الحملة العنيفة التي شنها عليهم الرئيس المصري جمال عبد الناصر حيث قام عدد كبير من عناصرهم وقياداتهم باللجوء الى السعودية وقطر ومنحوا وظائف خصوصا في المساجد والمدارس والجامعات. جمال خاشقجي لم يخترع تلك الجماعة ولم يكن من أسس مكاتبها في السعودية, حسن البنا زعيم جماعة الإخوان المسلمين كان منذ أيام الملك عبد العزيز يزور السعودية من أجل تلقي التمويل من الشيخ محمد سرور نائب وزير المالية السعودي.
إن المعلومات التي سوف تتسرب من محاكمة قتلة الصحفي السعودي جمال خاشقجي غيابيا في تركيا ليس بالضرورة ذات مصداقية. ولكنها أداة ضغط سياسية ضد السعودية وهي فصل آخر من فصول الحرب الباردة بين السعودية وتركيا حيث يبقى تنظيم الإخوان المسلمين في دائرة الإهتمام.
مع تمنياتي للجميع بدوام الصحة والعافية
النهاية
No comments:
Post a Comment