Flag Counter

Flag Counter

Sunday, October 20, 2019

شركات ولوبيات المصالح النفطية تنتقد النظرية اللاأحيائية حول النفط

إن شركات التنقيب عن النفط والمصالح المرتبطة بها لم تتأخر في الرد على علماء أوكرانيا والاتحاد السوفياتي الذي قدموا الأدلة والقرائن خلال مؤتمر علمي عقد مدينة سانتا-في في ولاية نيومكسيكو في الولايات المتحدة سنة 1994 على أن النفط مادة تتشكل باستمرار في باطن الأرض وتتسرب الى طبقات الأرض العليا مما ينفي عنها صفة الندرة وبالتالي ارتفاع سعرها بسبب ذلك. إن تلك النظرية تتعرض مع نظرية الأصل العضوي للنفط التي تتبناها الدوائر العلمية الغربية وتسمح لها بأن تتلاعب بمصادر الطاقة العالمية تحت مسمى النُّدرَة. عالم جيولوجيا النفط الأيرلندي كولين كامبيل (Colin Campbell) والعالم الجيولوجي الفرنسي جين لوهيير (Jean Laherrere)، الأول كان يعمل لصالح شركة نفط تكساكو(Texaco) والثاني لصالح عملاق النفط الفرنسي توتال(Total)، نشرا مقالة في أحد أكثر المجلات العلمية شعبية في الولايات المتحدة (Scientific America) في مارس 1998 بعنوان "The End of Cheap Oil."
إن ذلك المقال لم يكن سوى البداية في تلك الحملة التي مولتها شركات النفط دفاعا عن مصالحها. المقال يمكن تلخيصه بأن الأزمة النفطية القادمة لن تكون قابلة للحل لأنه خلال العقد القادم، معدل الاكتشافات النفطية الجديدة لن تكون قادرة على تلبية الطلب العالمي المتزايد. إن البيانات التي استخدمها العالمان مصدرها شركة استشارات نفطية خاصة مقرها الرئيسي في جنيف-سويسرا تدعى (Petroconsultant). إن تلك البيانات تضمنها تقرير تم شرائه من شركات التنقيب عن النفط مقابل 32 ألف دولار للنسخة الواحدة وليس متاحة للعامة وليست خاضعة الى تقييم علمي مستقل ومحايد. العالمان، كولن كامبيل وجين لوهيير لم يقدما برهانا على ما تضمنه مقالهما بأن كمية النفط الموجودة في باطن الأرض محدودة وأنه تم اكتشاف 90% منها.
وفي سبيل إضفاء مصداقية علمية على وجهة نظرهما، قام كولن كامبيل وجين لوهيير بالترويج لنسخة معدلة من نظرية "الذروة النفطية" التي كانت أقرب للخيال العلمي منها للعلم والتي أعترف مؤسسها ماريون هوبرت بأنه لم يعتمد على أي دليل علمي في نظريته أو بيانات علمية في رسمه منحنى الجرس الذي اعتمد عليه في إثبات مصداقية نظريته. حقول النفط في بحر الشمال، ألاسكا، نيومكسيكو وغيرها من المناطق التي تشتهر بحقولها النفطية سوف تعاني من تناقص في كميات الإنتاج بحلول عام 2002 وأن تعويض الفاقد سوف يعتمد على مجموعة دول في منطقة الشرق الأوسط خصوصا المملكة العربية السعودية، الكويت والعراق. إنتاج النفط العالمي سوف يصل الى ذروته ويبدأ بالتناقص بحلول سنة 2010. كما أن الطلب على النفط سوف يزداد ليصل الى 60% بحلول عام 2020 مما سوف يؤدي الى ارتفاع في الأسعار واضطرابات سياسية.
إن كل ما ذكره العالمان لا يستند الى أي أساس علمي ولا يمكن المصادقة عليه من جهة علمية مستقلة. كولن كامبيل توقع عدة مرات إن إنتاج النفط العالمي سوف يبدأ بالتناقص سنة 1989, 1990, 1998,2005 و2010. وخلال محاضرة القاها في إحدى الجامعات الألمانية سنة 2002, صرَّح بأن إنتاج النفط العالمي سوف يصل الى مرحلة الذروة سنة 2005. إن توقعات كامبيل التي كان البعض يدافع عن صحتها ودقتها قد بدت أقرب للتحقق حين غزت الولايات المتحدة العراق سنة 2003 لإسقاط ما تصفه بأنه حكم ديكتاتوري بينما كانت تروج أن للأمر علاقة بالسيطرة على منابع الطاقة العالمية. ولكن على أرض الواقع، غزو العراق سنة 2003 كان له علاقة بتصفية حسابات جيو-سياسية من أيام الحرب الباردة وتأكيد الهيمنة الأمريكية في مواجهة دول صاعدة مثل روسيا والصين.
