Flag Counter

Flag Counter

Saturday, May 8, 2021

كيف ولماذا يتم افتعال الأزمات؟

إن افتعال الأزمات هو صناعة قائمة بحد ذاتها من أجل خدمة أهداف إقتصادية أو جيوسياسية وربما عسكرية قد تتنوع ولكنها في المجمل تدور حول الثروات الطبيعية والتي يعتبر النفط أهمها. إن أغلب الصراعات التي تدور في العالم إن لم أرغب في المبالغة وأقول جميعها تدور حول النفط والغاز ولكن هناك اليورانيوم, الذهب وثروات وسلع أخرى تدخل في إطار الأزمات والصراعات وتعتبر عاملا رئيسيا فيها. إن سياسة فرق تسد هي الغاية من افتعال أي أزمة حيث تتمكن دول أجنبية من استغلال الخلافات الداخلية في التدخل في شؤون بلد ما ونهب ثرواته عن طريق شركاته التي تفرض شروطها وتستغل الموارد الطبيعية والبشرية. وقد أصبح من السهولة افتعال الأزمات التي تنتشر انتشار النار في الهشيم بفضل وسائل التواصل الاجتماعي خصوصا فيسبوك وتويتر حيث يمكن نشر الإشاعات والأخبار الكاذبة.

ولعل أكثر الأزمات وضوحا التي تم افتعالها هي أزمة الربيع العربي والتي اعتمدت تقنيات حروب الجيل الرابع خصوصا القوات الغير نظامية ووسائل التواصل الإجتماعي. وهناك نقطة مهمة هي أن حروب الجيل الرابع والوسائل المستخدمة فيها تهدف الى استنزاف الشعوب بشكل رئيسي حيث يتم التركيز على وسائل السيطرة الإجتماعية وأحدث أساليب علم النفس والإجتماع ووسائل ضغط إقتصادية مثل العقوبات. إن إحداث عملية تغيير إجتماعي في سلوكيات الجماهير على نطاق واسع حتى تخدم أهدافا محددة وواضحة تتطلب عملية هندسة اجتماعية معقدة تتم عبر قنوات وآليات تتلقى تمويلا ضخما. الهدف من افتعال أزمة الربيع العربي هو إدخال المنطقة العربية في دوامة الفوضى الخلاقة مما يؤدي الى تسليم الحكم الى تنظيمات الإسلام السياسي وعلى رأسها الإخوان المسلمين والتنظيمات السلفية واذرعها الإرهابية وذلك ماحذَّرَ منه باراك أوباما الحكَّامَ العرب كما جاء في كتابه "الأرض الموعودة: إما الإخوان المسلمين أو الفوضى."

هناك دولة أوروبية ذات ماضٍ استعماري دموي ولكنها لا تثير الكثير من الإنتباه وهي بلجيكا التي استعمرت الكونغو سابقا وقتلت 10 ملايين شخص. السلعة الأهم التي تشتهر بها بلجيكا هي تجارة الألماس والذي تعتبر دول إفريقية مصدره الرئيسي حيث تشتعل حروب أهلية وعرقية يتم تمويلها من مبيعات الماس والذي يعتبر أغلبه غير شرعي حيث تخضع مناطق الى سيطرة لوردات الحرب ويتم إستخدام عمالة السخرة والأطفال في المناجم. كما أن شركات التنقيب عن الألماس البلجيكية تتلاعب بالأسعار وترَوِّجُ لمفهوم الندرة من أجل إبقاء أسعار الألماس مرتفعة وإقناع المشترين بأن إمتلاكه أمر مميز ونادر. في دول إفريقية عدَّة تمزقها الصراعات والحروب مثل جمهورية إفريقيا الوسطى والنيجر حيث تتواجد قوات فرنسية وتلعب دورا منحازا في السياسة المحلية. أحد أهم السلع التي تتواجد بكثرة في الدولتان هي اليورانيوم حيث تعتمد فرنسا على نسبة كبيرة من توليد الطاقة الكهربائية على المفاعلات النووية. حتى أنني قرأت معلومة غير مؤكدة أن مينمار(بورما) تحتوي على احتياطيات هائلة من اليورانيوم وأنها تتواجد في أراضي ذات غالبية سكانية مسلمة وأن الصين مهتمة بدولة مينمار وتقدم لها الدعم بسبب ذلك.

الإمبراطورية البريطانية كانت مشهورة بأنها لا تغيب عنها الشمس حيث كانت تحكم على ربع سكان الكرة الأرضية وأراضي تمتد من الشرق الأوسط الى الهند وحتى أوروبا. حروب البوير(الأولى والثانية) خاضتها الإمبراطورية البريطانية في دولة جنوب إفريقيا والمناطق المحيطة بها ضد مستوطنين أوروبيين من أصول مختلفة خصوصا هولندا. إن سبب تلك الحروب هو اكتشاف مكامن ضخمة من الذهب والألماس حيث كان الذهب عنصرا أساسيا في السيادة الإقتصادية على العالم خصوصا خلال مرحلة ما قبل الحرب العالمية الأولى حيث كانت لندن المركز الاقتصادي العالمي. وفي إيران, قامت بريطانيا بالتعاون مع الولايات المتحدة بتدبير انقلاب ضد رئيس الوزراء محمد مصدق لأنه سعى الى تأميم الصناعة النفطية الإيرانية وذاك من خلال عملية مشتركة عرف بإسم (أجاكس) سنة 1953 حيث تم اتهامه بأنه شيوعي وتم تأليب عصابات الغوغاء ضده وإتهامه بالكفر والإلحاد. 

أمريكا اللاتينية كانت تعتبر الحديقة الخلفية للولايات المتحدة حيث تم تدبير عدد من الأزمات على هامش الحرب الباردة حيث كان توجيه الاتهامات بالإنتماء الى الماركسية والشيوعية أمرا مفضلا. أحد أشهر أزمات أمريكا اللاتينية هي الإنقلاب الذي تم تدبيره في غواتيمالا سنة 1954 ضد الرئيس جاكوبو أربينز لأنه قام باستصدار قانون إصلاح زراعي قام من خلاله بتأميم أراضي غير مستغلة مملوكة الى شركة الفواكه المتحدة والتي كانت بدورها كانت مملوكة من الأخوين دالاس, جون وألن, حيث كان الأول يشغل منصب رئيس وكالة المخابرات المركزية الأمريكية بينما الثاني منصب وزير الخارجية. كما حاولت الولايات المتحدة تدبير عملية عسكرية (خليج الخنازير) ضد الرئيس الكوبي فيديل كاسترو ولكنها فشلت. وفي وقت لاحق, دعمت انقلاب أوغستو بينوشيه الدموي في دولة تشيلي وانقلاب مجلس الحكم العسكري في الأرجنتين وتفاصيل كأس العالم 1978 التي استضافتها الأرجنتين وفازت بها معروفة للقاصي والداني. ولكن ربما أشهر أزمة تورطت فيها الولايات المتحدة في أمريكا اللاتينية هي فضيحة الكونترا حيث موَّلت الولايات المتحدة وسلَّحت ودرَّبت عصابات الكونترا في نيكاراغوا ضد الجبهة الساندينيستية الحاكمة. وقد كانت تلك الفضيحة محور عدد من الكتب والأفلام الوثائقية حيث أن تكاليف التدخل في نيكاراغوا تم تمويلها من عمليات تصدير المخدرات الى الولايات المتحدة وأوروبا.

مع تمنياتي للجميع بدوام الصحة والعافية

النهاية



No comments:

Post a Comment