Flag Counter

Flag Counter

Thursday, February 4, 2021

باراك أوباما في كتاب "الأرض الموعودة," الإخوان المسلمين أو الفوضى

خاطب يسوع المسيح الجموع من أتباعه كما ذُكِرَ في إنجيل القديس متى(11: 18-19) قائلا: "(18)لأَنَّهُ جَاءَ يُوحَنَّا لاَ يَأْكُلُ وَلاَ يَشْرَبُ، فَيَقُولُونَ: فِيهِ شَيْطَانٌ. (19) جَاءَ ابْنُ الإِنْسَانِ يَأْكُلُ وَيَشْرَبُ، فَيَقُولُونَ: هُوَذَا إِنْسَانٌ أَكُولٌ وَشِرِّيبُ خَمْرٍ، مُحِبٌّ لِلْعَشَّارِينَ وَالْخُطَاةِ. وَالْحِكْمَةُ تَبَرَّرَتْ مِنْ بَنِيهَا."

وخاطبهم في إنجيل القديس يوحنا(8:7): "مَنْ كَانَ مِنْكُمْ بِلاَ خَطِيَّةٍ فَلْيَرْمِهَا أَوَّلًا بِحَجَرٍ!"

ونستفيد من ذلك في اسقاطه على واقعنا السياسي المعاصر خصوصا الأحداث التي عصفت في الوطن العربي بداية من شهر ديسمبر/2010 تحت مسمى الربيع العربي بلدان حيث مازالت بلدان عربية تعاني من تداعياتها الاقتصادية, السياسية والإجتماعية رغم مرور عشرة سنين. 

لم أقرأ كتاب باراك أوباما "الأرض الموعودة" ولكن التحليلات والاقتباسات التي تم نشرها تؤكد أن هدد الرئيس المصري السابق بطريقة مبَطَّنة, إمام الإخوان الملسمبن أو الفوضى. وقياسا على ذلك, من المؤكد أن ذلك التهديد تم نقله الى الدول الأخرى المستهدفة, تونس والتي بدأت أحداثها قبل بدئها في 25 يناير في مصر, ليبيا, المغرب وسوريا. شهر العسل بين الإسلاميين والقوى الإستعمارية الغربية والذي بدأ منذ تأسيس تنظيم الإخوان المسلمين سنة 1928 لم ينتهي حيث مازال التعاون قائما في إسقاط الأنظمة العربية التي تعارض الإرادة الأمريكية وحتى تلك التي تتفق معها. وكما قال الرئيس المصري السابق حسني مبارك خلال حديث له مع وزير خارجيته أحمد أبو الغيط:"المتغطي بالأمريكان عريان." 

إن التوجه الأمريكي في التعامل مع الدول العربية في السابق كان يرتكز على منع الإسلاميين من الوصول الى الحكم ولكن ذلك تغيَّر خلال الفترة التي أعقبت غزو الإتحاد السوفياتي لأفغانستان وهجمات سيبتمبر الإرهابية في الولايات المتحدة. صناعة الإسلاميين الموالين للولايات المتحدة أو على الأقل لديهم أهداف مشتركة معها أصبح أولوية في سبيل صناعة إسلام يناسب ويخدم الأهداف الأمريكية في الولايات المتحدة والعالم. الإنتخابات الفلسطينية كانت خير مثال حيث فازت حركة حماس والتي تعتبر الفرع الفلسطيني للإخوان المسلمين في انتخابات وصفتها شخصيات وجهات غربية أشرفت عليها خصوصا الرئيس الأمريكي السابق جيمي كارتر  بأنها نزيهة وشفافة. سلوك الدول الغربية كان غير مفهوم وعلينا أن نقرأ مابين السطور حيث تم رفض تولي حماس السلطة ووصفها بأنها حركة إرهابية وحصار الشعب الفلسطيني من أجل الضغط على حركة حماس حتى تقدم تنازلات سياسية سوف يصدر لها من الفتاوى الدينية ما يناسبها. ردة الفعل التي أبداها حركة حماس أنها انقلبت على ديمقراطية الإنتخابات وقامت بتثبيت أقدامها في الحكم بإستخدام القوة العسكرية, على الأقل في قطاع غزة, وأزاحت حركة فتح من الحكم وجردت أعضائها من أسلحتهم. وقد كان ينتظر مصر والمصريين مصيرا مماثلا حيث سوف يتم التضييق على مصر من أجل تقديم تنازلات سياسية تخدم الأهداف والأغراض الغربية والأمريكية في المنطقة ولكن العاقبة سوف تكون أكبر وأكثر تأثيرا بسبب مكانة مصر ومركزها المهم في المنطقة. الجيش المصري تعامل مع الموقف وتمكن من تحقيق إنتصارات أمنية وعسكرية ضد تنظيم الإخوان المسلمين وملحقاته مثل أنصار بيت المقدس وداعش.

