أسباب ونتائج عملية إغتيال زعيم حزب الله حسن نصر الله رحمه الله

{وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ} - آل عمران ١٦٩

رحم الله سيد شهداء المقاومة الإسلامية في لبنان السيد حسن نصر الله الذي استشهد رفقة عدد من قادة المقاومة في غارة إسرائيلية على منطقة الضاحية الجنوبية في العاصمة اللبنانية بيروت. الشهادة في سبيل الله شرف لا يحظى به إلا من يختارهم الله الى جواره وفضل الشهيد وكراماته أكثر من تعد أو تحصى.

هناك من يعتقدون أن قرار إغتيال السيد حسن نصر الله قد تمَّ إتخاذه في دولة الكيان الصهيوني ولكنهم في الحقيقة مخطئون لأن ذلك الكيان أصغر من أن يكون مسؤولا عن ذلك. القرار كان جماعيا شارك فيه مجموعة من الشخصيات من الولايات المتحدة, بريطانيا, فرنسا, دولة الكيان الصهيوني وبالتأكيد دول أخرى. القرار ربما تمت الموافقة عليه في أحد إجتماعات مجموعة بيلدربيرغ التي تجتمع سنويا وتضم أرفع الشخصيات التي تمتلك السلطة السياسية والنفوذ والثروة أو اجتماع مماثل يمثل شخصيات صناعة القرار على مستوى العالم. مستشار الأمن القومي الأمريكي السابق هنري كيسنجر كان عضوا مهما في مجموعة بيلدربيرغ التي ناقشت في أحد اجتماعاتها خلال الفترة التي سبقت حرب أكتوبر ١٩٧٣ إرتفاع أسعار النفط ٤٠٠% وذلك ماحصل.

هناك في عالم السياسة شخصيات تحفظ توازنه الجيوسياسي وغياب أي شخصية منها سوف يؤدي الى أحداث تتفاوت في حدتها من محلية, إقليمية وربما عالمية. رؤساء الدول الخمسة الدائمة العضوية في مجلس الأمن على رأس تلك الشخصيات وغياب أي رئيس منهم سوف يؤدي الى حرب عالمية ثالثة. كما أنه هناك شخصيات أخرى مهمة مثل رئيس الوزراء السابق رفيق الحريري, زعيم حركة أمل في لبنان الياس الهراوي, رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع وزعيم حزب الله السيد حسن نصر الله. والحقيقة أن لبنان يحتوي على عدد كبير من الشخصيات المهمة التي سوف يؤدي غياب أي منها الى تطور أحداث إقليمية وذلك هو مصير لبنان لأنه في جذوره كيان مصطنع تم اقتطاع أراضية من سوريا تدريجيا منذ سنة ١٨٦٠. 

الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات كان من تلك الشخصيات المهمة وعندما استشهد مسموما رحمه الله فقد كان لا بد من غياب شخصية مقابلة حتى لا يختل توازن عالم السياسة والجيوبوليتيك وكان القرار بالتضحية برئيس الوزراء الإسرائيلي وجزار صبرا وشاتيلا آرييل شارون الذي كانت أعراض مرضه مشابهة لأعراض مرض الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات ومن قبله وديع حداد. الأعراض المرضية كانت تستمر فترة زمنية قد تطول أو تقصر لكنها في البداية تشبه نوبه الرشح(الإنفلونزا) ثم تتطور الى تكسر صفائح الدم الحمراء والذي لا يجد له الأطباء تفسيرا والسم المستخدم في الغالب هو الثاليوم. والسؤال هو من هي الشخصية المهمة في الجهة المقابلة التي سوف يتم التضحية بها حتى لا يختل التوازن في عالم السياسة وتتطور المسألة الى حرب إقليمية أو عالمية لأن جميع أطراف الصراع لا ترغب في ذلك حاليا وتحاول إعادة ترتيب أوراقها المبعثرة وهناك أزمة اقتصادية عالمية ومدمرة قادمة على الأبواب.

الولايات المتحدة و دولة الكيان الصهيوني اللقيط يجمعون معلومات منذ عشرات السنين عن الجميع ويعرفون عن الجميع أكثر مما يعرفون هم عن أنفسهم والمعنى بالجميع هم الأشخاص المؤثرين أو أولئك الذين من المتوقع أن يكون مؤثرين أو يصبحوا من الشخصيات المهمة في عالم السياسية والجيوبوليتيك. إن قرار اغتيال أي من تلك الشخصيات المؤثرة لا يتم اتخاذه بين يوم وليلة بل نتيجة مشاورات قد تستغرق أسابيع إن لم يكن شهوراً. دوائر صنع القرار في دول الغرب والكيان الصهيوني اللقيط تشعر بالقلق البالغ من الشيعة عموما ومن حزب الله في لبنان على وجه الخصوص. 

التنظيمات الإسلامية التي تزعم أو تصف نفسها بأنها (أهل السنة والجماعة - السنة) هي صناعة غربية بامتياز و متصالحة مع ذلك وتخدم أهداف الغرب ومصالحه في الأعمال التي تقوم بها بداية من حسن البنا والإخوان المسلمين في مصر وليس إنتهاء لتنظيم القاعدة وأسامة بن لادن أو قاعدة الجهاد في بلاد الرافدين وأبو مصعب الزرقاوي أو أبو بكر البغدادي وتنظيم داعش. الأجهزة الأمنية الأمريكية والإسرائيلية أو البريطانية لا تقوم بعمليات إغتيال أعضاء التنظيمات الإسلامية السنية التي توصف بأنها جهادية أو تكفيرية إلا في بعض المناسبات التي تفرض نفسها ولكنها لا تلاحقهم بالشراسة التي كانت تلاحق قادة المقاومة الشيعية في العراق أو لبنان خصوصا حزب الله.

إن جميع أعمال التدخل الأمريكية في منطقة الشرق الأوسط, إثارة الاضطرابات والانقلابات خصوصا الربيع العربي قد كانت نتيجتها ظهور تلك تنظيمات الإخوان المسلمين والسلفيين و أذرعهم وفروعهم الى السطح و تصدرهم المشهد ودوائر صنع القرار الأمريكية تعلم ذلك جيدا. الحرب السوفيتية-الأفغانية كانت نتيجتها ظهور تنظيم القاعدة وأسامة بن لادن, حرب الخليج الثانية وإسقاط نظام الرئيس العراقي صدام حسين كانت نتيجته ظهور تنظيم قاعدة الجهاد في بلاد الرافدين و أبو مصعب الزرقاوي, الربيع العربي في سوريا كانت النتيجة ظهور تنظيم داعش وأبو بكر البغدادي وتنظيم جبهة النصرة و أبو محمد الجولاني. وزيرة الخارجية الأمريكية هيلاري كلينتون اعترفت في أحد اجتماعات الكونغرس الأمريكي بمساهمة الولايات المتحدة في ظهور تنظيم داعش والرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب تحدث عن الموضوع ذاته في عدة مناسبات.

مع تمنياتي للجميع دوام الصحة والعافية

رابط الموضوع على مدونة علوم وثقافة ومعرفة

الرجاء التكرم الضغط على رابط الموضوع بعد الإنتهاء من قرائته لتسجيل زيارة للمدونة

النهاية