إن بعض الأرقام التي تصف حالة الإقتصاد العالمي قد تعتبر صادمة للغاية وتؤكد على حقيقة واحدة, أن مافيات اقتصادية تسيطر على العالم وتحكمه. الإقتصاد الفرنسي توماس بيكيتي ذكر أن حجم رؤوس الأموال المودعة في الملاذات الضريبية تبلغ عشرة تريليونات دولار. هناك تقرير نشرته فوكس نيوز أن حجم التجارة في البشر يبلغ 150 مليار دولار سنويا وأن ضحايا تلك التجارة قد لا تزيد أعمارهم عن 11 عاما. إن الأرقام التي تحدث عنها بيكيتي وفوكس نيوز هي تقديرات متفائلة بينما على أرض الواقع, الصورة قاتمة أكثر مما نتصور. خلال ذروة مجده في تجارة المخدرات, عرض بابلو إسكوبار دفع جميع ديون كولومبيا الخارجية. وقد وجه إبنه إتهامات الى الحكومة الأمريكية بإغتيال والده حتى لا يفضح معلومات عن تعاونه معها. مئات المزارعين في دول مثل الهند انتحروا بسبب عجزهم عن تسديد أثمان بذور معدلة جينيا تم بيعها لهم مع وعود كاذبة بوفرة في المحاصيل وزيادة في الدخل.
خلال الأزمة الإقتصادية العالمية(2007-2009), قدمت الحكومة الأمريكية تسهيلات ائتمانية وقروض الى كبريات بنوك وول ستريت والمؤسسات الإستثمارية وشركات التأمين وذلك بقيمة تزيد عن 700 مليار دولار بينما ترك المواطن الأمريكي العادي في العراء بكل ماتحمله الكلمة من معنى حيث خسر 8 ملايين شخص وظائفهم و6 ملايين شخص منازلهم. لو افترضنا أن متوسط معدل القرض السكني 200 الف دولار أمريكي وأن الحكومة الأمريكية سوف تقوم بشراء تلك القروض من البنوك وتقسيطها بفائدة مخفضة للعاجزين عن السداد بدلا من قيام إدارة أوباما بإعطاء تلك الأموال الى مدراء بنوك وول ستريت النفيذيين حتى يدفعوا لأنفسهم مكافآت ضخمة على فشلهم. الديمقراطيون يرفعون باراك أوباما الى مرتبة القداسة وأنه كان بمثابة الأمل(Hope) ولكن ذلك صحيح بالنسبة الى بنوك وول ستريت وليس المواطن الأمريكي العادي.
إن الإقتصاد العالمي حاليا عبارة عن بونزي(وهمي) عبارة عن عملية إحتيال كبرى حيث أسواق البورصة هي المكان الذي يمثِّلُ جنة للمحتالين, أشبه بجزيرة القراصنة. المتورطون كثيرون وهم بنوك وول ستريت ومؤسسات إستثمارية وصناديق تحوط ومن يعرفون بأسرار المشتقات المالية وعقود المستقبليات التي يمكن بواسطتها تدمير الاقتصاد العالمي. الإقتصادي الأمريكي جيمس ريكاردز مؤلف كتاب "حرب العملات" حذَّرَ من أن دولا مثل الصين قد تستغل المشتقات المالية من أجل تدمير الإقتصاد الأمريكي. ولكنه في الوقت نفسه تناسى أن تلك برائة إختراع تلك الأدوات المالية هي أمريكية وأن مصدرها ليست الصين وأن عمليات التلاعب المالي والإحتيال التي أدت الى أزمة الرهون العقارية(2007-2009) هي مصدرها بنوك وشركات وول ستريت.
إن الإقتصاد العالمي تحول الى إقتصاد طفيلي بسبب مفهوم العولمة حيث يرتكز على مجموعة أنشطة إقتصادية طفيلية مثل مضاربات البورصة, تجارة البشر, المخدرات والسلاح, 60% من مجموع الضرائب التي يدفعها المواطن الأمريكي يتم إنفاقها في المجال العسكري والأمني. هناك 14 تريليون دولار من ديون الولايات المتحدة سببها إنفاق المال في الحروب وغزو الدول الأخرى. كبريات البنوك في نيويورك, لندن, بروكسل وسويسرا تعتمد على غسيل الأموال نتيجة نشاطات تجارية مشبوهة مثل الدعارة وتجارة المخدرات وتجارة الماس الغير شرعي والتهريب ولولا تلك الأنشطة لكان مصير تلك البنوك الإفلاس. الحركة الاستعمارية هي أكبر وصمة عار في تاريخ البشرية ولم يتم تعويض الدول المستعمرة حتى الآن. بل يتم يستمر الإستغلال تحت مسميات براقة مختلفة.
مع تمنياتي للجميع دوام الصحة والعافية
النهاية
No comments:
Post a Comment