Flag Counter

Flag Counter

Thursday, April 21, 2022

الأزمة الروسية-الأوكرانية, العرب لا يغسلون الصحون

إنَّ تأثيرات الأزمة الروسية-الأوكرانية والعمليات العسكرية الوقائية التي يقوم بها الجيش الروسي في أوكرانيا سوف تطال العالم بأكمله. العالم قبل الأزمة لن يكون كما هو بعدها. روسيا و أوكرانيا من كبار منتجي الحبوب في العالم وإرتفاع أسعار الحبوب على المستوى العالمي هو أحد التأثيرات المباشرة للأزمة خصوصا أنَّ قرارات صدرت في الدولتين على أعلى المستويات بمنع تصدير الحبوب الى الخارج. ولكن التأثيرات الأهم كانت في القرارات الاقتصادية التي أصدرها الرئيس الروسي فلاديمير بوتين والتغيير في خارطة التحالفات العالمية التي بدأت في الظهور على الساحة السياسية الدولية.

الرئيس الروسي أصدر مؤخرا على هامش الأزمة الروسية-الأوكرانية ثلاثة قرارات هامَّة للغاية. القرار الأول هو بيع الغاز والنفط الروسي الى أوروبا حصريا مقابل الروبل الروسي. وكما نعلم فإن إلغاء اعتماد أوروبا على صادرات الطاقة الروسية خصوصا الغاز أو التخفيف منه ليس بأمر ممكن في المنظور القريب. القرار الثاني هو سداد الديون الروسية بواسطة الروبل الروسي وليس الدولار الأمريكي وذلك يشمل الشركات والمؤسسات الروسية الحكومية والخاصة. القرار الثالث وهو الأهم برأي الشخصي وهو شراء الذهب مقابل سعر يقل عن السعر العالمي بمقدار 15%-17% والدفع بواسطة الروبل الروسي. المثير للإستغراب لدى الكثير من المحللين بخصوص القرار الأخير أنَّ هناك الكثير من البائعين الذي يقبلون الروبل الروسي مقابل ذهبهم وفق ذلك المستوى السعري.

الصين من جهتها تراقب الوضع بحذر شديد وتلتزم بتقديم الدعم الى حليفتها روسيا بدون الاصطدام المباشر مع الغرب على الأقل في المرحلة الحالية. وعلينا أن لا ننسى أن الصين أرسلت منذ شهور قليلة سبقت الأزمة الروسية-الأوكرانية أسطولا جويا من الطائرات المقاتلة إخترق الأجواء التايوانية بدون أي ردة فعل أمريكية سوى إدانة صوتية جوفاء. النفوذ الصيني يزداد على المستوى العالمي على حساب الولايات المتحدة وهناك حادثة بسيطة حصلت مؤخرا تؤكِّد للكثيرين أن مسألة ضم تايوان رسميا الى الصين ليست إلا مسألة وقت. المصارع والممثل المشهور جون سينا قدَّم مؤخرا إعتذارا علنيا وباللغة الصينية الى الحكومة والشعب في الصين عن خطأ إرتكبه بأنه تحدَّث عن تايوان في إحدى المناسبات بوصفها دولة مستقلة.

المملكة العربية السعودية تساندها دول أخرى في منظمة أوبك رفضت زيادة إنتاج النفط وهي لها مصلحة اقتصادية في تحقيق أسعار النفط ارتفاعا بلغ مستوى 130 دولار/للبرميل قبل أن ينخفض إلى 108 دولار/برميل في تعاقدات مستقبلية خلال الستة أشهر القادمة. المملكة العربية السعودية تحقِّقُ فوائض ميزانية إيجابية بعد فترة طويلة من إنخفاض الأسعار والذي أعقب أزمة فيروس كورونا. كما أنّ المملكة العربية السعودية وهي الحليف الرئيسي للولايات المتحدة في المنطقة بعد دولة الكيان الصهيوني قد عبَّرت عن إستيائها من السياسات الأمريكية من خلال التلميح الى بيع النفط السعودي مقابل اليوان الصيني وذلك الى الصين ومن ثم دول أخرى. دوائر صنع القرار الأمريكية مستنفرة وتتحدث عن المسمار الأخير في نعش الدولار الأمريكي. القرار وإن كان تطبيقه عمليا مسألة سوف تستغرق الكثير من الوقت إلا أنه له تبعاته حتى لو كان الهدف منه مجرَّدَ التلميح.

الحقيقة أن الأزمة الروسية-الأوكرانية أشبه بحجر القيَ في بركة مياه راكدة منذ فترة زمنية طويلة حيث نشاهد ظواهر سياسية واقتصادية نتيجة ذلك لم تكن متوقعة في الظروف الاعتيادية. الركود سببه أزمة فيروس كورونا التي إكتشفت القوات الروسية أثناء تقدمها في الأراضي الأوكرانية معامل أبحاث بيولوجية لها علاقة بإنتاج الفيروس بالإضافة الى سلالة قاتلة من الجمرة الخبيثة وفيروسات أخرى. إن معامل الأبحاث البيولوجية يتم تمويلها من الولايات المتحدة حيث أثبتت وثائق نشرت عن فضيحة هنتر بايدن إبن الرئيس الأمريكي تورطه المباشر. العرب خلال الأزمة يلعبون دورا مؤثرا خصوصا المملكة العربية السعودية ودول أخرى في منظمة أوبك ترفض الأوامر الأمريكية وتحاول أن تلعب على وتر التحالفات والخلافات الدولية لتعزيز مركزها ومكانتها على الساحة السياسية الدولية. رحم الله الأديب السوري محمد الماغوط والذي سوف أختلف معه في أنَّ العرب لا يغسلون الصحون.

مع تمنياتي للجميع دوام الصحة والعافية

النهاية


No comments:

Post a Comment