يصف مؤلف كتاب "إم بي إس, صعود محمد بن سلمان الى السلطة" الصحفي في نيويورك تايمز بن هوبارد كيف أن ولي عهد السعودية محمد بن سلمان أصبح لديه صديق في البيت الأبيض, صهر الرئيس دونالد ترامب اليهودي الأمريكي جاريد كوشنر. لقد كانت بدايات جاريد كوشنر الحقيقة حين دخل والده السجن بسبب تهم لها علاقة بالتهرب الضريبي والاحتيال حيث حكم 14 شهرا في سجن فيدرالي و10 أشهر من الاعتقال المنزلي. لقد كان كوشنر الإبن في غياب والده مسؤولا عن إدارة أعمال الأسرة. إشتهر جاريد كوشنر بقيامه بخطوات جريئة من الناحية الإقتصادية منها شراء برج(666) في مدينة نيويورك مقابل 1.8 مليار دولار والذي يعتبر أغلى مبنى على الإطلاق يتم شرائه في الولايات المتحدة. كما قام بشراء صحيفة نيويورك أوبزيرفر مقابل 10 مليون دولار. يعتبر كوشنر الإبن عراب صفقة القرن التي أعلن عنها والتي منذ بضعة أشهر والتي تشرح تفاصيل الحل النهائي للقضية الفلسطينية.
إن إهتمام جاريد كوشنر كان منصبا بشكل رئيسي على الصراع الفلسطيني- الإسرائيلي وأي إهتمام من الإدارة الأمريكية بالقضايا العربية خارج دائرة القدس وفلسطين كان أمرا يشوبه الغموض. أحد أهم الخطوات التي قام بها دونالد ترامب في الشرق الأوسط هو نقل السفارة الأمريكية من تل أبيب الى القدس المحتلة وهي خطوة تردد فيها جميع الرؤساء الأمريكيين السابقين خصوصا باراك أوباما, جورج بوش الابن وبيل كلينتون. الحكومة السعودية سارعت الى إستغلال أولويات الإدارة الأمريكية الجديدة واهتمامها بقضية فلسطين من أجل التقرب من الرئيس الجديد. الإعلام السعودي بدأ يروج للتطبيع مع العدو الصهيوني وأن إيران هي العدوة للسعودية وليس دولة الكيان الصهيوني. مواقع إخبارية على الإنترنت ومدونات و عضويات في منتديات بدأت تهاجم الشعب الفلسطيني والترويج أنهم هم من باعوا أراضيهم وخانوا فلسطين وأن اليهود لهم الحق في فلسطين منذ قديم الأزل. أحد أكثر عمليات تزوير التاريخ وقاحة في محاولة من أجل إرضاء الإدارة الأمريكية الجديدة عبر التقرب الى دولة الإحتلال الإسرائيلي.
الحكومة السعودية سارعت الى التواصل مع جاريد كوشنر فور إعلان فوز دونالد ترامب في انتخابات الرئاسة 2016 حيث تم تقديم عدد من العروض من خلال وفد رفيع المستوى سافر الى مدينة نيويورك. أحد العروض السعودية هو استثمار 50 مليار دولار في صفقات الأسلحة خلال فترة أربعة سنوات, زيادة الاستثمارات السعودية في الولايات المتحدة الى 200 مليار دولار واستثمار مبالغ تصل الى 100 مليار دولار في البنية التحتية. عرض أخر من الوفد السعودي كان تشكيل تحالف ناتو إسلامي من أجل خدمة الأهداف الإستراتيجية للولايات المتحدة عبارة عن عشرات الآلاف من الجنود الجاهزين لتنفيذ عمليات عسكرية بناء على طلب من الرئيس الأمريكي, قاعدة عسكرية أمريكية على البحر الأحمر ومنطقة تجارية حرَّة للشركات الأمريكية. ولكن أهم عرض تم التقدم به كان عرض دعوة الرئيس دونالد ترامب من أجل زيارة المملكة العربية السعودية حيث سوف تكون أول زيارة خارجية له منذ توليه الرئاسة.
جاريد كوشنر لم يكن فقط عراب صفقة القرن ومهندس القفزة النوعية في العلاقات السعودية الأمريكية وصديقا شخصيا لولي العهد السعودي محمد بن سلمان. بل هو من قام بالتخطيط لأول زيارة خارجية للرئيس الأمريكي دونالد ترامب بعد فوزه في الانتخابات الرئاسية 2016. الحكومة السعودية حولت الزيارة الى ملتقى إسلامي/أمريكي حيث تمت دعوة عدد من قادة الدول وكبار الشخصيات للمشاركة في أعمال المؤتمر(*). الزيارة تضمنت مجموعة من الفعاليات مثل رقصة العرضة مع ملك السعودية وكبار المسؤولين و مسيرة دراجات نارية ضمَّت عددا من الأمريكيين المؤيدين للرئيس ترامب حيث كانت نقطة النهاية في جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية. كما تضمنت توقيع عدد من الإتفاقيات بقيمة تجاوزت 400 مليار دولار أمريكي(**) منها صفقات سلاح بقيمة 110 مليار دولار. ترامب عاد من زيارته بصفقات وعقود بأرقام فلكية وأكثر من 80 هدية ثمينة له ولزوجته وإبنته إيفانكا.
جاريد كوشنر شخص لديه صلاحيات إستثنائية أكثر من مسؤولين رسميين رفيعي الرتبة في البيض الأبيض. كما أنه شخص يحيط به الكثير من الغموض وبالطبع, الفضائح. أحد تلك الفضائح أن والده دفع تبرعا الى جامعة هارفارد بلغت قيمته 2.5 مليون دولار من أجل قبول جاريد في صفوفها بسبب انخفاض معدله الدراسي ونتائج امتحان السات المؤهل لدخول الجامعات الأمريكية. كما أن تم القاء الضوء مؤخرا على ممارسات احتيالية بحق مستأجرين في عقارات ومباني الشركة وذلك بهدف إبتزاز الأموال منهم. قضية أخرى مثيرة للجدل هي قيام قطر بإنقاذ شركات كوشنر من الإفلاس عبر شركة بروكفيلد للعقارات والتي تساهم فيها قطر بنسبة مؤثرة عبر صندوق الاستثمار السيادي القطري. شركة بروكفيلد قامت باستئجار المبنى لمدة 99 عاما حيث لم يتم الإعلان عن المقابل المالي لذلك العقد الذي يقترب من التملك الكامل.
مع تمنياتي للجميع بدوام الصحة والعافية
النهاية
No comments:
Post a Comment