Flag Counter

Flag Counter

Thursday, June 4, 2020

أسرار الربيع العربي

الرئيس المصري السابق محمد حسني مبارك كان يمتلك حكمة قلما تجد نظيرها بين السياسيين حيث أخبر وزير خارجيته أحمد أبو الغيط خلال حديث بينهما أن:"المتغطي بالأمريكان عريان." والسبب هو تقارير أمنية رفعت الى الرئيس المصري عن نوايا أمريكية من أجل تغيرات رئيسية في منطقة الشرق الأوسط خصوصا إسقاط أنظمة الحكم في كل من مصر وسوريا. الرئيس الأمريكي القى خطابا في جامعة القاهرة تاريخ 4/يونيو/2009 وأبلغ الرئيس المصري بعدم حضور الخطاب مما أدى الى تزايد شكوك الرئيس المصري حول النوايا الأمريكية تجاه مصر. خطاب أوباما لم يكن مريحا للقيادة السياسية المصرية التي نظرت للخطاب بعين الريبة. الولايات المتحدة كانت تضغط على الرئيس المصري من أجل السماح بقواعد عسكرية أمريكية في الأراضي المصرية بالإضافة الى إرسال جنود مصريين للمشاركة في العمليات العسكرية الأمريكية في العراق وأفغانستان. الرئيس المصري رفض رفضا قاطعا الطلبات الأمريكية.
سوريا التي كانت تتعرض الى ضغوطات أمريكية حتى خلال الفترة التي سبقت عملية إغتيال رئيس وزراء لبنان رفيق الحريري. الولايات المتحدة كان لها مطالب على القيادة السياسية السورية منها فك الإرتباط مع حزب الله في لبنان والتخلي عن دعم القضية الفلسطينية حيث كان عدد من قادة الفصائل الفلسطينية ومنهم حماس والجهاد الإسلامي يقيمون في سوريا ولهم مكاتب في دمشق. كما طالبت الولايات المتحدة من سوريا سحب قواتها من لبنان والتي كانت متواجدة وفق شروط إتفاق الطائف الذي تم توقيعه سنة 1989. عملية إغتيال رفيق الحريري لم تكن إلا غطاء من أجل إعادة ترتيب أوضاع المنطقة العربية بشكل دائم التي بدأت بغزو العراق سنة 2003 حيث أن إغتيال شخصية دولية وازنة مثل رفيق الحريري هو قرار يتم اتخاذه على مستوى دولي ولايمكن أن تتخذه أو تنفذه أي دولة بمفردها حتى لو كانت تلك الدولة هي الولايات المتحدة.
خلال أحداث الربيع العربي في سوريا والمواجهات العسكرية بين الجيش العربي السوري ومرتزقة أجانب, قتل عدد من الفلسطينيين من سكان مايعرف (عرب 48) وهم الذين رفضوا التخلي عن أراضيهم خلال سنة 1948 وبقيوا فيها. وقد تم تأسيس تنسيقيات في دولة الكيان الصهيوني من أجل تقديم الدعم الى المقاتلين المرتزقة في سوريا. حتى أن جرحى عصابات المرتزقة الأجانب التي كانت تقاتل في سوريا خصوصا جبهة النصرة تلقت العلاج في مستشفيات الكيان الصهيوني وقصفت مواقع عسكرية سورية خصوصا على الحدود مع الجولان المحتل وذلك بالتنسيق مع مقاتلي جبهة النصرة الذين كانوا يهاجمون تلك المواقع عند إنتهاء القصف. أفراد المعارضة المسلحة والتي يهيمن عليها تنظيم الإخوان المسلمين وإن إختلفت الأسماء صرحوا علانية بأنهم ليسوا في حالة عداء مع دولة الكيان الصهيوني وأنهم لايهددون أمنها. بل لا يمانعون في قتال الجيش العربي السوري بالإشتراك مع قوات العدو الصهيوني. 
