مقتل جورج فلويد حادثة مؤسفة ومؤلمة, أن يقتل شخص ما في وضح النهار وأن يكون القتلة هم أشخاص من المفترض أن يقدموا له الحماية حين يحتاجها. ولكن هناك العشرات كل سنة يقتلون في الولايات المتحدة بسبب عنف الشرطة ولا تثير حوادث مقتلهم كل تلك الضجة, ربما مظاهرة هنا ومظاهرة أخرى هناك ولكن بدون أي أحداث رئيسية. أشخاص ينتمون الى خلفيات عرقية مختلفة قد تكون بيضاء أو سوداء أو تنتمي الى أمريكا اللاتينية أو حتى الشرق الأوسط ورجال الشرطة الذين يقتلون ضحاياهم ينتمون الى عرقيات واثنيات مختلفة وليس فقط من الأمريكيين ذوي البشرة البيضاء. وعلى الرغم من أن مقتل جورج فلويد حادثة بشعة إلا أنه بالنسبة لي ليس رمزا أو أيقونة, وسائل الإعلام المضللة هي التي قامت بصنع ذلك. هناك تقارير تتحدث أن جورج فلويد كان منتشيا من تعاطي المخدرات لحظة إعتقاله وأنه كان بحوزته مخدر الكوكايين. كما أن التقارير تتحدث عن سجل إجرامي يتضمن حيازة المخدرات والسطو المسلح وإقتحام المنازل بغرض السرقة.
والسؤال هو عن عن التوقيت والإجابة عليه تحلُّ العديد من الألغاز. أزمة فيروس كورونا وتطبيق قوانين الحجر المنزلي وتردِّي الوضع الإقتصادي قبل الإنتخابات الرئاسية القادمة 2020. كل ذلك سوف يجعل من مهمة التحريض على المظاهرات وأحداث الشغب مهمة سهل مقارنة مع الوضع الإعتيادي حيث الإقتصاد مزدهر ونسبة البطالة منخفضة. المناكفات السياسية بين الحزبين الجمهوري والديمقراطي لا تنتهي, جورج بوش الإبن رفض أن يغادر بعد قضائه فترتين رئاسيتين بدون إنفجار فقاعة الرهون العقارية والأزمة المالية 2007 التي أورثها الى خلفه الديمقراطي باراك أوباما. دونالد ترامب أفسد على الديمقراطيين فرحتهم بأول إمرأة تشغل منصب رئيس الولايات المتحدة وأقسموا على الإنتقام حيث بدأت مظاهرات في عدد كبير من المدن الأمريكية تخللتها أحداث عنف.
دونالد ترامب وجه الإتهامات الى باراك أوباما والديمقراطيين بأنهم مسؤولين عن تلك المظاهرات ومحاولة تشويه سمعته قبل موعد الإنتخابات الرئاسية. كما أنه هناك تقارير تتحدث عن منظمة غامضة تدعى أنتيفا هدَّدَ الرئيس ترامب بإعلانها منظمة إرهابية. نفس تلك التقارير تتحدث عن أن جورج سوروس هو المسؤول عن تمويل انتيفا. وقد تكون الاتهامات التي يوجهها الرئيس الأمريكي الى خصومه صحيحة نوعا ما. أعمال الشغب التي تحدث في عدد من المدن الأمريكية تبدو منظمة وليست عشوائية حيث يقوم متظاهرون بالانتقال من مدينة الى أخرى وقد شاهدت عدد من الفيديوهات التي يتحدث بعضهم بوضوح عن ذلك. أعمال الشغب وحرق الممتلكات العامة والخاصة يقوم بها أشخاص ينتمون الى عرقيات مختلفة حيث يشارك رجال ونساء في أعمال السلب والسرقة. بل أنه في بعض الشوارع التجارية حيث لا تجري أي أعمال بناء, ظهرت أكوام من طوب البناء بشكل غامض.
ومن يتابع الأحداث في الولايات المتحدة وتسلسلها, يجد تشابه بينها وبين أحداث الربيع العربي. شخص ما يقتل بسبب عنف الشرطة أو مزاعم مضللة عن ممارسة الشرطة العنف معه مثل تعذيبه أو ضربه حتى الموت, وسائل الإعلام تتحدث بطريقة انتقائية عن عنف الشرطة وفشل الحكومة في معالجة الموقف ثم يتحول ذلك الشخص والذي هو في الغالب لديه سجل إجرامي حافل يتحول الى أيقونة ثورية. نسخة طبق الأصل عن أحداث تونس, مصر, ليبيا وسوريا أثناء الربيع العربي. حتى أنه في الولايات المتحدة, ظهر أشخاص مسلحون صرّحوا بأن هدفهم حماية المتظاهرين ضد عنف الشرطة. وفي مدن أمريكية أخرى, ظهر أمريكيون مسلحون قاموا بتحذير مثيري الشغب من القدوم الى مدينتهم ومحاولة سرقة المحلات وتخريب الممتلكات العامة والخاصة, الولايات المتحدة منقسمة حول نفسها أكثر من أي وقت مضى من تاريخها. هناك عشرات الأشخاص في دول عربية حرقوا أنفسهم في أماكن عامة قبل أحداث الربيع العربي وهناك أشخاص قاموا بذلك في دول أخرى لم تتعرض الى تلك الأحداث المؤسفة, لم تحرك تلك الحوادث أجهزة الإعلام التي تجاهلتها إلا ربما خبر صغير من سطر هنا أو سطرين هناك. وسائل الإعلام والأشخاص والمؤسسات الذي يقفون خلف تلك الأحداث يوظفون سيكولوجية الجماهير وأحدث الأساليب في علم النفس بالإضافة الى وسائل التواصل الاجتماعي في التحريض على الفوضى والشغب.
مع تمنياتي للجميع بدوام الصحة والعافية
النهاية
No comments:
Post a Comment