Flag Counter

Flag Counter

Wednesday, June 24, 2020

الربيع العربي وأحداث الولايات المتحدة

أكثر من مائة حادثة إطلاق نار في مدينة شيكاغو خلال عطلة نهاية الأسبوع التي صادفت عيد الأب(Father's Day) نتج عنها مقتل 14 شخص منهم 5 أطفال. إن نسبة 60% من حوادث إطلاق النار هي تمت من مواطنين أمريكيين من السود ضد نظرائهم السود وليس للشرطة أو للمواطنين الأمريكيين من البيض أي علاقة بها. حركة حياة السود مهمة(BlackLivesMatter) لم تعلق على ذلك ولم تدعو مواطني شيكاغو السود الى التوقف عن قتل بعضهم البعض. ولاحتى في أي مدينة أمريكية أخرى, تتناول وسائل الإعلام المؤيدة للحزب الديمقراطي أي خبر عن حوادث قتل السود بعضهم البعض أو حوادث عنف ارتكبها شرطي أسود ضد مواطن أمريكي أسود. وقد شاهدت أحدها قبل حادث مقتل جورج فلويد ببضعة أيام في مدينة جاكسون-ميسيسيبي حيث قام شرطي أسود بخنق مواطن أمريكي أسود حتى الموت وأمام الكاميرا وبدون سبب واضح. ولكن حياة ذلك المراهق الأسود ليست محل اهتمام بالنسبة الى حركة حياة السود مهمة لأن الشرطي ليس أبيض وذلك لن يحقق الهدف السياسي من إثارة القضية.
هناك أمر مهم علينا أن نأخذه في الحسبان عند الحديث عن الإنتخابات الأمريكية, مرشح الحزب الديمقراطي لايمكن أن يفوز في الإنتخابات الرئاسية بدون تصويت كثيف من الأمريكيين السود. ولذلك يكون تلك التحركات التي تقوم بها تنظيمات إرهابية تتلقى تمويلا من أشخاص مثل جورج سوروس. تلك التنظيمات مثل انتيفا(Antifa) وحياة السود مهمة(BlackLivesMatter) ليست إلا واجهات للحزب الديمقراطي من أجل جمع التبرعات وحشد التأييد السياسي ضد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب. والحقيقة لست مؤيدا للرئيس ترامب ولا سياساته الخرقاء وتصريحاته ولكن الديمقراطيون يعلمون يقينا أن مرشحهم نائب الرئيس السابق جون بايدن ضعيف جدا ولديه حالة من الهذيان أصبحت واضحة في المناسبات القليلة التي ظهر فيها.
ولأن تلك الحركات ليس لديها أجندة أو سياسات واضحة تخاطب من خلالها المواطن الأمريكي, يحاولون إثارة قضايا تافهة مثل تماثيل أبطال الحرب الأهلية أو رفع علم الجنوب(الكونفدرالية) أثناء الحرب الأهلية. المشكلة أن كثير من أبطال الحرب الأهلية مثل الجنرال روبرت لي الذي كان قائد قوات الكونفدرالية(الانفصاليين) لم يكن مؤيدا للعبودية أو لإنفصال ولايات الجنوب ولكنه شارك مدفوعا بالولاء لولايته فيرجينيا. إن تاريخ الحرب الأهلية الأمريكية هو جزء هام من تاريخ الولايات المتحدة. حتى أن الحزب الديمقراطي كان مهيمنا في ولايات الجنوب الإنفصالية على عكس الولايات الشمالية حيث هيمن الحزب الجمهوري المعارض تقليديا للعبودية. علم الانفصاليين هو مرتبط بالحزب الديمقراطي وليس الجمهوري. ولكن قضية تحرير العبيد لم تأخذ بالحسبان أن إبراهام لينكولن الذي يعتبر الأمركيون بطلا أصدر قرارا بتحرير العبيد في الولايات الجنوبية بدافع تشجيع الفوضى وتسهيل هزيمتهم في الحرب. ولم يشمل قراره العبيد في الولايات الشمالية. حتى أن قرار تحرير العبيد جاء خلال مرحلة لاحقة من الحرب باعتباره قرارا له أسباب وتبعات عسكرية وليس إنسانية.
