هناك صراع نخب تمثل قمة الهرم السياسي, الاقتصادي والإعلامي العالمي وهناك الكثير من حديث نظرية المؤامرة البعيد عن الحقائق التاريخية عن ذلك الصراع. ولعل أحد الأمثلة على صراع النخب الحملة الإعلامية ضد مدير ومؤسس موقع فيسبوك مارك زوكربيرغ بسبب الإعلان عن عمله فيسبوك الإفتراضية (ليبرا). موقع فيسبوك بدأ في التحول الى عملاق إعلامي وشبه دولة افتراضية يثير ضد مؤسسه الخصومة والعداوة. السبب هو صراع مصالح مالية واقتصادية. إنَّ تأثير موقع فيسبوك أصبح واضحا في كافة المجالات خصوصا الحملات الإنتخابية بالإضافة الى حصة من عائدات الإعلانات مما أدى الى تراجع الصحافة التقليدية أمام مواقع التواصل الإجتماعي. مارك زوكربيرغ أعلن عن تأسيس شركة ميتا التي أصبحت تضم موقع فيسبوك, إنستغرام, واتساب ومواقع أخرى.
مارك زوكربيرغ بدأ في التحول الى عملاق مالي واقتصادي أقرب الى إمبراطورية مما وضعه في مواجهة مع عمالقة آخرين لا يرغبون في دخول منافسين الى مجال عملهم و الاستئثار بحصة من الكعكة. إن من يقود الحملة ضد مارك زوكربيرغ هم شخصيات مؤثرة ورجال أعمال جورج سوروس وعمالقة إعلام مثل روبرت مردوخ . ولكن ربما هي صدفة, مارك زوكربيرغ يهودي والشخصيات الأخرى مثل سوروس و مردوخ أيضا يهود.
صراع النخب العالمية في غالبيته صراع بين شخصيات أو نخب يهودية مما يؤدي الى سؤال عن الهوية الحقيقة لمن يتحكم في خيوط اللعبة ويدير المشهد على الحقيقة. صراع النخب أسرة روتشيلد و روكفلر, صراع ملوك الذهب و ملوك العملات الورقية والنفط. هناك الكثير من حديث نظريات المؤامرة البعيد كل البعد عن الحقائق التاريخية حول أصول أسرة روكفلر بينما يتفق الجميع أن أسرة روتشيلد جذورها تعود الى يهود ألمانيا بينما هناك إختلاف حول أسرة روكفلر في أنها أسرة مسيحية معمدانية تعود أصولها الى ألمانيا وهاجرت الى الولايات المتحدة في القرن السادس عشر أو أنها أسرة تعود جذورها الى يهود الولايات المتحدة.
ولكن المتفق عليه هو أن هناك صراعاً صامتاً بين الأسرتين, صراع نفوذ ومصالح اقتصادية. مجلة فوربس الأمريكية قدرت ثروة آل روتشيلد بما تقدر قيمته من الذهب بمبلغ ٥٠٠ تريليون دولار بينما ليس هناك إحصائيات واضحة عن ثروة أسرة روكفلر ولكنهم يسيطرون على صناعة النفط العالمية حيث يعتبر جون.د.روكفلر(١٨٣٩-١٩٣٧) ملك النفط و أول ملياردير في تاريخ الولايات المتحدة وربما تقترب تقديرات ثروته بأسعار ٢٠٢٤ من حاجز تريليون دولار. ديفيد روكفلر الحفيد رئيس مجلس إدارة بنك تشيس مانهاتن التي تحول لاحقا الى بنك جي بي مورغان تشايس كانت لديه ثروة بلغت ٣.٤ مليار دولار.
الصراع بين أسرة روتشيلد و روكفلر في الولايات المتحدة مازال مستمرا حيث أن إرتفاع أسعار الذهب ومطالبات وسائل إعلام مختلفة وخبراء اقتصاديين بالعودة الى معيار الذهب تخدم مصالح أسرة روتشيلد. عملية الإندماج بين بنك جي بي مورغان تشيس مانهاتن كانت أحد جولات الصراع والتي كانت نهايتها في صالح آل روتشيلد حيث أن بنك جي بي مورغان تشيس يعتبر أكبر بنك أمريكي من ناحية الأصول التي يمتلكها والتي تبلغ ٣ تريليون دولار تقريبا. جون بيربونت مورغان(١٨٣٧-١٩١٣) تعود أصوله الى أسرة إنجليزية هاجرت الى الولايات المتحدة وأصبح جون مورغان لاحقا وكيل مصالح آل روتشيلد في الولايات المتحدة من خلال امتلاك حصص اسهم في بنك الاحتياط الفيدرالي الأمريكي وبنك التسويات الدولي في مدينة بازل السويسرية.
