هناك الكثير من التسائلات المتعلقة بفيروس كورونا أو الإسم الذي أطلقته منظمة الصحة العالمية, كوفيد-19, أو فيروس كورونا المستجد. وهناك الكثير من نظريات المؤامرة خصوصا المتعلقة بشبكة الإنترنت من الجيل الخامس أو 5جي(5G). هناك تركيز كبير على الصين حيث يتم توجيه الإتهام نحو الصين أنها السبب في إنتشار الفيروس وأنه أحد أسلحتها البيولوجية وأنه تسرب من أحد مختبراتها السرية في مدينة ووهان وأنها قامت بالتعتيم على الخبر مما أدى الى انتشار الفيروس. في هذا الموضوع, سوف أحاول الحديث عن تلك التساؤلات وإثارة النقاش حول بعض المسائل التي يطرحها البعض.
بداية, الصين دولة كبيرة في المساحة وتعداد السكان. كل ما يتعلق بالصين هو يعني الضخامة. الصين تعتبر مصنع العالم حيث حافظت على نسبة التضخم العالمي منخفضة نوعا ما بسبب توفر العمالة المنخفضة الأجور وانخفاض أسعار النفط مما ساعد على قيام نهضة صناعية وتنموية في الصين وخلال فترة قياسية. ولكن نمو الإقتصاد بتلك السرعة القياسية يعني التخلي عن الكثير من المعايير البيئية ومعايير السلامة, الصين حققت خلال 40 سنة ما إستغرق أوروبا 200 سنة من أجل تحقيقه. الصين انضمت الى منظمة التجارة العالمية خلال فترة حكم الرئيس الأمريكي بيل كلينتون وذلك حقق مصلحة الشركات الأمريكية بالدرجة الأولى. ولو لم تكن الصين, ربما الهند أو فيتنام يتم إختيارها لتتحول الى مصنع للعالم حيث تتوفر العمالة منخفضة الأجور وقوانين متساهلة نوعا ما. هناك حملة إعلامية ضد الصين وهي ليست وليدة أزمة فيروس كورونا بل هي سابقة له بكثير. إتهامات مثل التلاعب بسعر صرف اليوان وهي اتهامات مزدوجة تحمل طابعا سياسيا.
إن وصف فيروس كورونا بأنه قاتل هو أمر مبالغ فيه وتهويل لأن ضحايا الإنفلونزا الموسمية يزيد بأضعاف عن ضحايا كوفيد-19. فيروس كورونا يصيب الجميع وهناك ضحايا من جميع الفئات العمرية ولكن نسبة مؤثرة هي كبار السن ومن لديهم مشاكل صحية مسبقة خصوصا في الجهاز التنفسي. نسبة الضحايا الى نسبة المصابين ومن يتم شفائهم هي مضللة وغير دقيقة حتى في دول أكثر تأثرا مثل إيطاليا وإسبانيا. السبب هو أن هناك عدد كبير قد يصابون بالمرض ويتم تعافيه منه بدون أن يشعروا إلا بأعراض طفيفة جدا ولايمكن حصر أعدادهم ومقارنته بعدد الإصابات الفعلية والتعداد السكاني إلا بفحص الجميع وذلك أمر مستحيل. محاولة القضاء على الفيروس هو أمر مثير للضحك ويؤكد لي أنه لايوجد مسؤول حكومي في العالم أو سياسي يفهم مايقوله حول تلك المسألة. حتى تقضي على فيروس كورونا, عليك إبادة عشرات الأصناف من الحيوانات التي تعتبر حواضن للمرض مثل الخفافيش وأكل النمل. كما أن قضية الأدوية واللقاحات هو أمر يتم استغلاله من أجل التهويل والترويع. وأقولها صراحة, لايمكن إجبار شخص ما على قبول عدد لانهائي من اللقاحات للوقاية من عدد لانهائي من الفيروسات. حتى من الناحية الإعلامية يبدو ذلك كذبة سمجة.
لايمكن الاقتناع بمسؤولية الصين وحدها عن إنتشار فيروس كورونا. وهناك عدد من النظريات حول سبب ظهور الفيروس منها إنترنت الجيل الخامس(5-جي) وهي سخيفة ولا تحتمل التصديق. هناك تقارير أن فيروس كورونا قد تم اكتشافه في حيوانات الخفاش في أحد الكهوف قرب مدينة ووهان الصينية سنة 2003 في إطار جهود مكافحة أحد فيروسات عائلة الكورونا, سارس(متلازمة الإلتهاب التنفسي الحاد). من الواضح أن ذلك كان معروفا للجميع, منظمة الصحة العالمية والولايات المتحدة ودول أوروبية, ولذلك لايمكن توجيه اللوم الى الصين بسبب ربما بعض الإهمال أو عدم أخذ الأمر بجدية. الجميع كانوا يعرفون والجميع إختاروا عدم الإستعداد, أو أنهم قد إستعدوا وينتظرون اللحظة المناسبة وهي لم تأتي بعد. علينا أن لا ننسى أنه لايمكن تفويت فرصة أزمة عالمية من أجل تحقيق بعض الأجندات السياسية والإقتصادية التي لايمكن حصول ذلك في الأوقات الاعتيادية حيث سوف تلقى معارضة واسعة وشعبية. كوفيد-19 ليس له علاقة بشبكة الجيل الخامس(5-جي). هناك وفيات بالفيروس في مناطق لا يوجد فيها خدمة إنترنت حتى تتأثر بشبكة الجيل الخامس مثل وفاة مراهق ينتمي لأحد القبائل التي تعيش في عمق غابات الأمازون. كوفيد-19 هو فيروس معدي ولايمكن أن يكون ظهوره في الضحية رقم صفر بسبب تأثرها بشبكة الجيل الخامس(5-جي).