الولايات المتحدة لها تاريخ في إسقاط الأنظمة الموالية لها أو تركها تسقط بدون تقديم أي دعم لها مثل نظام الشاه في إيران. بينما هناك أنظمة عربية مثل المغرب الذي تميز بالمرونة في التعامل مع الموقف حيث تم إجراء انتخابات فاز فيها الإخوان المسلمون تحت مسمى حزب العدالة والتنمية بينما بقيت السلطات الحقيقة على أرض الواقع للملك محمد الخامس. ولكن هناك دول لم تكن قادرة على تحمُّل عواقب المرونة في مواقفها مثل سوريا التي لديها نظام حكم علماني ولايمكن أن يتولي فيها الحكم إسلاميون حتى لو كانوا معتدلين وفق النموذج المغربي لأن ذلك كان سوف يؤدي الى كارثة جيوسياسية ليس فقط في الوطن العربي, بل في العالم.

ولعل البعض يخطئ الظن بأن الهدف النهائي للتدخلات الأمريكية في المنطقة عبر تنظيم الإخوان المسلمين وتنظيمات يسارية مشبوهة ومنظمات المجتمع المدني هو تغيير أنظمة الحكم. ولكن ذلك ليس دائما هو الهدف النهائي بل نشر الفوضى وتدمير البلد خصوصا بلدان الطوق المحيطة بدولة الكيان الصهيوني والبلدان التي قدَّمت الدعم الى القضية الفلسطينية. الجزائر على سبيل المثال مرت بفترة من اسوأ الفترات في تاريخها وهي مايطلق عليه الجزائريون "العشرية السوداء." إن تاريخ الجزائر في تقديم الدعم الى الفلسطينيين والقضية الفلسطينية وقضايا التحرر العربي بشكل عام لايمكن إنكاره. وفي أعقاب إلغاء نتائج الإنتخابات البرلمانية سنة 1991 والتي فازت فيها الجبهة الإسلامية للإنقاذ, بدأت مرحلة الفوضى حيث قامت فصائل مسلحة موالية للجبهة الإسلامية للإنقاذ بالتمرد وحرب عصابات ضد الجيش الجزائري وخطف وقتل المدنيين. سوريا تمر بمرحلة مماثلة تجاوزت عشرة سنين مع فرق رئيسي بينها وبين الجزائر هو أن الأزمة الجزائرية وصفت بأنها حرب أهليه بينما الأزمة السورية لايمكن وصفها بذلك بسبب تواجد المسلحين الأجانب الذين لعبوا ومازالوا دورا رئيسيا في التمرد المسلح ضد الحكومة السورية. في كتابها "خيارات صعبة," وصفت هيلاري كلينتون المتظاهرين في ميدان التحرير بأنهم بدون قيادة أو هدف أو رؤية حول تشكيل حزب سياسي أو التأثير في الأحداث خلال المرحلة المقبلة. كما ذكرت هيلاري كلينتون أن القوى الوحيدة ذات التنظيم في مصر خلال تلك الفترة هي, الإخوان المسلمون والجيش. وبما أن باراك أوباما لم يذكر الجيش المصري في مرحلة مابعد مبارك, يبدو أن توجه السياسة الأمريكي فيما يتعلق بالحالة المصرية كان بالفعل تسليم الحكم الى تنظيم الإخوان المسلمين.

التدخلات الخارجية لعبت دورا رئيسيا في أحداث الربيع العربي ولست أعلم من ينكر ذلك إلا شخص منافق أو أخرق لديه مصلحة في ترويج المزاعم حول مطالب المتظاهرين المشروعة. المظاهرات رفعت شعارات حول الخبز, الحرية والعدالة الإجتماعية ولكن تلك الشعارات حمالة أوجه. إن أحداث الربيع العربي لم ولن تؤدي الى تحسين الأوضاع حيث حققت بلدان مثل مصر خسائر اقتصادية ضخمة تجاوزت عشرة مليارات دولار. ويقال أن تكلفة إعادة أعمار سوريا تبلغ 60 مليار دولار وفق أكثر التقديرات تفاؤلا ولكن بعض التقديرات تصل الى 200 مليار دولار. ولو نظرنا الى تونس فإنها مازالت تعيش حالة من الفوضى والتجاذبات السياسية وحتى محاولة تسميم الرئيس قيس سعيد. التدخلات الخارجية في أحداث الربيع العربي ليست ثانوية. إن تقديم التمويل والسلاح والدعم الإعلامي لايمكن أن يكون إلا تدخلات لن تنجح أحداث الربيع العربي بدونها. الجيش الليبي كان على أبواب مدينة بنغازي لولا تدخل الطيران الغربي والمظاهرات المفبركة في سوريا لم تنجح في إسقاط النظام فتم استخدام الخيار العسكري واستقدام المرتزقة من أكثر من 100 دولة بما فيها الولايات المتحدة ودول أوروبية.

مع تمنياتي للجميع بدوام الصحة والعافية

النهاية


No comments:

Post a Comment