خلال أزمة فيروس كورونا وما أعقبه من إجراءات حظر التجول والتي كانت شاملة ومشددة في كثير من البلدان خصوصا في الوطن العربي, تصرفات الحكومات بطرق مختلفة: الحكومة الكندية قررت صرف ألفين دولار كندي شهريا لمدة أربعة أشهر لكل شخص خسر عمله بسبب أزمة فيروس كورونا, الحكومة الأمريكية قررت صرف 1200 دولار مرة واحدة للأسر التي تنطبق عليها شروط معينة, الحكومة البريطانية أصدرت قرارا في الإستمرار بدفع 80% من الرواتب وذلك يشمل موظفي القطاع الخاص ممن تقرر شركاتهم الإحتفاظ بهم في هذه الظروف العصيبة وحكومة الدنمارك قررت صرف 75% من الرواتب لكل شخص خسر عمله بسبب أزمة فيروس كورونا. هناك بالطبع إجرائات أخرى تختلف من بلد الى آخر منها تأجيل القروض ودفع إيجارات المنازل وتسهيل عمليات الإقراض للمؤسسات المتضررة وتخفيض معدل الفائدة. في الوطن العربي, اختلفت الإجرائات من بلد الى آخر حيث استمرت بعض الحكومات في دفع رواتب موظفي القطاع العام ومنعت شركات القطاع الخاص من تسريح موظفيها وصدرت قرارات بتأجيل دفع القروض وإيجارات العقارات السكنية وتأجيل جميع قضايا المطالبات المالية في المحاكم وغيرها من الإجرائات. بينما قامت حكومات أخرى بفرض حظر تجول مشدد وفي بعض الأحيان حظر تجول شامل وأوقعت عقوبة السجن والغرامة المالية للمخالفين, ولكنها لم تتخذ أي إجرائات أخرى تتعلق بالرواتب أو تعويض المتضررين من عمال اليومية والباعة الجائلين ممن يقتاتون من عملهم يوما بيوم.
نيوزيلندا دولة منعزلة من مجموعة دول الكومنولث تقع في المحيط الهادئ وتحكمها رئيسة الوزراء جاسيندا أرديرن. وخلال أزمة فيروس كورونا, حققت نيوزلندا نجاحا باهرا في التخفيف من أثاره خلال 5 أسابيع وهي مدة قياسية حيث بلغ عدد الإصابات 1474, وفيات 19, تعافي 1299 وتحت العلاج 226 حالة. الحكومة النيوزلندية قامت وعلى الفور بإتخاذ إجرائات إغلاق مشددة وشاملة مع إجرائات أخرى موازية من أجل تعويض القطاعات والمواطنين الأكثر تضررا. حتى أن الحكومة النيوزلندية إتخذت قرارا بتخفيض أجور رئيسة الوزراء والوزراء 20% تمتد الى فترة ستة أشهر. وقد وصل التشدد في إجرائات الحظر الشامل الى أن رئيس الوزراء جاسيندا أرديرن قررت معاقبة وزير الصحة ديفيد كلارك بسبب خرقه حظر التجول الشامل اصطحاب أسرته الى نزهة على شاطئ يبعد عن منزله 20كم. والآن نيوزلندا تتخذ إجرائات للإنتقال الى الحظر من المستوى الثالث حيث سوف يسمح بعودة 400 ألف مواطن الى أعمالهم وبفتح متاجر التجزئة مع قيام الزبائن الشراء عبر الإنترنت وعدم دخول تلك المتاجر والحفاظ على إجرائات التباعد الاجتماعي وتعميم عمليات الفحص الطبي. بينما دول أخرى ماتزال تدور يمينا وشمالا وتجد نفسها مضطرة الى إعادة الإقتصاد الى العمل رغم تفشي فيروس كورونا وتنشر وسائل إعلامها أخبارا كاذبة حول إنخفاض مستوى الإصابات.
نيوزلندا دولة فقيرة في الموارد حيث يشغل النفط والغاز المرتبة الرابعة في مصادر دخل الموازنة السنوية. ولكن الإقتصاد في تلك الدولة يعتمد على الزراعة خصوصا منتجات الألبان, الصوف, الفواكه والصيد البحري. كما أن شركة فونتيرا في نيوزيلندا تسيطر على ثلث تجارة الألبان عالميا. وتعتبر نيوزيلندا رائدة في مجال الطاقة البديلة خصوصا الرياح والأمواج. كما تشغل نيوزلندا مركزا متقدما في مكافحة الفساد والشفافية والتسامح الديني. وعلى الرغم من أنها كانت مسرح مجزرة مروعة ضد مسجد ومركز إسلامي بتاريخ 15/مارس/2019, إلا أن ردة فعل الحكومة والسكان كانت الإدانة الكاملة والتعاطف. فقد زارت رئيس الوزراء جاسيندا أرديرن مسجدا في العاصمة ويلينغتون والتقت لاحقا أسر ضحايا المجزرة وعبرت عن تضامنها وتعاطفها الكامل على الرغم من أن مرتكب المجزرة مواطن أسترالي من العرقية البيضاء. نيوزلندا لم تتحول الى دولة بوليسية لأن معتوها أحمقا يؤمن بتفوق العرق الأبيض ارتكب مجزرة ولم تصدر قوانين تنتهك حقوق وحريات المواطنين والمقيمين خصوصا المسلمين ولم تتجسس على هواتف وإيميلات مواطنيها بدون أذون قضائية. رئيس وزراء نيوزيلندا خسرت التحدي أن تذكر إنجازات الحكومة خلال سنتين في السلطة وذلك خلال دقيقتين وإستغرقت أكثر من ثلاثة دقائق مع اعترافها بأن لم تذكر إلا الإنجازات الرئيسية وليس جميع ما تم إنجازه في سبيل رفاهية وسعادة المواطنين والمقيمين.
ملاحظة: عنوان الموضوع ليس حديثا للرسول عليه الصلاة والسلام بل يقال أنه منسوب الى أول الخلفاء الراشدين أبو بكر رضي الله عنه وقد شكَّكَ البعض في أنه موضوع.
مع تمنياتي للجميع بدوام الصحة والعافية
النهاية
No comments:
Post a Comment