ربما لم ينتشر مرض مارس(متلازمة الشرق الأوسط التنفسية) في العالم ويتحول الى جائحة ولكنه ذو منشأ حيواني, الجمال. ولكن هل يمكن توجيه أصابع الاتهام الى المملكة العربية السعودية وتحميلها المسؤولية لو حصل ذلك لاسمح الله؟ إن وجود الجمال لا يقتصر على المملكة العربية السعودية. أستراليا قررت مؤخرا إعدام عشرة آلاف جمل بسبب تكاثر أعدادها بما يهدد التوازن البيئي وهي كذبة سمجة أخرى لأن الجمال تعيش في بيئات صحراوية مقفرة ولست أفهم كيف يؤثر تكاثرها على التوازن البيئي. يذكرني ذلك بكذبة سمجة أخرى أن ضراط(فساء) الأبقار هو سبب رئيسي في ظواهر التغير المناخي والاحتباس الحراري. يعني من الواضح أن الإعلام يلعب على جميع الحبال ويهول ويضخم ويساهم في نشر حالة الذعر والخوف. في بريطانيا وخلال أزمة إنفلونزا الخنازير, تم إصدار تحذيرات مضللة حول إصابة ملايين البريطانيين ووفاة عشرات الآلاف وتم شراء دواء التاميفلو حيث هناك ماقيمته 460 مليون جنيه استرليني مكدسة في المستودعات وقد يتم إتلافها بسبب إنتهاء فترة الصلاحية.
الصين هي المشكلة وهي الحل في الوقت نفسه. وقد قرأت تقارير أن تم إعادة إفتتاح سوق الحيوانات في مدينة ووهان وأن أسواق الحيوانات في المدن الصينية الأخرى قد تم السماح بعودتها للعمل مرة أخرى. إن ذلك يعتبر إنتحار وحتى لو أن السبب لايتعلق بعادات الصينيين أو الشعوب الآسيوية الغذائية, فإن ذلك له صدى إعلامي سلبي ويسمح بتركيز الحملة الإعلامية على الصين وتحميلها المسؤولية. وهناك البعض ممن يحاولون تحميل الصين المسؤولية والسبب هو أن المرض لم ينتشر الى مدن مثل بكين, العاصمة الإدارية, وشنغهاي, العاصمة الإقتصادية, وذلك أمر يمكن الرد عليه بسهولة. المرض وصل الى بكين وشنغهاي وهناك مقابلة مع طالبة مصرية في بكين رفضت العودة الى مصر حتى إنتهاء الأزمة حتى لا تنقل عدوى محتملة الى أسرتها. الطالبة ذكرت أن هناك إصابات في بكين ولكن ليس بنفس الكثافة في ووهان, منبع المرض المفترض وذالك أمر طبيعي. هناك بلدات أمريكية لم تسجل حتى هذه اللحظة أي إصابات بسبب إجرائات احترازية مشددة اتخذتها السلطات البلدية فيها. نيوزيلندا حتى لحظة كتابة الموضوع سجلت 1094 إصابة, 471 متعافي و4 وفيات بفيروس وهو أقل بأربعة أضعاف من عدد الوفيات في ثوران أحد البراكين سنة 2019 حيث توفي 17 شخصا أغلبهم سائحون من أستراليا.
سوف تنتهي الأزمة عندما يتم الإتفاق على ملامح النظام السياسي والاقتصادي الجديد خصوصا العلاقة الشائكة بين الدولار واليوان ومركز الدولار عملة احتياطية عالمية. سوف تبيع الشركات مئات الملايين من اللقاحات والأدوية التي أكل الدهر عليها وشرب وانتهت صلاحيتها العلمية ويتم تكديس عشرات المليارات من مبيعات تلك الأدوية. وعندها سوف تنتهي أزمة فيروس كورونا وتختفي كما إختفت أزمات و فرقعات إعلامية فيروسية وغير فيروسية ولم نعد وبقدرة قادر نسمع عنها في وسائل الإعلام.
مع تمنياتي للجميع بدوام الصحة والعافية
النهاية
No comments:
Post a Comment