Flag Counter

Flag Counter

Saturday, June 27, 2020

لمحة مختصرة عن سجون الولايات المتحدة والنظام القضائي في بلد الحرية والحريات

شاهدت عددا من الأفلام الوثائقية حول نظام السجون في الولايات المتحدة, حياة المساجين ونظام العقوبات المجحف الذي أدى بهم الى خلف القضبان. كما شاهدت أفلاما وثائقية حول نظام السجون في دول مختلفة منها النرويج. الحقيقة أن السجن مهما بلغ من حسن المعاملة يبقى سجنا وتبقى الحرية فيه مقيدة. إطلاق تسمية نظام العدالة على النظام القضائي في الحقيقة ينافي صفة العدالة نفسها لأنه يتجاوز عن أصحاب النفوذ ويلقي بمن لا بواكي لهم خلف القضبان. وفي الوطن العربي, يتم إنتهاك كرامة السجناء ويتعرضون الى ظروف قاسية ومعاملة خشنة حيث تعتبر الزنازين هي حفر جهنم بسبب الظروف الصحية والمعيشية السيئة. السجون ليست إصلاح وتهذيب حيث يخرج الشخص منها أكثر إنحرافا وإجراما يوم دخلها. وكثير من الإرهابيين المعروفين في الوطن العربي مثل نزار فضيل الخلايلة(أبو مصعب الزرقاوي) تخرجوا من نظام السجون الذي يعتبر حاضنة وبيئة للتطرف والإرهاب.
بعض تلك الأفلام الوثائقية التي شاهدتها تم تصويرها من سجون مشددة الحراسة حيث زنازين السجناء تحتوي على تلفزيونات وسماعات حيث يمكنهم الاستماع الى الموسيقى واستعارة الكتب أو يمكن لأهلهم أن يرسلوا اليهم بالكتب. مقارنة ذلك مع السجون ومراكز التوقيف في الوطن العربي حتى تلك التي لا يتم تخصيصها لسجناء الأحكام المشددة غير ممكنة. حتى كلب مشرد من الشارع لن يقبل أن يدخل تلك السجون أو أن يقضي فيها ليلة واحدة. كما أن سجون الوطن العربي تحكمها قوانين الغاب ويتعرض فيها السجناء الى امتهان كرامتهم بشكل متكرر وتفتقر أغلبها الى الظروف الصحية المناسبة. وحتى في أقسام السجون التي يتم احتجاز السجناء المحكوم عليهم بالإعدام, تتم معاملتهم بغاية الإنسانية ويسمح لهم في بعض السجون الاحتفاظ بحيوانات اليفة مثل القطط في زنازينهم.
ونحتاج الى أن نعود بذاكرتنا الى الماضي تحديدا سنة 1865 حيث تم تبني التعديل رقم 13 في الدستور الأمريكي رسميا حيث كان إبراهام لينكولين مازال رئيسا للولايات المتحدة. والتعديل الثالث عشر سمح بالعمل القسري أو تقييد الحرية في حال إرتكاب جريمة أو جنحة تستحق عقوبة السجن. ولذلك بدأت الولايات الجنوبية في إقرار القوانين التي تفرض إعتقال العبيد المحررين لأتفه الأسباب والزج بهم في السجون وإستخدام في أعمال السخرة خصوصا بناء خطوط السكك الحديدية. إبراهام لينكولين لم يتخذ قرار تحرير العبيد لأسباب إنسانية لأنه كان يشمل العبيد في الولايات الجنوبية ولم يشمل جميع أراضي الولايات المتحدة حتى إنتهاء الحرب الأهلية. لقد كان إتخاذ قرار تحرير العبيد لأسباب عسكرية حتى يؤدي ذلك الى إضطرابات في أراضي الولايات الجنوبية يعيق مجهودها الحربي وكذلك الإضرار بصناعة القطن الحيوية التي كانت تعتمد على عمالة العبيد.
الولايات المتحدة لديها أكبر عدد من السجناء نسبة الى عدد السكان مقارنة مع روسيا والصين مجتمعتين. ولكن أكبر نسبة من السجناء في الولايات المتحدة مقارنة مع غيرهم هم من الأمريكيين السود. المخدرات هي طاعون العصر الحديث حيث نسبة الأمريكيين السود المدانين بجرائم ذات صلة بالمخدرات أكبر من نظرائهم السود المدانين بجرائم مثل السطو المسلح أو العنف المنزلي أو الإعتداء. الحرب على المخدرات تنسب الى الرئيس رونالد ريغان ولكن أول من بدأ تلك الحرب وتأسيس قوات الشرطة الخاصة(SWAT) ووكالة مكافحة المخدرات(DEA) هو الرئيس ريتشارد نيكسون ثم هدأت الأمور قليلا مع تولي جيمي كارتر الرئاسة ومالبثت أن طفت الى السطح من جديد مع تولي رونالد ريغان الرئاسة رسميا سنة 1981. وهناك سبب آخر أدى الى طفرة في أعداد السجناء منها السماح ببناء السجون الخاصة التي لديها عقود مع الحكومات المحلية وشروط لها علاقة بحد أدنى من السجناء حيث تقوم الشرطة بإعتقال أشخاص من أجل زجهم في السجون لغاية استكمال العدد. ومن أجل إستكمال مصلحة الشركات الخاصة, يتم الزج بالأطفال والمراهقين من سن 11 سنة أو 12 سنة في سجون القاصرين التي يطلقون عليها (Youth Detention Center-juveniles centers) والتي يدير كثير منها تلك الشركات. وقد كشفت وسائل الإعلام في الولايات المتحدة عن عدد من الفضائح المتعلقة بقضاة كانوا يقبضون رشاوى من شركات السجون الخاصة من أجل إرسال سجناء وقاصرين الى مراكز الاعتقال مقابل مبلغ عن كل شخص, المهم أن لا تيقى أسرَّة فارغة.
التمييز العنصري في النظام القضائي الأمريكي ليس له علاقة بأمور مثل لون البشرة بل له علاقة بمقدار ما تمتلكه من المال. هناك الكثير من المشاهير الأمريكيين من السود أو البيض أفلتوا من نظام السجون بعقوبات مخففة أو عقوبات مع وقف التنفيذ  بسبب قدرتهم على دفع الكفالة ودفع تكلفة أفضل مكاتب المحاماة للدفاع عنهم. أما لو كنت لا تمتلك المال وسوف تنتظر تكليف محامي مجاني للدفاع عنك, قد تنتظر فترة تصل الى 3 سنوات وقد تحكم المحكمة ببرائتك وتضيع تلك السنين خلف القضبان ولا يهم في تلك الحالة لون بشرتك أو الإنتماء العرقي.
وقد كنت أتمنى التوسع في الكتابة عن نظام العدالة القضائي في الولايات المتحدة ولكنني فضلت الإختصار قدر الإمكان. وقد أعود في موضوع أخر عن جذور وأسباب الأحداث التي تمر بها الولايات المتحدة حاليا ومسألة عسكرة الشرطة في الولايات المتحدة(Police Militarization) وقوات الشرطة الخاصة(SWAT) والتوسع في مجال الكتابة عن الحرب على المخدرات التي تحولت الى حرب على الحريات وعلى الشعب الأمريكي.
مع تمنياتي للجميع بدوام الصحة والعافية

النهاية

No comments:

Post a Comment