إن أحد أهم نتائج نهاية الحرب العالمية الثانية وبداية الحرب الباردة هي أن رئيس الإتحاد السوفياتي جوزيف ستالين بدأ بمحاولة التخطيط لسياسة مستقلة في مجال الطاقة تلغي اعتماد الإتحاد السوفياتي على النفط المستورد من دول غربية. وقد أصدر مدفوعا بعدة عوامل أوامره للعلماء السوفيات بإجراء دراسة شاملة لكل الجوانب المتعلقة بمصادر الطاقة خصوصا النفط والغاز. تلك العوامل كانت على سبيل المثال الإعلان عن تأسيس تحالف عسكري للدول الغربية تحت مسمى الناتو, قيام قوات تابعة للدول الغربية بالانتشار في دول مثل تركيا حيث يمكن توجيه ضربة عسكرية الى الإتحاد السوفياتي, خطبة الجدار الحديدي التي ألقاها رئيس الوزراء البريطاني ونستون تشرشل في مدينة فولتون في ولاية ميزوري الأمريكية, الحرب الكورية وبداية الحرب الباردة.
كبار العلماء من الإتحاد السوفياتي بدأوا العمل سنة 1950 على دراسة مفصلة عن النفط والطاقة بشكل عام. سنة 1951البروفيسور(Nikolai Kudryavtsev), أحد أبرز أعضاء الفريق العلمي السوفياتي نشر ورقة بحثية باللغة الروسية وتم تداولها حصريا في أوساط العلماء السوفيات حيث أحيطت بالسرية وكان موضوعها متعلقا بنظرية الأصل العضوي للنفط. الورقة البحثية كانت تنتقد النظرة التقليدية حول الأصل العضوي للنفط. ولقد تعرضت تلك الورقة البحثية للتدقيق والأبحاث المكثفة في الدوائر العلمية السوفياتية حتى سنة 1965 حيث عقدت عدة مؤتمرات تم نقاش تلك الورقة البحثية خلالها.
وحتى نكون أكثر دقة حول نظرية الأصل العضوي للنفط, فإنها تعود الى عام 1757 حيث تحدث العالم الروسي ميخائيل لوموسونوف أمام نظرائه في أكاديمية سانت بطرسبرغ للعلوم بأنها النفط يتشكل في طبقات صخرية نتيجة تعرض بقايا الحيوانات والنباتات الى ظروف من الضغط العالي والحرارة المرتفعة. تلك النظرية التي تم اعتمادها من قبل الجامعات والأكاديميات العلمية لم تتعرض للفحص والتمحيص بشكل جدي حتى سنة 1950 حيث بدأت الأبحاث السوفياتية حول أصل النفط وطريقة تكوينه. العلماء السوفيات إكتشفوا أن حجم الضغط الذي يؤدي الى تشكل النفط من الجزيئات الهيدروكربونية لايمكن أن يكون إلا في باطن الأرض على أعماق تبدأ من 35كم حيث لا توجد مكامن تقليدية أو مخزونات للنفط. كما أن النظرية الإحيائية(العضوية) بقيت قاصرة عن تفسير الاحتياطيات النفطية الضخمة في مناطق مثل حقل جواهر في المملكة العربية السعودية. النظرية الإحيائية المتعلقة بالأصل العضوي للنفط ليست إلا أحد أكبر عمليات الغش والخداع العلمي في التاريخ.
أحد أهم نتائج الاكتشافات والأبحاث التي يرجع تاريخها الى فترة حكم جوزيف ستالين الإتحاد السوفياتي والتي تثبت صحة النظرية اللاأحيائية أن هناك حقول نفطية تم إغلاقها جزئيا أو كليا تم إعادة ضخ النفط منها وبكميات تجارية. حقل روماشينكو في تتارستان هو أحد تلك الحقول التي تم إغلاقها جزئيا سنة 1991 بعد أن أصبح يضخ 99% ماء بدلا من النفط والغاز. ولكن تم إعادة إفتتاح بعض الأبار سنة 2007 حيث تم ضخ كميات من النفط الخام أثبتت التحاليل أنها تكونت على عمق يصل الى 15 كم من سطح الكرة الأرضية. إن ذلك يعني أنه يمكن إستغلال أبار النفط الى الأبد بحساب معدل إعادة إمتلاء البئر إستخراج النفط, ذلك كان ثورة علمية بكل المعايير والمقاييس. البروفيسور الروسي فيكتور كوتشيروف من جامعة النفط والغاز الحكومية والمعهد الملكي السويدي للتكنولوجيا تحدث عن السبب في الإنفجار في منصة التنقيب البحري في خليج المكسيك في الولايات المتحدة والتي كانت تتبع شركة بريتيش بتروليوم سنة 2010 كان ربما أن منصات الحفر قد وصلت الى أحد الشقوق الرئيسية(Migration Channels). وفي سنة 2012, حقق تحالف شركات نفطية بريطانية وبرازيلية أهم إكتشاف نفطي في تاريخ البشرية, حقل نفط تايبر(Tiber) على مسافة 50كم من موقع كارثة منصة الحفر البحرية التابعة لشركة بريتيش بتروليوم. إن هناك عددا من الأمثلة على حقول نفطية تم إغلاقها ثم عادت للإنتاج وبوفرة وذلك في الشيشان وحتى في الولايات المتحدة. أحد أشهر الأمثلة هي حقل (Pennzoil’s Eugene Island Block 330) في منطقة خليج المكسيك حيث انخفض إنتاجه الى 4000 برميل في أوائل الثمانينيات وتم إغلاقه مؤقتا بضعة سنين حتى تم إعادة الضخ منه بمعدل 13 ألف برميل وزيادة إحتياطي النفط في الحقل من 60 مليون برميل الى 400 مليون برميل.
مع تمنياتي للجميع بدوام الصحة والعافية
النهاية
No comments:
Post a Comment