ولأن الغباء لدى أنصار حركة حياة السود مهمة ليس له حدود, فقد قاموا على سبيل المثال بعملية تخريب نصب تذكاري يمثل الفوج-54 في ماساتشوستس الذي قاتل خلال الحرب الأهلية الى جانب القوات الإتحادية(الجيش الأمريكي). ولكن التناقض هو سيد الموقف حيث قام أشخاص من البيض على تخريب وتشويه تماثيل تمثل رموزا تاريخية للأمريكيين السود الذي احتجوا على ذلك واعتبروه عملا من أعمال العنصرية. حتى أن المزاعم أن علم الكونفدرالية قتل تحت رايته وبسببه مئات الآلاف من الأشخاص وأن ذلك سببٌ كافٍ من أجل تمزيقه ومحوه من الذاكرة الأمريكية, يمكن الرد على ذلك بسهولة. علم الولايات المتحدة الحالي تم إرتكاب جرائم أشد وأفظع وقتل تحت رايته وبسببه الملايين في الحرب العالمية الأولى والثانية, حرب فيتنام, حرب الخليج وعمليات تدخل عسكرية أمريكية في أغلب دول العالم لا تعد ولا تحصى نتج عنها مقتل مئات الآلاف من المدنيين الأبرياء.
انتيفا ليس عبارة عن حركة مضادة للفاشية والنازيين الجدد. إنهم حركة تمارس الإرهاب الفكري والنفسي ضد الشعب الأمريكي. كل شخص لديه الحق في أن يقول رأيه بصراحة وبدون خوف ولكن إنتقاد حركة انتيفا سوف يجعلك آليا من أنصار الفاشية. كما أن حركة انتيفا تمارس أعمال التخريب ونهب المحلات والمتاجر والتخريب وينتقل أفرادها من مدينة الى أخرى حيث يتم تأمين وسائل مواصلات ودفع أموال نقدية وتنشر إعلانات عن طريق مواقع مثل غريغ ليست تطلب متظاهرين تحت مسمى ممثلي كومبارس. حركة حياة السود مهمة تهتم فقط لحوادث وتترك حوادث أخرى, عملية انتقائية وازدواجية مقرفة تمارس التمييز ضد حياة البشر أنفسهم.
في الوطن العربي, تمارس الشرطة كافة أنواع الممارسات العنيفة والسادية ضد المواطن. وأغلب أفراد الشرطة لن يجتازوا فحص السلامة النفسية لو أجري لهم. والداخل الى زنازين المخافر عند خروجه, يقيمون له إحتفالا ويذبحون له النذور لو خرج سليما معافى. وأنا هنا أتحدث عن المخافر وليس عن السجون أو الأجهزة الأمنية التي هناك إحتمال بأن لا تخرج منها. ربما يحتاج الوطن العربي الى أحداث مماثلة لأحداث أمريكا ولكن المشكلة أن تلك الأحداث لايمكن أن تمر بدون عنف وكمية الكبت والقهر في الوطن العربي سوف تجعل من أحداث الولايات المتحدة تبدو كأنها نزهة في حديقة عامة. إن اي تحركات جماهيرية دون الحد الأدنى من الوعي الاجتماعي والسياسي, سوف تكون أداة خطيرة في أيدي الغوغاء والفوضويين وهناك فائض منهم في جميع الدول العربية. ولعل أحداث الربيع العربي خير مثال. فقد شهدت هيلاري كلينتون في كتابها "خيارات صعبة" أن متظاهري ميدان التحرير ليس لديهم أي وعي سياسي مثل تشكيل حزب يخوض لديه مرشحين للإنتخابات الرئاسية أو البرلمانية.
مع تمنياتي للجميع بدوام الصحة والعافية

النهاية

No comments:

Post a Comment