الحريات على مستوى العالم في تراجع مستمر. إن قمع الحريات خصوصا حرية التعبير لا يقتصر على دول عربية بل حتى دول أوروبية لديها قوانين دراكونية ضد الحريات. ولأنني تحدثت كثيرا عن السعودية والحريات وأن تغريدة في تويتر قد ترسل مواطنا سعوديا الى السجن أو موضوع في صحيفة قد يحكم بسبب عشر سنوات سجن وحتى أكون منصفا, سوف أتحدث في هذا الموضوع عن بعض الدول الغربية والأوروبية وحتى الآسيوية لأقوم بملئ فجوة فشل صحفيون سعوديون في ملئها لأسباب أتحفظ على ذكرها.
سنة 2011, بدأت أحداث شغب في مدينة نوتنغهام البريطانية بعد إطلاق الشرطة البريطانية النار على شخص يدعى مارك دوغان الذي قتل فورا. وعلى الرغم من أن مارك دوغان تاجر مخدرات, إلا أن كونه من ذوي البشرة السوداء صبَّ الزيت على النار في العلاقة المتوترة بين الشرطة البريطانية ومواطنيها من أصول إفريقية. رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون رفض الحديث عن حقوق الإنسان أو إستخدام الشرطة للعنف مع المتظاهرين لأن الأمن القومي لبريطانيا معرض للخطر خصوصا بعد إمتداد الإضطرابات الى العاصمة لندن ومدن بريطانية أخرى. المملكة المتحدة دولة ديمقراطية في الظاهر وقمعية في الباطن تراقب شعبها عبر عشرات الآلاف من الكاميرات التي تستخدم تقنية التعرف على الوجه بينما تنتقد الصحف البريطانية الصين لقيامها بالأمر نفسه. الشرطة البريطانية استخدمت العنف المفرط وقوات الشرطة الخاصة واعتقلت المئات من الناشطين السلميين.
ولايتفوق على بريطانيا في إطلاق النار على المواطنين من أصول إفريقية إلا الولايات المتحدة وتنتهي تلك الحوادث بتبرئة رجال الشرطة. أشهر تلك الحوادث كانت سنة 1992 في مدينة لوس أنجيلوس إثر تعرض عامل بناء يدعى رودني كينغ للضرب المبرح من أربعة من رجال الشرطة تمت تبرئتهم على الرغم من قيام أحد الهواة بتصوير الواقعة بواسطة كاميرا فيديو. وبتاريخ كتابة هذا الموضوع 29/مايو/2020, قام حاكم ولاية مينيسوتا باستدعاء الحرس الوطني إثر أعمال شغب بسبب مقتل مواطن أمريكي أسود يدعى جورج فلويد ويعمل حارسا في أحد المطاعم إثر اعتقاله تعسفيا من أفراد شرطة في مدينة مينيابوليس خلال بحثهم عن مشتبه به في عملية تزوير. في السابق خلال حقبة النضال المدني ضد التمييز العنصري في خمسينيات وستينيات القرن العشرين, كان يتم استدعاء الحرس الوطني من أجل أهداف نبيلة مثل حماية الطلاب السود وتنفيذ القرارات بإلغاء عملية الفصل العنصري في المدارس والجامعات. الرئيس الأمريكي دونالد ترامب وقع منذ أيام قليلة أمرا تنفيذيا يلغي صفة الحماية الممنوحة الى وسائل التواصل الإجتماعي مثل فيسبوك وتويتر وحتى مواقع مثل يوتيوب وغوغل لأن موقع تويتر جرح كبريائه المريض لأنه أرفق ملاحظة مع تغريد للرئيس الأمريكي يدعو الى التحقق من المعلومات الواردة فيها.
ولكن الولايات المتحدة على الرغم من كل ذلك, تتمتع بمستوى حريات أكثر من بعض الدول الأوروبية مثل إسبانيا. في ذلك البلد الأوروبي الذي يشتهر بزراعة الزيتون والعنب وإنتاج أفخر أنواع النبيذ, قد تعرِّضُ نفسك بموجب المادة 578من القانون الإسباني الى السجن مدة تصل الى 3 سنوات بتهمة الإرهاب في حال نشرت أغنية راب تنتقد فيها الحكومة أو الشرطة أو الأسرة الملكية. المحاكم الإسبانية سنة 2016 أدانت 17 شخصا بموجب المادة 578 وتم إعتقال 12 مغني راب إسباني سنة 2017 بسبب كلمات أغانيهم. مغني الراب الإسباني جوزيف ميغيل آريناس(فالتونيك) فرَّ الى بلجيكا بسبب حكم بسجنه ثلاثة سنين ونصف بسبب إنتقاده للأسرة الملكية الحاكمة. الحكومة الإسبانية مشهورة بملاحقة السياسيين المعارضين خصوصا في إقليم الباسك وكاتالونيا الذين يطالبون بالإنفصال عن إسبانيا حيث طالبت باسترداد بعضهم عن طريق الشرطة الدولية(الإنتربول).
في الولايات المتحدة, هناك مغني الراب إم إن أم يتمنى في أحد أغانيه موت الرئيس, سنوب دوغ في أحد أغانيه يطلق النار على الرئيس الأمريكي ومغني الراب أيس-تي لديه أغنية بعنوان قاتل الشرطة. وفي النهاية, هي ديكتاتوريات غربية تتميز شعوبها بالجهل لأنها تستمر في إنتخاب سياسيين فاسدين يخدعونهم ويكذبون عليهم. الولايات المتحدة قامت بتجديد قانون باتريوت سيئ الصيت حتى بعد إنقضاء كل تلك السنين على السبب الذي تم بموجبه إقرار القانون. المواطن الأمريكي يتمتع ببعض الحريات, لا أنكر ذلك. كما أنني لا أنكر أن وضعه بشكل عام أفضل من أي مواطن عربي. في الولايات المتحدة, أنت حر في انتقاد السياسيين وشتمهم وتصوير أغاني تطلق النار فيها على الرئيس وتتمنى الموت لرجال الشرطة ولكنهم في النهاية سوف يفعلون مايريدونه حيث تكتب القوانين من أجل مصلحة الشركات الاحتكارية التي تقوم برشوة السياسيين وأعضاء الكونجرس ومجلس الشيوخ في العلن وليس في الخفاء.
مع تمنياتي للجميع بدوام الصحة والعافية
النهاية
No comments:
Post a Comment