خلال مؤتمر ضم مدراء وممثلين عن شركات التنقيب عن النفط عقد في العاصمة البريطانية لندن سنة 1999، تحدث ديك تشيني الذي كان يشغل منصب رئيس مجلس إدارة شركة هاليبيرتون, أكبر شركة خدمات نفطية في العالم, عن مجموعة من المسائل الحيوية المتعلقة بمصادر الطاقة العالمية خصوصا النفط والغاز. أولا، النفط هو مادة حيوية لا تتمتع بصفة الاستمرار والديمومة. الطلب على النفط سوف يزيد 2% سنويا في الوقت نفسه، إنتاج النفط سوف يتناقص بمعدل 3% وأنه بحلول سنة 2010, سوف يحتاج الاقتصاد العالمي الى 50 مليون برميل إضافية من النفط. ثانيا، النفط سلعة استراتيجية وحيوية للاقتصاد العالمي واستمرار حركة التجارة الدولية وأن حرب الخليج كانت مجرد انعكاس لذلك. ثالثا، شركات النفط الوطنية والحكومات تسيطر على ما مجموعه 90% من احتياطيات النفط المتلقية وأن قسما كبيرا من مصادر الطاقة يقع في دول إسلامية أو يدين قسم كبير من سكانها بالإسلام. وسيلة ديك تشيني المفضلة في سبيل انتزاع السيطرة على حقول النفط من الحكومات والشركات الوطنية كان شن الحروب ضد تلك الدول وهي السياسة التي بقيت مهيمنة على الاستراتيجية العسكرية الأمريكية خلال عهد ما بعد ديك تشيني وجورج بوش الابن.
سنة 1997، أي قبل سنتين من مؤتمر لندن، قام ديك تشيني بتأسيس مركز للأبحاث مع أحد السياسيين المقربين منه، دونالد رامسفيلد. ولقد كان أول عمل قام به المركز المعروف (the Project for the New American Century-PNAC) هو نشر رسالة مفتوحة الى الرئيس بيل كلينتون سنة 1998 تحرِّض على استخدام القوة العسكرية في سبيل تغيير النظام العراقي. الهدف المباشرة لم يكن بسبب الحاجة الى نفط العراق لسد فجوة في استهلاك الولايات المتحدة من تلك السلعة، السوق كان يعاني من تخمة في الإنتاج. بل كان الهدف التحكم بمن يشتري النفط العراقي وذلك لأهداف سياسية وخدمة لمصالح الولايات المتحدة. الحكومة العراقية خلال الفترة التي سبقت سنة 2003 قامت بالوقيع مع شركات تنقيب من روسيا، الصين، فرنسا ومنعت شركات النفط الأمريكية والبريطانية من الاستفادة من ثاني أكبر احتياطي نفط في العالم حيث لم تكن دوائر صنع القرار ولوبيات شركات النفط المقربة من تشيني-رامسفيلد مسرورة بذلك. وسائل الإعلام الغربية بالكاد ذكرت أن شركات النفط الأمريكية والبريطانية طردت من العراق خلال الفترة التي سبقت سنة 2003.
الإدارة الأمريكية بحثت عن أي ذريعة لغزو العراق سنة 2003. أحد تلك الذرائع كانت تقديم العراق الدعم لتنظيمات أصولية ومحاولة الربط بين ذلك وأحداث 11 سبتمبر. الذريعة الأخرى كانت أن العراق يقوم على تطوير أسلحة دمار شامل، لم يتم تقديم دليل واحد على ذلك الادعاء ولم يتم اكتشاف أي أسلحة دمار شامل في العراق. إن أول قرار أصدره الرئيس الأمريكي جورج بوش الابن فور مباشرته رسميا مهام منصبه كان بإنشاء فريق عمل تحت مسمى (called The National Energy Policy Development Group-NEPD) برئاسة نائب الرئيس ديك تشيني حيث كانت المهمة الأساسية المكلف بها هي التخطيط من أجل استراتيجية وطنية للطاقة في الولايات المتحدة. ديك تشيني وفريق عمله كانوا على اتصال دائم مع كبريات شركات النفط مثل إكسون موبيل، بريتيش بتروليوم، شيل، شيفرون، إنرون ومعهد الدراسات البترولية في الولايات المتحدة. ديك تشيني طلب وبشكل فوري خارطة مفصلة بكافة مواقع آبار النفط واحتياطيات العراق النفطية. وفي تقرير صدر عن فريق العمل (NEPD) كان ملخصه إن 55% من استهلاك الولايات المتحدة من النفط كان موزعا على الشكل التالي: كندا 15%، السعودية وفنزويلا 14% لكل منهما، المكسيك 12%. وبحلول سنة 2020, النفط المستخرج من منطقة الخليج العربي والتي تشمل إيران والعراق سوف تكون نسبته 54%-67% من الإنتاج العالمي. الولايات المتحدة لم تكن بحاجة كل ذلك النفط بل كان الهدف من استراتيجية الطاقة الأمريكية التحكم بحاجة الدول الأخرى الى النفط.
مع تمنياتي للجميع بدوام الصحة والعافية

النهاية

No comments:

Post a Comment