إن أهم حدث إعلامي سنة 1996 والذي أدى الى تغيير جذري في خريطة العمل الإعلامي والسياسي في الوطن العربي وهو تأسيس قناة الجزيرة الإعلامية في قطر. وليس على سبيل الصدفة أن حمد بن خليفة آل ثاني الذي انقلب على والده سنة 1995 قد قام بتأسيس القناة بإمكانيات مالية ضخمة لاتتوفر حتى للتلفزيون القطري الحكومي حتى تقوم بتنفيذ عدد من الأجندات لعل أهمها هو إدخال المحتل الصهيوني الى كل منزل عربي بذريعة الرأي والرأي الأخر. كما أن قناة الجزيرة قامت بتنفيذ عدد من البرامج التلفزيونية التي استهدفت بث الفتنة والتفرقة في الوطن العربي وإشعال الخلافات السياسية بين مختلف البلدان العربية.
ولقد قام أمير قطر السابق المخلوع حمد بن خليفة بشراء الإمتياز من قناة البي بي سي عربي مع طاقمه ومعديه ومذيعية منهم السوري فيصل القاسم المشهور ببرنامج الإتجاه المعاكس. والحقيقة أن الأمير المخلوع قد أحسن في إختياره لأن البريطانيين هم ملوك في الكذب والتزوير والأخبار الملفقة. وقد بدت قناة الجزيرة عملها مثل أي قناة إخبارية جديدة تسعى الى أن تكسب المشاهدين الى صفها عبر تبني قضية فلسطين وإبرازها إعلاميا. ولكن بعد مرور بعض الوقت على ظهور القناة, بدأت باستضافة شخصيات صهيونية مثل المتحدث بإسم جيش الإحتلال الإسرائيلي أفيخاي درعي وشخصيات عسكرية وسياسية صهيونية أخرى وذلك حتى يعرضوا وجهة نظرهم كأن المحتل أصبح له وجهة نظر يحق له أن يعرضها. تخيلوا عرض وجهة نظر الرئيس العراقي السابق صدام حسين في غزوه واحتلاله الكويت والتنكيل بأهلها على قناة إعلامية عربية. إن ذلك المنطق المِعوَج هو برائة اختراع مسجلة بإسم قناة الجزيرة.
ولم تكتفي قناة الجزيرة بإدخال الصهيوني ووجهة نظره الى كل منزل عربي بل قام مراسلوها بأعمال تجسس ضد المقاومة الفلسطينية بإسم النقل المباشر للأحداث والمعارك في الأراضي الفلسطينية خصوصا سنة 2000 خلال الاقتحامات الصهيونية للمدن والقرى الفلسطينية إثر أحداث الانتفاضة الثانية. وخلال العدوان الصهيوني على مدينة رام الله سنة 2000, قامت كاميرا قناة الجزيرة من خلال بث مباشر الاشتباكات المسلحة بإظهار مواقع القناصة الفلسطينيين الذين كانوا يعيقون تقدُّم قوات الإحتلال الصهيوني الى داخل المدينة حيث لم يجد قادة جيش الإحتلال أفضل من تلك القناة حتى يتابعوها ويصدروا أوامرهم الى قواتهم على الأرض. ولم تكتفي دولة قطر بقناة الجزيرة ومتاجرتها بقضية فلسطين حتى تحول ذلك الى سياسة رسمية في دورة الألعاب العربية التي أقيمت في قطر سنة 2011 حيث عرضت خريطة دخيلة لفلسطين تمثل 22% من مساحة فلسطين المتعارف عليها وسط صمت عربي وحتى فلسطيني على تلك المهزلة.
ومن ضمن الأعمال التي قامت بها قناة الجزيرة هي أنها تحولت الى منبر إعلامي لتنظيم القاعدة وزعيمه أسامة بن لادن الى درجة وصلت أن الرئيس الأمريكي السابق جورج دبليو بوش كان يفكِّرُ بقصف مقر الجزيرة في أفغانستان. وقد قام حمد آل ثاني بتسليم إدارة قناة الجزيرة الى أشخاص معروفين بولائهم لتنظيم الإخوان المسلمين الذين كانت تتم استضافتهم على شاشة الجزيرة بوصفهم معارضين سياسيين. وقد إستمرت قناة الجزيرة في تنفيذ مخطط إعلامي لصالح الإخوان المسلمين والأجندات الأمريكية في المنطقة العربية حيث تم إنشاء مئات من قنوات اليوتيوب وحسابات على مواقع التواصل الإجتماعي ومواقع على الشبكة العنكبوتية حيث تقوم قناة الجزيرة بالإشراف على لجان إلكترونية قطرية مهمتها إنتقاد الدول التي تعارض المخططات القطرية والأمريكية في المنطقة ومحاولة التشويش على أي وجهة نظر تعارض الحكومة القطرية.
الرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما قد سخر في حديث سابق مع شخصيات سياسية أمريكية من قطر ومن أميرها حمد آل ثاني الذي يمتلك ثروات هائلة ويروِّجُ عبر قناة الجزيرة للديمقراطية والحريات بينما تفتقد قطر الى ذلك. وقد أضافت قناة الجزيرة الى قائمة عملائها الذين تدافع عنهم الرئيس التركي رجب طيب أردوغان الذي قام بتوقيع معاهدة دفاعية مع قطر وأرسل قوات تركية اليها من أجل مواجهة تهديد سعودي محتمل على الرغم من أن نظام تميم آل ثاني يعلم علم اليقين أنه لايمكن غزو قطر عسكريا بوجود أكبر قاعدة عسكرية أمريكية وهي قاعدة العيديد وقاعدة أخرى السيلية.
المثير للاستغراب أن قطر تدافع عن فلسطين وفي الوقت نفسه تعرض خارطة تمثل 22% من مساحتها المتعارف عليها, بينما يستضيف كبار القادة العسكريين والسياسيين الإسرائيليين. قناة الجزيرة القطرية تهاجم التطبيع والمطبعين بينما تستضيف شخصيات إسرائيلية بارزة لعل أهمها رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق وجزار قانا شمعون بيريز الذي زار قناة الجزيرة وتم استقباله بحفاوة وتستضيف قادة حماس خصوصا خالد مشعل وفيها فرع المكتب السياسي للحركة جنبا الى جنب مع السفارة الإسرائيلية التي تعمل تحت مسمى ممثلية تجارية.
وقد هاجمت قناة الجزيرة وعبر حسابات على وسائل التواصل الإجتماعي ومواقع وصفحات وحسابات يوتيوب الفلسطيني نصير ياسين وهو من مما يعرف (عرب-48) أو فلسطينيين الداخل ويعتبر مؤسس قناة ناس وناس دايلي التي تبث على اليوتيوب وعلى وسائل التواصل الاجتماعي خصوصا فيسبوك. وقد تابعت بعض مقاطع نصير ياسين التي ليس لها علاقة بالسياسة وهي مقاطع تحقق نجاحا منقطع النظير لو إستمر فيها وإبتعد عن السياسة ولكن نصير ياسين وبلا شك يروِّجُ وبذكاء شديد للتطبيع وما يدعى التعايش السلمي خصوصا أنه متزوج من يهودية مما يعني أن أولاده في المستقبل سوف يكونون على الديانة اليهودية. ولكن في الوقت نفسه فإن قناة الجزيرة هي أخر من يتحدث عن التطبيع والمطبعين لأن فاقد الشيئ لا يعطيه.
مع تمنياتي للجميع بدوام الصحة والعافية
النهاية
No comments:
Post a Comment