Flag Counter

Flag Counter

Wednesday, April 22, 2020

أسباب فشل الربيع العربي في تحقيق الأهداف الثورية للمتظاهرين

في البداية, إطلاق ثورات على أحداث الربيع العربي هو تجاوز ووصف خاطئ لسلسلة من الأحداث المؤسفة التي أدت الى نتائج سلبية للغاية من النواحي الإقتصادية, الإجتماعية والسياسية. ولذلك أي إستخدام من قبلي لذلك المصطلح في هذا الموضوع أو غيره لايعني موافقتي على معانيه. هناك حادثين مؤسفين ساهما في رسم ملامح المنطقة العربية لعقود قادمة. الحادث الأول هو الغزو العراقي للكويت والمواقف العربية الملتبسة لبعض الدول من ذلك. بينما الحادث الثاني هو أحداث الربيع العربي. الغزو العراقي لدولة الكويت سوف أتركه الى موضوع قادم بينما أكتفي في هذا الموضوع بالحديث عن الربيع العربي.
فشل الربيع العربي في إحداث أي تغييرات إيجابية في الدول التي كانت مسرحا للأحداث. بل امتدت التأثيرات الى دول أخرى حيث محاولات نسخ تجربة تونس ومصر على وجه الخصوص. الإعلام لعب دورا رئيسيا في إشعال شرارة الإحتجاجات عبر نشر الإشاعات والأخبار الكاذبة والدعاية والبروباغندا. والإعلام ينقسم الى قسمين رئيسيين: الأول هو وسائل الإعلام الرئيسية من محطات فضائية وإذاعة وصحف, بينما الثاني هو إعلام وسائل التواصل الإجتماعي والمدونات والمواقع الإخبارية أو الإعلام الموازي. 
شرارة الاحتجاجات أشعلها البوعزيزي في تونس عندما أحرق نفسه بعد مصادرة عربة خضار كان يبيع عليها بالمخالفة للقانون حيث أشيع على نطاق واسع أن سبب الانتحار هو قيام شرطية بلدية بصفع البوعزيزي على وجهه وهو ماتبين عدم صحته, فقد قامت المحكمة التي يسيطر عليها أنصار الربيع التونسي بتبرئة الشرطية. وفي مصر قام مدير غوغل في إفريقيا والشرق الأوسط بإستغلال حادثة وفاة موزع مخدرات يدعى خالد سعيد أثناء ملاحقة الشرطة له في إنشاء صفحة كلنا خالد سعيد والدعوة الى مظاهرات 25 يناير. وائل غنيم زعم كذبا أن خالد سعيد توفي بسبب تعذيب الشرطة المصرية ولكن الحقيقة هي وفاته بسبب ابتلاعه لفافة حشيش كانت بحوزته حيث توفي اختناقا. صورة خالد سعيد التي قام وائل غنيم بتسريبها الى صفحة (كلنا خالد سعيد) مصدرها المشرحة بعد تشريح الجثة بمعرفة الطبيب الشرعي من أجل بيان سبب الوفاة وليس لها علاقة بأي تعذيب تعرض له. 
راشد الغنوشي, زعيم حزب النهضة التونسي والذي هو أحد أفرع تنظيم الإخوان المسلمين قام على إثر فوز حزبه في أول إنتخابات تم إجراؤها بعد سقوط نظام حكم الرئيس زين العابدين بن علي بفريضة الحج الى الولايات المتحدة حيث القى خطابا في معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى الذي يتبع لوبي الضغط الصهيوني(أيباك). وخلال زيارته قدَّمَ الغنوشي فروض الطاعة لإسرائيل بإعلانه الغاء حالة العداء مع دولة الإحتلال الصهيوني من الدستور التونسي. أدمن صفحة الثورة التونسية على فيسبوك إعترف أنه تعرض للخديعة. وكذلك وائل غنيم ظهر في عدد من الفيديوهات يترحم على أيام الرئيس السابق مبارك. وفي ليبيا, حصد رصاص الحرب الأهلية الليبيين حصدا. الخسائر الاقتصادية في مصر وتونس كانت هائلة تجاوزت عشرة مليارات دولار. وفي سوريا, حاول الإعلام المضلل وصف الأحداث بأنها حرب اهلية على الرغم من الوقائع التي تنفي ذلك. كما أن تقديرات الأموال من أجل إعادة الإعمار في سوريا تجاوزت 60 مليار دولار. أحداث الربيع العربي كانت السبب في أكبر موجة نازحين منذ الحرب العالمية الثانية حيث كانت فرصة لدول مثل تركيا حتى تبتز الإتحاد الأوروبي وتحاول إحياء أطماعها القديمة في سوريا والعراق.