ولكن الأهم هو الدور الذي لعبته وسائل الإعلام خصوصا العربية في تقديم الدعم الى مظاهرات الربيع العربي رغم وضوح النوايا الحقيقة لتلك المظاهرات منذ اللحظة الأولى. وفي فترة لاحقة عندما تحول المتظاهرون الى العمل المسلح, تحولت قنوات مثل الجزيرة القطرية والعربية السعودية الى ناطق بإسم الجماعات المسلحة بهدف تلميع صورتها. التنظيمات المسلحة التي قاتلت في قوات الإحتلال الأمريكي في العراق انتقلت الى سوريا وفق تسلسل بدأ ببقايا تنظيم قاعدة الجهاد في بلاد الرافدين الذي غيَّر إسمه الى تنظيم القاعدة ثم جبهة النصرة وثم إنشق أبو بكر البغدادي عن أبو محمد الجولاني وأيمن الظواهري وظهر تنظيم داعش الى الوجود. والحقيقة من يتابع تنظيم داعش وأسماء كبار قادته والأمراء, يجد أن نسبة مؤثرة منهم هم من قادة حزب البعث العراقي ومن كبار عناصر النظام العراقي الذي كان على عداء مع سوريا وقيادتها.
ولكن هل كان إختيار تونس من أجل بداية أحداث الربيع العربي مصادفة أو أنه كان مخططا مدروسا بعناية؟
تونس كانت الحلقة الأضعف حيث لم يكن يكن نظام بن علي يتمتع بالحصانة الشعبية لأنه ارتكب خطأ قاتلا حيث كان نظاما مفرطا في العلمانية. فقد حارب الإسلام وليس التشدُّد والتعصب وكان هناك تمييز ضد الرجال الملتحين او النساء الذين يرتدين الحجاب أو النقاب مما أدى الى صعود شعبية أحزاب الإسلام السياسي على رأسها حزب النهضة التونسي ورئيسه الهارب الى الخارج راشد الغنوشي. ولو لم يكن قد تم إتخاذ القرار على مستوى دولي حول بداية الربيع العربي في تونس, لما أرعدت وازبدت وسائل إعلام دولية وعربية اهتماما حتى لو أحرق الف بوعزيز أنفسهم. ولكان تم إتخاذ أي حادثة في بلد آخر وقع الإختيار عليه ذريعة بداية الربيع العربي في ذلك البلد.
الربيع العربي مازال مستمرا خصوصا في ليبيا وفي سوريا التي تعرضت لأكبر عملية غزو خارجي من مرتزقة أجانب جندتهم ودفعت لهم وسلحتهم بشكل رئيسي قطر والسعودية والكويت حيث كانت الدعوة ضد الرئيس السوري على المنابر وتفاخر رجال دين كويتيون بذبح وقتل الشيعة في سوريا. كما أن رجال دين سعوديين كانوا يدعون علنا على المنابر الى الجهاد في سوريا خصوصا عدنان العرعور الذي دعا الى ذبح الأقليات وارتكاب مجازر طائفية. وفي قطر, إستغل مفتي الإمارة الصغيرة المصري الأصل يوسف القرضاوي المنبر حتى يحرض على قتل السوريين وطمئنة الولايات المتحدة على أمن الكيان الصهيوني من مقاتلي مرتزقة الإخوان المسلمين. يوسف القرضاوي وعدنان العرعور ومحمد العريفي أشخاص كان لديهم مناصب رسمية ومن الصعب التصديق أن تلك المواقف الدموية التي عبروا عنها لم تلقى موافقة حكومية. وزير الخارجية السعودي السابق عدنان الجبير هدد الرئيس السوري إما التنحي أو العمل العسكري. حتى حكومات دول أوروبية قدمت إقامة آمنة للإرهابيين مثل السويد حيث كان يقيم الإرهابي فداء السيد الذي كان يهدد أهالي دمشق خلال فترة زمنية بسيطة تسبق وقوع أحداث إرهابية مثل تفجير سيارة مفخخة او هجوم إرهابي دموي.
مع تمنياتي للجميع بدوام الصحة والعافية

النهاية

No comments:

Post a Comment