أسرة روكفلر صنعوا ثرواتهم من خلال احتكار صناعة النفط في الولايات المتحدة والعالم. جون دافيسون روكفلر(١٨٣٩-١٩٣٧) نجح في تأسيس شركة النفط القياسية(ستاندرد أويل) في أوهايو-كليفلاند سنة ١٨٧٠ وأصبح في نهاية القرن التاسع عشر أول ملياردير في تاريخ الولايات المتحدة. بنك تشيس مانهاتن كان بنك شركة ستاندرد أويل القياسية ولعبت أسرة روكفلر من خلال جون روكفلر(الإبن) دورا رئيسيا في الإنقلاب سنة ١٩٥٣م على رئيس وزراء إيران محمد مصدق في العملية آجاكس المشتركة بين وكالة المخابرات المركزية الأمريكية وجهاز المخابرات الخارجية البريطاني(إم أي ٦) وذلك بسبب قيام مصدق بتأميم صناعة النفط سنة ١٩٥١م.
ولكن بنك تشيس مانهاتن كانوا أيضا المستفيد الرئيسي من أحداث الانقلاب على الشاه محمد رضا بهلوي سنة ١٩٧٩م حيث أن استقبال الشاه في الولايات المتحدة بتوصية شخصية من مستشار الأمن القومي هنري كيسنجر بهدف العلاج الطبي قد أدى الى أزمة رهائن السفارة الأمريكية في طهران(١٩٧٩-١٩٨١). إن تلك الأزمة قد أدت بدورها الى إعلان الجمهورية الإسلامية الإيرانية عدواً للولايات المتحدة وفرض عقوبات عليها ومنها مصادرة أرصدتها في البنوك الأمريكية تحت ذريعة وفاء ديون والتزامات النظام الإيراني السابق وبنك تشيس مانهاتن كان البنك الذي كان نظام الشاه يجري من خلاله معاملاته الدولية ويحتفظ فيه بأرصدة الشاه الشخصية وأموال الحكومة والموازنة الإيرانية.
جون روكفلر(الأب) نجح في تأسيس وتمويل عدة مؤسسات أبحاث, جامعات و لوبيات ضغط ناجحة منها مؤسسة روكفلر الخيرية, جامعة روكفلر في نيويورك التي عمل بها ٢٣ من الحائزين على جائزة نوبل غالبيتهم من اليهود وجامعة شيكاغو. كما أن مبنى الأمم المتحدة أقيم بنائه على قطعة أرض في مدينة نيويورك تبرع بها جون روكفلر(الأب). معهد روكفلر للحوكمة (Rockefeller Institute of Government) ومجلس العلاقات الخارجية الذي كان مستشار الأمن القومي الأمريكي هنري كيسنجر أحد أعضائه. شركات النفط التابعة لآل روكفلر, الأخوات السبعة, ساهمت من خلال شركة نفط نيوجيرسي القياسية في دعم هتلر من خلال تصدير النفط وبراءات الاختراع خصوصا استخراج الوقود السائل من الفحم. شركة النفط الأمريكية (Vacuum Oil) التي اندمجت سنة ١٩٣١ مع شركة نفط نيويورك القياسية (أحد شركات الأخوات السبعة) وتحولت الى شركة (Socony-Vacuum) والتي كانت تستخدم سجناء من معسكرات الإعتقال النازية للعمل في منشآتها في ألمانيا.
إن مفهوم الدورات الإقتصادية مثل الركود والإنتعاش أو الكساد والتضخم ليس إلا مفاهيم مضللة تم التلاعب بها في وسائل الإعلام التي تخضع الى سيطرة آل روتشيلد و روكفلر. بينما الحقيقة هي عمليات تلاعب في الإقتصاد العالمي أو منافسة بين النخب, التسميات لا تهم, ولكن المهم أن تلك النخب لا تبحث إلا عن مصالحها وتروج في سبيل ذلك مجموعة من الخرافات والأساطير الدينية عن عودة المسيح والمسيح الدجال وغيرها من مفاهيم ومصطلحات هدفها التلاعب بالعواطف وتحقيق مصالح إقتصادية ومالية وسيطرة على الإقتصاد والسياسة والشعوب بما يخدم مصالح فئة ضيقة لا تزيد عن ١% من البشرية.
مع تمنياتي للجميع دوام الصحة والعافية
النهاية
No comments:
Post a Comment