المنظرون للربيع العربي من نخب ثقافية وسياسية كانت تعيش حالة من الضياع في إيجاد صيغة تواصل مع الماضي من أجل محاولة خلق صورة نمطية يتم إستخدامها في أغراض الدعاية. فقد قاموا بتشبيه مظاهرات الربيع العربي بأنها تشبه حركة اللاعنف التي أسسها غاندي في الهند, ومرة أخرى كان الثائر الأممي تشي غيفارا هو وجه الشبه والثورة الفرنسية كانت حاضرة وبقوة في أدبيات الربيع العربي. والحقيقة أن ذلك, الثورة الفرنسية, هي أكثر مالفت نظري حيث أنه تجمعها مع ثورات الربيع العربي عوامل مشتركة: غياب القيادة والهدف, والأهم هو سيطرة الغوغاء والرعاع على مجريات الأحداث. حادثة إقتحام سجن الباستيل التي يحتفل فيها الفرنسيون رسميا بتاريخ 14/تموز/1789 ليست إلا أحد فصول الدعاية والبروباغندا حيث أن الملك الفرنسي لويس قد قرَّرَ إغلاق السجن. كما أن عدد السجناء يوم إقتحام السجن لم يزد عن 7 منهم مختل عقليا, 4 متهمين بالتزوير والسرقة, إثنين من النبلاء المعارضين للملك. ولكن ذلك لاينشر في وسائل الإعلام لأنه لا يتناسب مع الصورة النمطية لسجن الباستيل أنه رمز للاستبداد والطغيان وأنه ممتلئ بمئات بل آلاف المعتقلين.
وزيرة الخارجية الأمريكية السابقة هيلاري كلينتون في كتابها "خيارات صعبة-Hard Choices) ذكرت أنها زارت ميدان التحرير في القاهرة خلال أحداث مظاهرات الربيع العربي وأنها التقت المتظاهرين واستمعت الى عدد منهم ووصفتهم بأنهم بلا قيادة, مدفوعين الى التظاهر من خلال الإشاعات ووسائل التواصل الإجتماعي وأنهم أبعد من أن يشكلوا حركة معارضة متماسكة. كما عبرت عن قلقها من أن يحكم مصر الإخوان المسلمين أو الجيش(تحقق ذلك) لأن المتظاهرين ليس لديهم اي فكرة عن الإنتقال من التظاهر الى السياسة وعن الوسيلة التي سوف يؤثرون من خلالها على كتابة الدستور المصري الجديد أو تشكيل حزب سياسي يدعم مرشحا في الانتخابات وأنهم بدلا من ذلك وجهوا مختلف الاتهامات الى الولايات المتحدة.
القاعدة الإجتماعية في الوطن العربي فاسدة من جذورها ولايمكن لها أن تنتج حركة معارضة سليمة تتولى الحكم وتحقق الإنجازات تعني الفرق بين النظام القديم والجديد. نموذج حكم الإخوان المسلمين في مصر على سبيل المثال كان فاشلا لأنهم بدلا من الإنشغال بحل المشاكل التي تعاني منها مصر خصوصا الإقتصادية, كانوا منشغلين من تمكين أنصارهم خصوصا في الجيش والأجهزة الأمنية حتى يؤسسوا ديكتاتورية إسلامية. كما أن رجال الدين السلفيين في مصر كشفوا عن وجههم الحقيقي وأنهم ليسوا إلا إخوان مسلمين متخفين في رداء السلفية وأن الانتخابات والبرلمانات أصبحت من المحلَّلات بعد أن كانت الديمقراطية كفر والبرلمانات لا تحكم بما أنزل الله وأصبحت التسمية التي تطلق على الإنتخابات هي غزوة الصناديق. كرسي الحكم ليس كرسي حلاق(مصفف الشعر) وتولي المسؤولية السياسية ليست أمرا من السهولة التي يتخيلها الثوريون المتظاهرون. والحقيقة أن الفشل الأخلاقي العربي ليس مسؤولية الأنظمة الحاكمة بل هو عبارة عن تراكمات منذ مئات السنين فتلك طبيعة النفس البشرية وليست مقصورة على الوطن العربي. 
مع تمنياتي للجميع بدوام الصحة والعافية

النهاية

No comments:

Post a Comment